"شابات وشباب الاردن قدرات وإمكانيات مغيبة "


راشد علي المعايطة

في معظم المؤشرات العالمية يقترن اسم الاردن بالفقر والأزمات المتلاحقة، ومع كل ذلك يعرف الاردنيين أن وضعهم يمكن أن يكون أفضل بكثير. فإلى جانب أن البلد تمتلك مقومات كافية، من شأن تحقيق السلام والأمن وتجاوز الأزمات المتلاحقة أن يجعل إمكانية استثمارها بشكل أفضل ممكنة في حال تم ذلك وفقًا لخطط تنموية مستدامة وملتزمة بمعايير الشفافية ومكافحة الفساد، لديها أيضًا كنز لم يتم استثماره بالشكل الأمثل حتى الآن وهم الشابات والشباب.

ومن المؤسف أن شابات وشباب الاردن لا يزالون مغيبين من المشاركة الفاعلة في المجتمع، ولم يتم تمكنيهم بشكل مناسب. ومع غياب أي مؤشرات واعدة في هذا السياق لا يبدو أن تهميش وإقصاء الشابات والشباب من مختلف المجالات عائد لأسباب جدلية، بل لتوجهات متعمدة. يدعم هذا القول الغياب المخيف في تمكين هذا القطاع الواسع على مستوى المشاركة السياسية في الحكومة وفي الأحزاب أيضًا. وما يجعل الأمر كارثيًا هو حرمان البلد من الاستفادة من طاقات وقدرات ما نسبته 33% من المجتمع الاردني.

والواضح أن المكونات السياسية ممثلة بالحكومة ومؤسساتها كما في الأحزاب قد فشلت فشلًا ذريعاً الا انه كان ممكن تحقيق مكاسب سياسية عديدة للشابات والشباب مثل: "إنشاء مجلس أعلى للشباب يُمنح الاستقلالية الكافية للعب دور توجيهي وإشرافي؛ عبر المشاركة في صياغة السياسات العامة والرقابة على تنفيذها بما يكفل حمايتهم من المخاطر الاجتماعية والصحية والعنف، والحرص على برامج التنمية ورفع القدرات ودعم الإبداع الفكري والتكوين الثقافي، وإيجاد سياسات وآليات واضحة لمشاركة الشباب من خلال هذه الهيئة في صنع القرارات العامة" وهو أمر لم يتحقق حق اليوم.

ما سمعته من بعض الشابات والشباب مؤخرًا تحدث عدد كبير عن أشكال عنف يتعرضون لها مثل الإقصاء، والتهميش، والتهديد، والاعتداء البدني، وتحميل الطاقات الشبابية فوق مقدورها، بالإضافة للاعتداء الجنسي والجسدي، والاعتداء الفكري، والقمع في استخدام الإنترنت، كما تحدثوا عن عنف نفسي جراء ممارسات وانتهاكات وتهديدات وضغوطات وحرمان من الموارد والفرص. وقالوا إن عنفًا من هذا النوع يُفضي بهم إلى الاكتئاب الشديد، ومن ثم -أحيانًا- إلى الانتحار، وإلى ذلك العنف الأسري ضد الشابات، وتحديدًا فيما يتعلق بالحرمان من التعليم، ومنعهن من السفر لأسباب متعددة.

وانا على يقين كامل ان "المجتمع الذي يقطع نفسه عن الشباب يقطع نفسه عما يمده بالحياة ويكون مكتوب عليه أن ينزف حتى يموت" وهذا هو المجتمع الذي يقيد الشباب ويمنعه من التعبير عن رأيه ولا يسمح له بالمشاركة في القضايا التي تهمه سواء السياسية أو الاجتماعية الاقتصادية أو غيرها، مما يجعل الشباب يصبحون في مثل هذه المجتمعات مجرد عنصر تابع غير مؤثر وغير منتج وغير آبه بمصير بلاده.