الحلقة الأولى 

تجاوزات وسرقات في مكب النفايات الخطرة (سواقة) .. بحماية وزارة البيئة ؟!

الأنباط – سامر نايف عبد الدايم

تعتبر إدارة المواد والنفايات الخطرة مشكلة بيئية حقيقية في الأردن، حيث بدأت تأخذ اهتماماً أكثر فأكثر من قبل الحكومة. وقد أصدر الأردن قوانين وتشريعات للإدارة والسيطرة السليمة على المواد الخطرة، حيث حددت القوانين الأردنية الخطوط الرئيسية لإدارة النفايات الخطرة، غير إن التوجيهات لتنفيذ تلك القوانين والتشريعات في الأردن ما زالت غير مفعلة بشكل كامل ويمكن وصفها بالعشوائية في طريقة التعامل مع قضية النفايات الخطرة والسامة . 

مكب النفايات الخطرة (سواقة) الواقع جنوبي المملكة والذي تشرف علية مديرية النفايات الخطرة في وزارة البيئة تعتبر من المناطق الخطرة في حال عدم إيجاد حلول ناجعة لمعالجة آلاف الأطنان من النفايات الخطرة المخزنة، والتي ما تزال تنفث سمومها عبر الحرائق المشتعلة هناك بصورة مستمرة على مدى الأعوام الماضية.

تجاوزات وسرقات

تقرير ديوان المحاسبة للعام 2019 كشف عن فقدان كمية كبيرة من سبائك الرصاص المصادرة حيث لم يتم حصر تلك الكميات المسروقة او المتبقية من سبائك الرصاص من قبل لجنة التحقيق المشكلة. وجرى تقدير كمية المسروقات من 30-40  طناً، وذلك من قبل مدير وحدة الرقابة الداخلية منفردا !! وبكلفة تقديرية لهذه الكمية بلغت 60.000 دينار. وما فعلته وزارة البيئة انها طمرت المتبقي من كمية السبائك المصادرة من دون تشكيل لجنة حسب الأصول. كما يشار الى عدم وجود سجلات رسمية وأصولية لدى وزارة البيئة تتعلق بمكب النفايات سواقة لغايات مراقبة وضبط كافة ادخالات المكب، سواء من النفايات الخطرة او العينية، خلافا للقانون.

وأظهر التقرير عن وجود مواد مسرطنة، إضافة إلى أخرى قابلة للاشتعال في أي لحظة، في مكب السواقة لعدم وجود معالجة لكافة النفايات الخطرة في المكب، حيث تم الاكتفاء بتجميعها داخل حدود المكب بصورة عشوائية وغير منظمة من خلال أكوام متفرقة وموزعة داخل المكب. ويضيف التقرير، أن من بين تلك المواد الخطرة، مخلفات المختبرات المشتعلة، وهي مواد قابلة للاشتعال، تتم معالجتها من خلال التخزين فقط، وطبليات من الخشب متشربة مادة (KOH)، وهي مادة تشتعل مع الرطوبة والماء، ويتم معالجتها من خلال التخزين فقط، ومن المتوقع اشتعالها في أي لحظة بموسم الشتاء. 

كما يحوي المكب، مادة الأسبست من صوامع العقبة، ومصفاة البترول وشركة لافارج، وهي مادة مسرطنة يمنع تداولها، وموجودة داخل المكب وتتم معالجتها بالطمر فقط. ولا يتم عزل النفايات التي تحتاج إلى معالجة كيميائية وفيزيائية أو حرقها، وإنما يتم الاكتفاء بطمر جزء منها في أحواض مبطنة والباقي يترك دون طمر في المكب، كما يكشف التقرير، عن عدم معالجة تركيبة النفايات الخطرة حسب أنواعها، بطريقة الإتلاف الصحيحة.

حرائق وأمراض سرطانية متعددة 

نظراً الى سوء تعامل وزارة البيئة في طريقة التخلص من النفايات الخطرة داخل المكب نتج عنها العديد من الحرائق والعديد من المواطنين اشتكوا من انبعاث روائح كريهة يوم حادثة حريق مكب النفايات الخطرة في سواقة ولا تعد هذه المرة الأولى التي يشب فيها حريق في مكب سواقة، وفق ما تداولته وسائل إعلام سابقا، إذ شب حريق مماثل في العام 2012. تحدث اعراض ثانوية ناجمة عن انتقال وتحول العناصر السامة الناتجة عن التعامل الطائش مع نفايات خطرة والتخلص منها بشكل غير مأمون، حينما ترشح مثلاً الى مصادر المياه أو أوساط بيئية أخرى، مثل الهواء والماء والتربة وسواها، ملوثة مصادر مياه الشرب، ومتراكمة ربما داخل السلسلة الغذائية.  وللأسف المكب أصبح مكانا لتخزين النفايات الخطرة فقط دون العمل على التخلص منها ومعالجتها، حيث هنالك حاجة لإنشاء وحدات معالجة فيزوكيمائية، وأخرى لحرق النفايات بطرق علمية، وهو ما لم تقم بتنفيذه وزارة البيئة حتى هذه اللحظة !!

تجاوزات وزارة البيئة في معالجة النفايات الخطرة

تقرير ديوان المحاسبة كشف العديد من التجاوزات بعد تقييم اداء ادارة النفايات الخطرة في وزارة البيئة ابرزها عدم وجود نظام متكامل لإدارة النفايات الخطرة (الصناعية والطبية) يحدد من خلاله ادوار جميع الجهات ذات العلاقة والية التنسيق والمتابعة لتنفيذ السياسات العامة والبرامج التنفيذية التي من شأنها زيادة فاعلية تنظيم وإدارة النفايات الخطرة حيث يشكل تهديداً للبيئة والنظم الحيوية ويؤثر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للوزارة والقطاع البيئي .

كما لم يتضمن نظام إدارة المواد الضارة والخطرة ونقلها وتداولها رقم 24 لسنة 2005 تعريف مباشر للنفايات الالكترونية حيث اقتصرت الإشارة إليها في الدليل الإرشادي للنفايات الالكترونية المنبثق عن اتفاقية بازل.

لا يوجد لدى وزارة البيئة نظام رقابة وتفتيش يقوم على متابعة القطاعات المعنية بالتخلص من النفايات الخطرة حسب الأصول ولا يتم تفعيل التشريعات المتعلقة بالنفايات الخطرة خاصةً فيما يتعلق بالعقوبات والمخالفات على مولدي هذه النفايات بالأخص المتعلقة بالشركات التي لا تستفيد من الإعفاءات الضريبية .

** في الحلقة الثانية سيتم الكشف عن التجاوزات في ملف النفايات الخطرة ، ومنح التصاريح الحصرية من خلال متنفذين في وزارة البيئة ..انتظرونا