5 سنوات على قانون حماية اللغة العربية وما زالت الانتهاكات مستمرة
خمس سنوات كاملة مضت فيما لا يزال مَجْمَع اللغة العربية ينحت بالصخر لحماية اللغة العربية متسلحًا بقانون ومواده الثمانية عشرة دون أن يحقق طموحاته، ليمر بكلِّ مُرِّ يوم اللغة العربية العالمي هذا العام وآليات حماية هذه اللغة "عرجاء ومشوهة"، لأسباب عدة منها أنَّ قانونها بحاجة إلى آلية إنفاذ.
خمس سنوات كاملة، مضت على تشريع قانون حماية اللغة العربية في الأردن، لكنَّه ينتظر التَّطبيق الفعلي والإنفاذ، فعقوبة الانتهاك ضدَّ اللغة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار حسب القانون، ومع ذلك لم تُصَّحح الأخطاء التي تملأ الشَّوارع، وغابت العقوبة عن كلِّ المخالفين للكتابة بلغة سليمة، ولا جهة محدَّدة للقيام بالشَّكوى.
18 مادة قانونية صدرت قبل 5 سنوات، لكنَّها لم تقدم خدمة جليلة للغة العربية التي يحتفل الأردن غدًا بيومها العالمي الذي يُصادف في 18 كانون الأول من كلِّ عام، بحسب قرار لمنظمة الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
تحقَّقت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) من خلال رصد على مدار 5 أيَّام في عدد من المدن الأردنية، من حال اللغة العربية فيها، وتبين وجود مخالفات عديدة لاستخدام اللغة العربية السَّليمة، بل وطمسها في أحيان كثيرة من خلال استخدام أسماء أجنبية لمحلات ومؤسسات تجارية لم يجد المالك أو المسؤول عن ترخيصها دافعا ذاتيا أو قهريا لتعريبها أو إسباغ الاسم العربي عليها.
وسألت (بترا) مالك أحد المحلات التجارية في العاصمة عمَّان تفرض أدبيات المهنة وأخلاقياتها عدم ذكر اسمه واسم شركته، لماذا أطلق على مؤسسته إسما أجنبيا لا علاقة له بالثقافة الوطنية أو المحيط العربي، فأجاب بأنَّ لا أحد يملك قرار محاسبته بدليل أنه قام بكلِّ الإجراءات القانونية الرَّسمية للترخيص على هذا النحو. أسماء أجنبية، وأخطاء في الكتابة على "آرمات" تطالعنا في الشَّوارع وواجهات المحلات التِّجارية، كلها مرَّت من أمام قانون حماية العربية الذي لم يحرك ساكنًا، فهو مقيد وضعيف وصلاحياته تائهة بين الجهات المختصة.
دلائل عديدة على انتهاكات قانون حماية اللغة العربية رقم 35 لسنة 2015، ومستمرة رغم صدور القانون يوم 7 كانون الثَّاني عام 2015 بعدد الجريدة الرَّسمية رقم 5347.
وتكتسي المادتان 6 و 16 من هذا القانون أهمية كبيرة لحماية اللغة، لكنها لم تقدِّم للعربية أيَّة خدمة طيلة السَّنوات الخمس الماضية، وهي المواد 6 و 16 و 17، حيث تنص المادة 6 على تسمية المؤسسات التجارية والمالية والصناعية والعلمية والاجتماعية والخدمية والتَّرفيهية والسِّياحية وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة والأهلية بأسماء عربية سليمة، فيما تعاقب المادة 16 من القانون كل من يخالف مواده الـ 18، بغرامة مالية لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار، وتشكل لجنة من مجمع اللغة العربية ووزارة الصناعة والتجارة والتموين ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم وهيئة الإعلام، لتوفيق أوضاع المؤسسات المخالفة وفقا لأحكام هذا القانون خلال مدة لا تزيد على عام واحد من تاريخ نفاذ القانون.
غير أن "مجمع اللغة العربية ينحت طيلة 5 سنوات بالصَّخر بمعاول من خشب لحماية هذه اللغة الجليلة والعظيمة"، يقول أمين عام المجمع الدكتور محمد السعودي لـ (بترا)، مشيرا الى أنَّ القانون لم يصدر له نظام لاحق، وكانت الحجة انَّ القانون لا يحتوي على أيَّة مادة تشير إلى هذا النِّظام صراحة.
وأضاف، القانون وضع لحماية اللغة العربية حقًا ويجب أن يصدر معه نظامان، الأول امتحان الكفاية وهذا صدر وفُرض وتم تطبيقه وتم إجراء امتحان لأكثر من 26 ألف شخص وتراوحت نسب النجاح بين 65 -70 بالمئة، في حين بلغت نسبة النجاح في بعض دورات الامتحان الى 95 بالمئة.
وأشار الى أنَّ من ايجابيات هذا الامتحان إعادة كثيرين الى اللغة العربية ودراستها والاستعداد للامتحان بهدف تصحيح كثير من الخلل في اختيار واستخدام المفردات وتصحيح نطقها وكتابتها. ولفت السعودي إلى أنَّ امتحان كفاية اللغة العربية يتم العمل على تطويره وصولا الى قياس 7 مهارات، وهذا مهم جدًا، فالغرب يفرض على كل الطَّلبة امتحان مستوى اللغة الانجليزية تصل مدة بعض هذه الامتحانات الى 4 ساعات، بل ويتم دفع أموال طائلة لدورات والاستعداد لها، بينما لا تحظى العربية بامتحانات أولا لها، وهذا ما يجب أن يتنبه له الأردن.
وقال، انَّ النظام الثاني الذي يجب أن يصدر مع القانون، هو نظام موافقة الأسماء للمحتوى العربي وهو الأهم لتأكيد اللغة العربية كهوية للأمة في الأسواق والشوارع والنشر في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، لكن هذا النظام لم يصدر حتى الآن ما جعل قانون حماية اللغة العربية "أعرج" ومشوها.
وأشار إلى أنَّ اللجنة رصدت وعلى مدار عامين المخالفات وتم تصويرها وتقديمها بالدليل للجهات المعنية، لكن لم يحدث شيء، وخاطبنا جهات نعتقد أنَّها جزء من المسؤولية في حماية اللغة بحسب القانون، لكن لم أيا منها لم يستجب لأية مذكرة من المجمع.
المحامية المختصة بالملكية الفكرية همس مدانات تقول، إنَّ قانون حماية اللغة العربية لا توجد له آلية إنفاذ فيما يخص المخالفين، أي أنه لا وجود لنظام يبين ذلك ويحدد الجهة المسؤولة عن ذلك.
وأضافت، ان القانون في إطاره العام ممتاز، لكن لا يوجد تطبيق فعلي له، فلا أحد يعلم من هي الجهة المسؤولة عن إنفاذه، وهناك أمثلة عديدة على التعديات على اللغة والتي يحاسب عليها القانون، مؤكدة أنَّ القانون بحاجة الى نظام يحدد جهات الاختصاص في الشكوى وأصحاب الحق بإقامة الدعوى على المخالفين، وبحاجة لربط هذا القانون مع القوانين الأخرى التي ترتبط به.
ولفتت مدانات إلى انَّ الكتابات باللغة العربية ليست فصيحة ولا سليمة أو بليغة وهذا أحد مبررات إصدار قانون حماية اللغة العربية.
ويتحدث اللغة العربية بحسب منظمة الأمم المتحدة أكثر من 400 مليون شخص يوميًا، وقرَّرت الاحتفال بها يوم 18 من كانون الأول من كل عام، لأنَّه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة رقم 3190 / د / 28 بتاريخ 18 كانون الأول عام 1973 والمعني بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
وتؤكد الامم المتحدة أن التطورات التكنولوجية والاستخدام المكثف للغات العالمية مثل الانكليزية والفرنسية أدَّت إلى تغيرات عديدة في استخدام اللغة العربية وعلى نحو متزايد، وبدأت هذه اللغات الأجنبية تحل محل العربية في التواصل اليومي وفي المجال الأكاديمي، وتراجع لذلط استخدام اللغة العربية الفصحى، حيث يستخدم عدد متزايد من الناس اللهجات العربية المحلية، ونتيجة لهذا التحول، توجد حاجة ملحة لصون سلامة اللغة العربية الفصحى من خلال جعلها متوافقة مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير اليوم.
ويتيح اليوم العالمي للغة العربية هذا العام فرصة للتأمل ومناقشة كيفية مبادرة المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في تمكين اللغة العربية وترسيخ استخدامها على النحو السليم؛ لتساعد في إحياء اللغة العربية الفصحى وتعزيزها لأهميتها في جميع أنحاء العالم.
--(بترا)