قضية الصحراء المغربية (04) دينامية أممية جديدة مع مسلسلالموائد المستديرة ورسائل قرار مجلس الأمن 2548: الوضوح والحزم والثبات


أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، عن رغبته في بث روح جديدة ودينامية جديدة لإعادة إطلاق العملية السياسية. تحقيقا لهذه الغاية، في أغسطس 2017، عين مبعوثا شخصيا جديدا للصحراء المغربية، في شخص السيد هورستكوهلر.

قام السيد هورست كولر بزيارتين للمنطقة (المغرب والجزائر وموريتانيا) في أكتوبر 2017 ويونيو 2018. وخلال زيارته الثانية توجه إلى الصحراء المغربية وعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين المنتخبين والشيوخ ووجهاء القبائل الصحراوية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في العيون والسمارة والداخلة الذين أعادوا تأكيد ارتباطهم بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل وحيد لتسوية مسألة الصحراء المغربية. ورحب السيد كوهلر أمام مجلس الأمن بالتقدم والتطور الذي تحقق في المنطقة، وخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

وفي أعقاب هذه الدينامية الجديدة، اتخذ مجلس الأمن ثلاثة قرارات 2414 (أبريل 2018) و2440 (أكتوبر 2018) و2468 (أبريل 2019والتي قدمت الإيضاحات التالي:

·تعريف الغرض من المسلسلالسياسيالذييتمثل في "التوصل إلى حل سياسي واقعي وقابل للتحقيق ودائم قائم على التوافق"، وهذه المصطلحات تتطابق مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي نعثها مجلس الأمن بالجدية وذات المصداقية، وذلك في جميع القرارات المعتمدة منذ 2007.من أجل ذلك، دعا المجلس أيضا إلى أن روح التوافق ضرورية للتقدم نحو الحل السياسي.

·تحديد الفاعلين الحقيقيين في العملية: طلب المجلس تحديدا في قراره 2414 منالجزائر، "تقديم مساهمة مهمة في العملية والانخراط بقوة أكبر في التقدم نحو الحل السياسي"، مساهمة ترقى إلى مستوى مسؤوليات الجزائر في خلق هذا النزاع الإقليمي المفتعل واستمراره.وبهذا المعنى، رحب المجلس أيضا (القرار 2440) بالقرارات التي اتخذها المغرب والجزائر و "البوليساريو" وموريتانيا بقبول الدعوة التي وجهها المبعوث الشخصي السيد هورست كولر للمشاركة في مائدة مستديرة بجنيف يومي 5 و6 ديسمبر 2018.

·التأكيد على التعامل الحصري مع قضية الصحراء المغربية من قبل الأمم المتحدة، التي تتمتع بالشرعية الوحيدة منذ عام 1986،

·على الصعيد الإنساني، كرر مجلس الأمن نداءه إلى البلد المضيف،الجزائر، للسماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتحديد وتسجيل سكان مخيمات تندوف من خلال "الطلب مرة أخرى النظر في تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف، والتشديد على ضرورة بذل الجهود في هذا الصدد".

بالإضافة إلى ذلك، أحاط المجلس بقراره رقم 2440 بتاريخ 31 أكتوبر 2018، علما بـ "التطمينات التي قدمتها "البوليساريو" للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بعدم نقل الهياكل الإدارية في الإقليم" من خلال حثها على الاحترام الكامل لوضع المنطقة العازلة في الكركرات، وكذلك في بير لحلو وتيفاريتي، وفقا للقرار 2414. وطلب المجلس من "البوليساريو" الامتناع عن أي عمل لزعزعة استقرار الأمن في المنطقة، وبالتالي يعيق استئناف العملية السياسية.

أكد مجلس الأمن بالتالي، عدم شرعية الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها "البوليساريو" بتشجيع من الجزائر، وأعاد التأكيد على الوضع التاريخي والقانوني للمنطقة الواقعة إلى الشرق والجنوب من المنظومة الدفاعية المغربية، حيث لا يمكن أن تكون هناك أنشطة مدنية أو عسكرية، باستثناء وجود بعثة المينورسو.

في إطار هذه الدينامية، دعا المبعوث الشخصي (البرلمان الأوروبي) جميع الأطراف المعنية (المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا) للمشاركة في مائدة مستديرة في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر 2018.

تم التأكيد على إطار عقد المائدة المستديرة في جنيف في قرار مجلس الأمن رقم 2440 الصادر في 31 أكتوبر 2018، والذي رحب فيه المجلس بـ "قرارات المغرب والجزائر، موريتانيا و "البوليساريو"، على قبول الدعوة التي وجهها المبعوث الشخصي للمشاركة في اجتماع مائدة مستديرة في جنيف يومي 5 و 6 ديسمبر 2018 "وحثهما على تقديم تنازلات طوال مدة العملية حتى تنجح".وكانت المملكة المغربية أول من استجاب لهذه الدعوة، معبرة بذلك عن تمسكها بالمسلسل السياسي. الأمين العام ومجلس الأمن أشادا باستجابة المغرب الإيجابية والسريعة لهذا المبادرة.

شهدت المائدة المستديرة في جنيف، للمرة الأولى، طوال الاجتماع، مشاركة جميع الأطراف المعنية، وخاصة الجزائر، مما يشكل قطيعة مع مسلسلمانهاسيت.

وقد شارك المغرب في هذه المائدة المستديرة بوفد برئاسة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ومكون من رئيسي منطقتي الصحراء المغربية، وسيدة صحراوية ممثلة للمجتمع المدني المحلي، الذين شهدوا على إنجازات المملكة في مجال الحكامة وتنمية المنطقة. وركزت مناقشات المائدة المستديرة على تقييم التطورات الأخيرة والاستقرار الإقليمي والخطوات التالية في العملية السياسية.

جدد المغرب إرادته والتزامه الدائم بمواصلة تعاونه البناء مع مجلس الأمن التابع للأمين العام بهدف الوصول إلى حل سياسي نهائي على أساس المعايير التي حددها مجلس الأمن، واستخلاص الدروس من فشل عملية مانهاسيت.

تمت الموافقة على المائدة المستديرة الأولى في جنيف من خلال بيان نهائي وافق عليه جميع المشاركين، وتلاه البرلمان الأوروبي معلنا تنظيم مائدة مستديرة ثانية.

انعقدت المائدة المستديرة الثانية بنفس الصيغة بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا و "البوليساريو" دارت المناقشات حول مفهوم الحل السياسي الواقعي والبراغماتي الدائم والقائم على التسوية وتكامل المنطقة المغاربية والمراحل المستقبلية للعملية. وأعاد المغرب، خلال هذه المائدة المستديرة، التأكيد على أن الحكم الذاتي يشكل الحل الواقعي والعملي والتوافق الذي يضمن تسوية دائمة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. كما أنه ينسجم تماما مع مبدأ تقرير المصير.

شارك رئيسا منطقتي الصحراء المغربية، أعضاء الوفد المغربي، بنشاط في الموائد المستديرة وقدموا مساهمات حقيقة في المناقشات حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، والمشاركة الديمقراطية للسكان في الإدارةمن شؤونهم المحلية، ومناخ الحرية الذي يسود الصحراء المغربية، والجهود المبذولة لإدماج الأشخاص الذين اختاروا العودة إلى وطنهم، والعيش بكرامة والمساهمة في تنمية منطقتهم.

أشار البيان الختامي للمائدة المستديرة الثانية، الذي قرأه المبعوث الشخصي، إلى موافقة المشاركين على المشاركة في مائدة مستديرة ثالثة خلال صيف عام 2019. في 22 مايو 2019، أعلن السيد هورست كولر استقالته للأمين العام للأمم المتحدة من مهامه كمبعوث شخصي "لأسباب صحية".

في قراره 2494 (أكتوبر 2019)، أكد مجلس الأمن من جديد على معالم المسلسالسياسي، مع الترحيب بالزخم الإيجابي الذي حققته العملية من خلال عقد مائدتين مستديرتين في جنيف جمعتا المغربوالجزائر وموريتانيا و "البوليساريو". من خلال هذا القرار، قدم مجلس الأمن عناصر مهيكلة، من خلال التأكيد على أن:

• عملية المائدة المستديرة هي الإطار الوحيد للتوصل إلى حل سياسي. وفي هذا السياق، رحب مجلس الأمن باعتزام المبعوث الشخصي دعوة المغرب والجزائر وموريتانيا و "البوليساريو" للاجتماع مرة أخرى بنفس الشروط،

تتمثل ولاية هذا المسلسل في تحقيق حل سياسي وواقعي وعملي ودائم يقوم على حل وسط، على النحو المحدد في الفقرة العملية 2 من القرار،

إن الجزائر منخرطة في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وذلك بذكرها بالاسم في خمس مناسبات ومطالبتها بمواصلة المشاركة في العملية وإبداء الواقعية وروح التوافق، طوال العملية حتى تنجح،

وصف سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالمصداقية والجدية؛

يدعو مجددا إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف بالجزائر،

مطالبة "البوليساريو" بالامتناع عن أي عمل استفزازي من شأنه زعزعة استقرار المسلسل السياسي للأمم المتحدة،

القرار رقم 2548الذي تم اعتماده من قبل مجلس الأمنفي 30 أكتوبر2020 بشأن قضية الصحراء المغربية، يتمحور حول ثلاث رسائل: رسالة وضوحوحزموثبا.

رسالة الوضوح، أولا في تعريف الأطراف الحقيقية في هذا النزاع الإقليمي، من خلال الإشارة صراحة إلى دور الجزائر، مذكورة على الأقل 5 مرات، بينما لم يرد ذكر هذا البلد إطلاقا في القرارات السابقة لسنة 2007،

لذلك يدعو مجلس الأمن الجزائر إلى الاضطلاع بدور يتلاءم مع مستوى انخراطها السياسي والدبلوماسي والعسكري والإنساني في هذا النزاع الإقليمي. لا يمكن أن نتصور أي مسلسل سياسي دون المشاركة الفعالة والبناءة لهذا البلد،

الوضوحكذلك في تحديد المقصد والغاية من العملية السياسية.القرار لا يدع مجالا للشك في التزام مجلس الأمن بحل سياسي واقعي وعملي ودائم من أجل تسوية سياسية واقعية وبرغماتية ودائمة تقوم على التوافق وتستبعد جميع الخيارات غير القابلة للتطبيق،

الوضوح أيضا في مسارالمسلسل السياسي، من خلال الموائد المستديرة التي يجب أن تشهد مشاركة جميع الأطراف المعنية، وخاصة الجزائر.وبالفعل فالقرار لا يتضمن أي إشارة إلى الاستفتاء بينما يشير ست مرات إلى الحل السياس، وبالتالي، فإنالذين يستمرون في طرح خيار الاستفتاء هم خارج قرار الأمم المتحدة، الذي يجسد الشرعية الدولية ويعبر عن المجتمع الدولي.

أما رسالة الحزم فهي تتعلق أولاً وقبل كل شيء بمسألة تعداد السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، ومن ثم أكد مجلس الأمن على المسؤولية الإنسانية للجزائرالتي من واجبها الامتثاللالتزاماتها الدولية،

يتعلق أيضا الحزمباحترام وقف إطلاق النار وإنهاء أعمال الاستفزازوزعزعة الاستقرار. في القرار 2548، ينضم مجلس الأمن إلى تقرير الأمين العام في قلقه إزاء الانتهاكات المتكررة للاتفاق العسكري والتهديد الحقيقي بوقف إطلاق النار، حيث أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن بـ 53 انتهاكًا من قبل ميليشيات "البوليساريو" وأشار إلى أن بنود الاتفاقية العسكرية رقم 1 لم تحترم بشكل ملحوظ من قبل "البوليساريو". طلب القرار 2414 لعام 2018 من "البوليساريو" تنفيذ "انسحابها الفوري" من المنطقة العازلة في الكركرات، و"الامتناع عن هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار" والذي يمكن أن يعرض المسار السياسي للخطر.

أما رسالة الثبات، فهي تتعلق بالثبات في الحفاظ على مكتسبات المغرب، ولا سيما المبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس لأي حل سياسي، ومعايير الواقعية والبراغماتية والتسوية التي تتميز بهاالمبادرة المغربية، والتي:

• تتعلق أيضا بالحفاظ على مكتسبات المغرب، ولا سيما الثبات في تحديد مهمة بعثة المينورسو. ويؤكد مجلس الأمن أن هذه الولاية تقتصر على مراقبة الاحترام الصارم لوقف إطلاق النار، وأنه لم يذعن لمنطق الابتزاز السياسي واللصوصية والمضايقة لأمانة الأمم المتحدة، التي كانت تضغط من أجل تعديل بعثات المينورسو.

أخيرًا، يؤكد القرار بشكل قاطع على ولاية بعثة المينورسو، التي لا يرتبط وجودها بأي شكل من الأشكال بفرضية الاستفتاء، وهو خيار رفضه مجلس الأمن.

يواصل المغرب الحفاظ على التزامه بالانخراط في بالدينامية الجديدة التي أرادها الأمين العام للأمم المتحدة، وسيكون الأمر كذلك طالما يتم احترام مبادئ وأساسيات الموقف المغربي:

أولاً، لا يمكن تسوية قضية الصحراء خارج السيادة الكاملة والمطلقة للمغرب على صحرائه. وفي إطار المسلسل الأممي، لم يتفاوض المغرب أبدًا على سيادته الوطنية، بل إنه يناقش حلا سياسيًا لنزاع إقليمي.وتجسد مبادرة الحكم الذاتي، التي اعترف بها المجتمع الدولي بجدية ومصداقية، جميع المعايير التي حددها مجلس الأمن لتحقيق حل سياسي واقعي وعملي ودائم.

ثانيا: المشكلة ليست في إيجاد حل لهذه القضية، بل التوصل إلى تحديد المسارللتسوية. يجب على الجزائر أن تتحمل كامل مسؤوليتها في البحث عن تسوية نهائية؛

ثالثاً: مجلس الأمن هو الجهاز الوحيد المخول له التعامل مع قضية الصحراء المغربية والإشراف على المسلسل السياسي للأمم المتحدة،

رابعا، الرفض القاطع لأي اقتراح أو خطة عفا عليهما الزمن أو لأي محاولة لإدراج مواضيع هامشية أخرى تعالجها بشطط المؤسسات المختصة الأخرى.