يَلينا نيدوغينا تكتب:"ناديجدا" تَجُولُ في الكَرَكِ
"ناديجدا" تَجُولُ في الكَرَكِ
يَلينا نيدوغينا*
لم يكن يوماً عادياً في حياتنا أن نتوجه صوب الكرك في زيارة متميزة على نفقة وزارة السياحة والآثار بوزيرها الهمّام وكادرها المهني الرفيع المستوى، فهي تستحق منّا ومن سُيّاح المملكة الأردنية الهاشمية الإشادة الكبيرة بالنموذج السياحي الأردني، الناجح بجهودها العامرة بالجديد دوماً والموصولة لترويج الأردن بروافع عديدة، منها هيئات محلية وعالمية ناشطة إعلامياً وعَملانياً على الأرض، وضمنها نادينا النشط. لقد بهرتنا الكرك العريقة وقلعتها الشامخة شموخ الأردن، والقابعة بأبهةٍ وكبرياء على قمة عالية، تَطل على المنطقة برمتها، وتُشرف على جهاتها الجميلة ومزارعها الواسعة وبساتينها الغنّاء.
زيارتنا لقلعة الكرك كانت الأولى لنادينا الثقافي المحلي - "ناديجدا" لصديقات الثقافة الروسية، والناطقات باللغة الروسية المتحدّرات من مختلف جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق. لقد استمتعنا جداً بتاريخ وواقع القلعة الضخمة والكرك العريقة.
خلال هذه الرحلة تعرفنا على منطقة أردنية جديدة وآثار لم تشاهدها عيوننا من قبل، لكنها في واقعها العجائبي وحجارتها الكَهلة وبنائها القديم عريقة تاريخياً إنسانياً، فهي جزء من عصور غابرة، إذ "تقاطر" على القلعة تشييداً، فبناءاً، فتدميراً، فإعادة بناء فارتفاع عمران، قبائل وشعوب ودول كثيرة، ضمنها الأنباط العرب العريقين، وتعاقبت عليها حملات احتلالية من سلاطين لا عدّ لأسمائهم.
في ثنايا صخور قلعة الكرك بجبروتها وثِقلها الاسطوري المُذهل، نقرأ بشغف تاريخاً للغاتٍ وشعوبٍ ودول إقليمية وأخرى أوروبية انجذبت لشرور أطماعِها في هذه المنطقة الأردنية، فقد تطلع الأجنبي بعيونه النهمة إلى هيمنةٍ عليها وعلى ذخيرتها وأزهارها اليانعة وباطنها الذهبي على مدار حقباتٍ زمنية طويلة متلاحقة، ليخرج بعدها مرغماً وذليلاً ومُجَرجِراً أذيال الخيبة، وحاملاً أوعية بكاء مرير.. فقد اكتسحهم الموت وكان الفناء مصيرهم، فلم يتمكنوا من استعباد أهل الكرك الأبطال كما حَلموا، فكان أن طردوا شرّ طردة من التراب الأردني الطهور، ليعودوا إلى منطلقاتهم مُدماةً أجسادهم وأرواحهم كما لم يكن في إدمائها في أية زاوية من زوايا الأرض الأربع التي واصلت ملاحقتهم، برغم هروبهم منها مهرولين نحو ظُلمة الشمال والغرب، ولم يتمكن أي منهم إسناد رأسه ولو إلى حجرٍ أو ضلعِ شجرةٍ أردنية عربية.
وتقول قياديات لنادي (ناديجدا) عن برنامج (الأردن جنّة): وفي مقدمتهن٠ نتاليا نزارنكو رئيسة النادي: شكراً جزيلاً للمملكة الأردنية الهاشمية ولوزارة السياحة والآثار، لاتاحتهما ذهبية لعضوات نادينا "ناديجدا" الناشطات ثقافياً وسياحياً للمشاركة في برنامج "الأردن جنّة" المُذهل، للتعرّف عن قُرب على الأردن وآثاره وتاريخه وشعبه المِضياف، الذي تآخينا وإيّاه دَمَاً وواقعاً مُعَاشَاً، وتقاسمنا معه النجاحات والتطلعات والرؤى والهموم.
ورغم جائحة كورونا، إلا أن "الأردن جنّة" ذلّل الصِّعاب وفتح كل الطرق وبتنظيم دقيق أمام السياحة التي تساندتها الحكومة. لقد تلقينا وما زلنا نتلقى متعة كبيرة في الترحال من موقع إلى آخر في أرجاء الأردن الحبيب.
إن رعاية الدولة الأردنية المِعطاءة لمواطنيها في إطار هذا البرنامج غير المسبوق والهادف لترويج الأردن في كل الفضاءات؛ يُتيح المجال لجميع سيداتنا والمواطن الأردني، الاستزادة من الثقافة والجَمال المُميَّز للأردن، ولإعلاء صورته في شتى الفضاءات، وبخاصة في الدول الناطقة تاريخياً باللغة الروسية.
وتقول السيدة (اللا رودنكو) نائب رئيس النادي:
تُعتبر رحلاتنا إلى جَنَّات، وحَدائق، وحُقُول، ورياض وواحات الأردن متفردة ورائعة. في البداية لم أكن، وللأسف، مندفعة للمشاركة في بعضها، لكنني الآن سعيدة لمشاركتي زميلاتي في رحلاتهن الأردنية الغنية المضامين.
سُعدت كثيراً لمشاركتي في جولات جماعية برعاية مشكورة وحدب متعاظم من لدنِ وزارة السياحة والآثار. شكراً للحكومة على دعمها للسياحة في الأردن في هذا العام الصعب على الجميع، فبفضل المهنية الرفيعة للوزارة، تعرفنا على أماكن لم نحلم بالوصول إليها من قَبل، إذ اندفعنا مع "الأردن جنة" لزيارة مدن وأرياف أردنية تزخر بآثار مُذهلة وحضارة عظيمة استمتعنا بها.. وسنعمل ما وسعنا الجهد على ترويجها خارجيا.
*كاتبة وإعلامية روسية متخصصة بالتاريخ والسياحة الأردنية، ورئيسة تحرير جريدة «الملحق الروسي»، الناطق باللغة الروسية في صحيفة «ذا ستار» سابقاً.