خبراء يدعون لتطوير نُظم العدالة الجنائية لتصبح أكثر مراعاة للنوع الاجتماعي

 دعا خبراء وخبيرات في العدالة الجنائية والسلطة القضائية يمثلون جهات رسمية وغير رسمية، إلى تطوير نظم وفلسفة التشريع في العدالة الجنائية الوطنية وخاصة العقابية وجعلها أكثر مراعاة للنوع الاجتماعي.
جاء ذلك، في جلسة حوارية عقدتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني اليوم الخميس بعنوان "هل يمكن اعتبار العنف الواقع على النساء دافع لارتكاب الجرائم المعاقب عليها بالاعدام "، عبر تقنية الاتصال المرئي، وفق بيان صادر عن تضامن .
وشارك في الحوارية، التي أدارتها الرئيسة التنفيذية للجمعية المحامية أسمى خضر، وزير العدل الاسبق الدكتور عوض أبو جراد، والمدعي العام المتخصص بالمحاكمات العادلة الدكتور عمار حنيفات، ومفتشة المحاكم النظامية في الأردن القاضية سهير الطوباسي والخبير في علم الاجتماع الدكتور حلمي ساري، والقاضية الكنسية كريستين فضول، و القاضي الكنسي فارس الهلسة، والمحامياتان تغريد الدغمي وسلام الزعبي.
وقالت خضر، إن الحوارية، تهدف إلى الإضاءة على جوانب جديدة في إطار البحث عن العدالة الجنائية للنساء والفتيات، خاصة المحكومات بالإعدام وفي إطار مشروع الجمعية "سيادة القانون والمحاكمات العادلة من منظور النوع الاجتماعي".
ودعا المشاركون المشرّع الأردني إلى تطوير إطار وطني للحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وأن يُراعي القضاة أعمال سلطاتهم التقديرية في تخفيف عقوبة الإعدام على النساء والفتيات، في حالة وجود سلسة من العنف التاريخي ضدهنّ وثبوتة بأدلة قاطعة يتفق عليها خبراء في علم النفس والاجتماع والصحة العامة، معوّلين على دور المحامين والمحاميات في تثبيت ذلك العنف بقرائن وأدلة علمية يعتدون بها في دفوعهم.
وقال الدكتور عوض أبو جراد: "للأسف إن الفهم للأسباب المخففة التقديرية ما زالت في بعض الحالات تعتمد على اسقاط الحق الشخصي، وعليه لا بد من التوسّع في مفهوم الأسباب المخففة التقديرية اعتمادا على الظروف الاجتماعية والانسانية للجانية"، حيث قدّم أمثلة واقعية لقضايا تعامل معها عندما كان رئيسا لمحكمة الجنايات الكبرى.
ويرى الدكتور أبو جراد، بأن الأسباب المخففة التقديرية جاءت عامة للرجال والنساء على حد سواء، مضيفا أنه وللإجابة على عنوان الحوارية يجب أن يكون هناك تأطير تشريعي يخص المرأة عندما يثبت يقينا بأدلة وبينات أن هناك عنف مستمر وقع عليها.
بدوره، اعتبر الدكتور عمار حنفيات أن موضوع تخصص القاضي الجزائي ورغم أهميته إلاّ أنه أحيانا ينعكس سلبا على القاضي ذاته، موضحا أنه "لا يجوز لنا ونحن على أبواب العام 2021، أن القاضي ما زال يعتمد على اسقاط الحق الشخصي لغايات تخفيف العقوبة، فهذا موضوع يجب أن يتجاوزه أي قاضي نحو خيارات أوسع لتحقيق العدالة بأبهى صورها".
من جانبها، أوضحت القاضية الطوباسي، أن الأسباب المخففة التقديرية ليست من أشكال الرأفة بالمتهم، وإنما أسلوب ونص تشريعي وضع بيد القضاء من أجل إعمالها بالشكل الصحيح ومع الشخص الصحيح؛ بهدف إعطاء العقوبة الملائمة لجسامة الجريمة، وهو أسلوب تشريعي يجب الأخذ به.
وشددت القاضية الطوباسي على أهمية وضع إطار وطني فعّال لحماية النساء من العنف، وإجراء مراجعة شاملة لجميع التشريعات بالمجال، والنص صراحة على اعتبار متلازمة المرأة المعنّفة أحد الأمراض النفسية التي توجب على المحاكم التعامل معها.
ودعا الدكتور ساري إلى أهمية وجود دراسات وأبحاث علمية واجتماعية معمّقة في هذا المجال، سيما وأن الأسباب والدوافع لارتكاب النساء القتل متشابكة ومعقدة ولا تشغل بال القضاء أو الباحثين؛ لأن المجتمع ذكوري معني بجرائم الرجال.
وشدّدت المحامية تغريد الدغمي على تغيير نهج الدفاع لدى المحامين والابتعاد عن النهج التقليدي، بابتكار استراتيجية دفاع تستند على الأعذار المخففة وتدعيمها بالنصوص القانونية والأدلة والبينات.
وأشار كل من القاضية فضول والقاضي هلسة والمحامية الزعبي، إلى تفعيل قانون الحماية من العنف الأسري، ووجود المحامي عند تقديم الإفادات الأولى في المراكز الأمنية، وأن يسبق تقديم الإفادة تلاوة الحقوق، وإلى ضرورة إعمال القضاة بروح القانون وليس نصه.