حماية الأديان في أذربيجان

مارينا سوداح

كان لتصريحات السيدة مهربان علييفا النائب الأول لرئيس جمهورية أذربيجان، بشأن ضرورة إعادة ترميم التراث الثقافي الخاص (بكل الأديان دون استثناء) في الأراضي الأذربيجانية المُحرَرة، وقعٌ إيجابي عالمي شامل وردود أفعال غنية وثرية المضامين لدى أتباع الإيمان من مختلف الأديان السماوية، تقديرًا لنظام الحُكم والرئاسة والإدارة و وزارات الثقافة والإعلام الأذربيجانية.

لا بد لي من الإشارة في إطار الاهتمام الواجب بالأديان وقِيمها ومبادئها السّمحة، إلى أننا نحتفل حاليًا في وطننا الأردن العزيز والغالي، مسيحيين ومسلمين، بالعديد من المناسبات المسيحية في أجواء تسودها الطمأنينة والسلام، الذي أولاً يرعاه الله ويصونه لننعَم به، وثانيًا يتابع تجذره وتواصل إثماره اليانع والشامل جلالة مليكنا المُفدى سيدي عبدالله الثاني المعظم والعائلة الهاشمية التي تحمل على منكبيها المهمة الجليلة برعاية المقدسات في القدس، كأولوية هاشمية تاريخية، إضافة لتجذيرها الوئام في أرضنا الطهور فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية.

في باكو، أشارت السيدة علييفا إلى أن بلادها تتطلع صوب مشروع كبير، وضخم، وعالمي المعاني، وروحي المَرامي، ونقرأ في مُلخصه إعادة إعمار وإنعاش الأراضي المحرَرة من الاستعمار، وضمان العودة الآمنة للنازحين الأذربيجانيين إلى ديارهم التي كانوا قد أُجبروا على تركها خشية تمزيقهم إربًا وسَحلهم بطعنات الغزاة. علييفا استطردت، أن بلادها؛ ذات الغالبية المُسلمة؛ ستضطلع بهذه المهمة، واسترسلت بالقول: سنَقوم بإعادة إعمار المدن والقرى المدمَّرة.. سنُنشئ هناك مدارس.. سنُعيد ترميم التراث الثقافي المُنتمي ليس فقط للإسلام فحسب، بل ولكل الأديان أيضًا.

اللافت للانتباه، أن هذه المواقف التي أعلنت عنها السيدة علييفا قلّما يتبناها ويتطرق إليها أصحاب القرار في بعض دول العالم التي تُعلي مكانة الماديات على الروحانيات. تصريحات النائب الأول للرئيس الأذربيجاني جاءت في الجلسة الافتتاحية لاحتفالية منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، التي أدارها الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو. علييفا أماطت اللثام عن أن (الإيسيسكو) تستعد للعمل مع الحكومة الأذربيجانية في تقييم حالة آثار التراث الثقافي المتضرر خلال فترة الاحتلال التي استمرت لثلاثة عقود ونيّف.. وكشفت عن أن (الإيسيسكو) تدرس إمكانية تأسيس مركز إقليمي لها في أذربيجان، مما سيُعزز التعاون بين الجانبين في مجال العِلم من خلال تركيز اهتمامه على زيادة إشراك النساء والفتيات في العِلم إلى جانب المجالات الأُخرى".

إستعادة المحتل من الأرض الأذربيجانية وتوحيد تراب الوطن، ألهَمَ منظمة (الإيسيسكو) توسيع التعاون مع باكو، وربما مع غيرها من العواصم، لتفعيل أنشطتها الثقافية التي سيكون لها مردود أخلاقي وحضاري عالمي عميق وواسع المعاني والتفعيلات على الأرض، وبلا أدنى شك سيمتد بميزاته وإيجابياته إلى عصور قادمة وأجيال مُقبِلة من البشر، لكونه شفافًا ويتحلّى بالإنسانية، وبالإضافة إلى كل ذلك يتّسم بكونه ِعَمَلاً نَموذَجِيًّا يَفيض بالخَيْرِ على بَنِي البَشَرِ، وَيَتَجاوَبُ مَعَ ما يَنْبَغي أَنْ يَكونَ عَلَيْهِ سُلوكُ الإِنْسانِ المُتَحَلَى بضَمِيرٍ حَي.

حماية الأديان والمتدينين والمواقع الدينية هو واجب أخلاقي وحضاري، يتسم به الإنسان العاقل والمُتّزن والأنظمة السياسية المُدرِكة لدورها محليًا ودوليًا وإنسانيًا. لهذا، من المهم والضروري بمكان توحيد جهود المتدينين من أجل مستقبل سلمي للبشرية، ومنع التعدي على الناس وأفكارهم وعقائدهم الدينية منها والوضعية والمدنية أيضًا، والاستناد إلى الأخلاقيات الدينية الداعية إلى وَحدة الجنس البشري وأهدافه، وضمنها المساواة التامة بين الشعوب، وتطوير علاقات المنفعة المتبادلة بينها.
*كاتبة وناشطة دولية.
.....