اختتام دورة تدريبية عن مهارات استخدام الدراما في التربية والتعليم

انهى مئة معلم ومعلمة دورة تدريبية عن مهارات استخدام الدراما في التربية والتعليم من إربد والكرك وعمان، ضمن مشروع "استخدام الفنون في تعزيز الإبداع والقيم الإنسانية والمواطنة الصالحة" الذي نفذه المركز الوطني للثقافة والفنون في مؤسسة الملك الحسين بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم ودعم وزارة الخارجية النرويجية.
وقال وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي خلال رعايته الحفل الختامي للدورة في مسرح المركز الوطني للثقافة والفنون، بحضور الأمينين العامين للوزارة الدكتور نواف العجارمة والدكتورة نجوى قبيلات، والسفيرة النرويجية في الأردن تونه أليش، والمديرة التنفيذية لمؤسسة الملك الحسين هنا شاهين، وأعضاء اللجنة الاستشارية العليا في وزارة التربية والتعليم، إن الوزارة تؤمن بضرورة بناء شخصية الطالب بناء متوازنًا، فعمدت إلى تخصيص 20 بالمئة من الخطة الدراسية للأنشطة المختلفة يمارس فيها الطالب أنشطة متنوعة تغني شخصيته وتصقلها بجميع جوانبها العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية في بيئة تعلمية رحبة جاذبة، تبث فيها روح الإيجابية، وتذكي الحماس نحو التعلم والعمل، والانخراط مع الجماعة، وتمده بالصحة النفسية. وأضاف أن ارتباط الفن بالتربية والتعليم بوصفه واحدا من الأنشطة التعليمية المعتمدة، ارتباط وثيق مثبت بالدراسات العلمية وبالواقع المنظور الذي نراه في المشهد التعليمي على مستوى العالم الذي يشهد ممارسات تعليمية تستخدم فيها الفنون المنبثقة عن ثقافة المتعلم وبيئته في إدارة عملية التعليم ذاتها، لتجعل من الطالب أكثر تقبلا للتعلم، وأشد إقبالا على تلقي المعرفة، ولتزيد من تفاعله في عملية التعلم بإسهامه الحقيقي في بنائها والمشاركة فيها.
وأوضح أن الوزارة ركزت في النتاجات العامة والخاصة لمناهج التربية الفنية على إكساب الطلبة مهارة تذوق الجمال والإحساس بمكوناته؛ ما يعزز لديهم القدرة على النقد المتوازن المبني على التحليل العلمي المنظم، وركزت أيضا على أن تنمي في المتعلم المهارات الفنية اللازمة لتسعفه ليسهم في الإنتاج الوطني العام عن طريق إنتاج الأعمال الفنية باستثمار الخامات المتوفرة في البيئة الأردنية من منطلق أن الفن يشكل بذاته طاقة إنتاجية.
وبين خلال الحفل الذي حضره المعلمون والمعلمات مباشرة عبر منصة (زووم) أن هذا المشروع يُعنى على وجه الخصوص بالدراما التعليمية المرتبطة بصورة أو بأخرى بالمسرح الذي هو أبو الفنون جميعها، مشيرا إلى أهمية الدراما في التعليم لقدرتها البالغة على التأثير في المتعلمين، وتلبية حاجاتهم المختلفة وإثراء تعلمهم؛ إذ تنقل المتعلم من تلقي المعرفة إلى المشاركة الإيجابية في عملية التعلم، وتعزز فيه القدرة اللغوية، وتبني فيه الوعي الاجتماعي عن طريق لعب الدور، وتساعده على نمذجة سلوكه الإيجابي عن طريق تقمص السلوك المُشاهد، بالإضافة إلى ما تغرسه في المتعلم من قيم التواصل والمثابرة والتعاون، وما تنميه فيه من مهارات كالتفكير الإبداعي وحل المشكلات.
وأشار إلى أن الدراما التعليمية تقوم على أساسين؛ أولهما الدرامي الذي يهتم بتحقيق العمل للمعايير التي تتفق مع الأسس التربوية، وثانيهما التربوي الذي يهتم بتحقيق المحتوى للنتاجات التعليمية المتوخاة، وما يتبع ذلك من استعداد المتعلم وإمكانات المدرسة.
وأوضح أن الدراما التعليمية تشكل وسيطا للتعليم تقوم على ممارسة الطالب للمعرفة في سياق درامي، وهي بذلك وسيلة خلاقة في كثير من الأغراض التعليمية، لقدرتها الفاعلة على إظهار مهارات الطلبة وصقلها عن طريق تجسيدهم لمواقف درامية متنوعة تقودهم إلى الفهم.
وأضاف، أن دور المعلم في الدراما التعليمية دور مفصلي، ومن الأهمية بمكان أن يمتلك كفايات الدراما التعليمية بشقيها الإداري والفني، فعليه تقع مسؤولية الإشراف على العمل الدرامي بما يحمله من محتوى تعليمي، والتأكد من مناسبة هذا المحتوى للسياق التربوي التعليمي الذي أعد من أجله، والنتاجات المرجوة من هذا المحتوى، ومن تحقيق العمل للمعايير المعتمدة للجودة، وغير ذلك من الأمور التي تقع في هذا المضمار.
وفي ختام كلمته، أعرب الدكتور النعيمي عن شكره للسفارة النرويجية على دعمهم المشروع، ولمؤسسة الملك الحسين والمركز الوطني للثقافة والفنون وإدارة النشاطات التربوية ممثلة بقسم المسرح والموسيقى على جهودهم المبذولة، وللزملاء المعلمين المشاركين في هذا المشروع، مؤكدا الثقة بأنهم سينخرطون بجد في هذا المشروع وسيخرجون بكفايات ومهارات تحدث أثرا ملموسا في طلبتهم بكل همة واقتدار. من جهتها، أعربت السفيرة النرويجية عن اعتزازها بالشراكة القائمة مع وزارة التربية والتعليم والمركز الوطني للثقافة والفنون التي تمثلت في تنفيذ هذا المشروع الرائد، مشيرة إلى الدور المهم الذي يضطلع به المعلم في هذا المشروع، ومتمنية تحقيق الأهداف المتوخاة منه.

بدورها، أكدت مدير عام المركز الوطني للثقافة والفنون لينا التل، اعتزاز المركز بالشراكة المميزة مع وزارة التربية والتعليم منذ سنوات عدة والتي تمثلت في إثراء العملية التعليمية من خلال برامج ومسرحيات تربوية طبقت في المدارس، معربة عن جزيل الشكر لوزارة الخارجية النرويجية على دعمها للمشروع.
وأضافت أن النجاح الكبير الذي شهدناه من عقد هذه الدورات والأثر الإيجابي على المعلمين والمعلمات، فتح المجال أمامنا للتوسع في عقد هذه الدورات التدريبية لــــ 500 معلم ومعلمة على مدى ثلاث سنوات بدعم من مؤسسة دروسوس السويسرية، كما جرى وبدعم من الخارجية الأميركية تصوير أنشطة الدليل وإنتاج فيديو مصاحب له يتضمن تطبيقات عملية للأنشطة، حتى يتمكن المعلمون والمعلمات من اللجوء لها لتوضيح أسلوب وآلية التطبيق العملي مع الطلبة داخل الغرفة الصفية والاستفادة منه للأجيال القادمة.
واشتملت الدورات التدريبية التي عقدت في الفترة من 22 شباط إلى 7 حزيران الماضي بواقع 50 ساعة تدريبية على أنشطة دليل الدراما في التربية والتعليم للصفوف من الأول حتى السادس وعددها 88 نشاطا، جرى إعدادها وإنتاجها من قبل مختصين في المركز الوطني للثقافة والفنون وبإشراف اللجنة الاستشارية العليا من وزارة التربية والتعليم، بهدف تأهيل كفاءات متخصصة من المعلمين والمعلمات ليتمكنوا من تطبيق الأنشطة عمليًا مع الطلبة، وحصل كل معلم ومعلمة على شهادة مصدقة من المركز الوطني للثقافة والفنون ووزارة التربية والتعليم وباعتماد من المعهد الدولي للمسرح ( ITI ) يونسكو.
وتضمن الاحتفال عرض فيلم وثائقي ألقى الضوء على منهجية التدريب ونتائجه على المعلمين والطلبة، وعرض مشهد من المسرحية التفاعلية "ضو" من قبل الفريق الوطني للمسرح التفاعلي، بالإضافة إلى عرض فنون شعبية بمصاحبة موسيقى وغناء تخت شرقي ورقصة "الدانوب الأزرق" على موسيقى شتراوس من قبل فرقة مسك.
والقى مسؤول النشاطات الفنية في مديرية التريبة والتعليم للواء ماركا إبراهيم الهدبان كلمة بهذه المناسبة نيابةً عن المعلمين والمعلمات في محافظة العاصمة، بالإضافة إلى كلمات المعلمين والمعلمات من إربد والكرك في بث حي ومباشر عبر منصة زووم.
وفي ختام الحفل جرى تسليم دليل "الدراما في التربية والتعليم" للدكتور تيسير النعيمي وللسفيرة النرويجية.
ويأتي تنفيذ هذا المشروع استنادا إلى قرار وزارة التربية والتعليم في عام 2018 بتخصيص 20% من المنهاج للأنشطة اللامنهجية تغطي حصتين مقررتين ضمن برنامج الدروس الأسبوعي، واهتمامها بتعزيز الأنشطة المتعلقة بالفنون الأدائية بوصفها المكمل للعملية التعليمية والجانب الأبرز والأهم للفعل التربوي، وإكساب الطلبة مهارات التفكير الناقد والابتكار والتعبير الإبداعي وحل المشكلات وتعزيز مهارات الاتصال والتواصل وتنمية الذوق الفني والجمالي لدى الطلبة.
واشتمل المشروع على إنتاج المسرحية التفاعلية "ضو" بهدف تعزيز قيم التسامح وفن التواصل والمهارات الحياتية، والحل السلمي للنزاعات من خلال أربعة مشاهد تسلط الضوء على معضلات القيم والإيديولوجيات المتضاربة وتأثيرها على المجتمع، وتقديم 45 عرضا لطلبة المدارس استفاد منه 2238 طالبا وطالبة.
يذكر أن المركز الوطني للثقافة والفنون التابع لمؤسسة الملك الحسين يمتلك سجلاً حافلاً بانجازاته المتعددة على مدار 33 عاما نظرا للخبرة الكبيرة والاحترافية في تقديم نماذج إبداعية مبتكرة في كيفية استخدام الفنون الأدائية لإثراء العملية التعليمية والتنمية الاجتماعية بالمملكة والوطن العربي.
وأنتج المركز مسرحيات تفاعلية هادفة تعالج العديد من القضايا الاجتماعية لفئات المجتمع من خلال الفريق الوطني للمسرح التفاعلي، منها "نقطة ... وسطر جديد"، "توازن"، "موقف باص"، و"ضو"، حضرها منذ عام 2018 حتى العام، نحو مئة ألف شخص من مختلف الفئات العمرية من طلبة المدارس والجامعات والمراكز المجتمعية.
ويمنح المركز تدريبا أكاديميا محترفا للأطفال والشباب في مجال الفنون المسرحية وفنون الرقص باعتماد دولي، ويستفيد من المركز نحو 80000 شخص سنويا.
--(بترا)