الحمود يكتب ..مئةُ عام وتستمرُّ المسيرةُ
خُطواتُ التاريخِ تتناقلُ على إيقاعِ العزِّ يحدوها صَليلُ السيوفِ وصَهيلُ الخيولِ لِتنبضَ الأرضُ إيذانًا بطرحِ الخيراتِ وتحوّل العِجافِ إلى سِمان ليصبحَ الزِنادُ أمجادًا والرصاصةُ قِصةً تتناقلُها الأجيالُ لِيصبحَ المُحالُ سهلًا ويُصبحَ الجميعُ أهلًا تحتَ ظِلالِ بيتٍ ما كانت أركانُهُ إلا من الوفاءِ وجُدرانُه من العطاءِ وسقفهُ من الإبآءِ ، نَعم إنها الأردن لتبدأ المسيرةُ التي حملت إسمَ و وَسمَ الإستمرار منذُ إنطلاقِها.
تغيّرَ المكانُ واستَجْمَعَ الزمانُ أيّامَه ليستأصلَ كلّ يومٍ بلا إنجاز وتزاحمت الألوانُ عَلّها تجدُ لنفسِها مكانًا في لوحةِ إبداعٍ رَسَمَت الأردنَ منذُ البدايةِ الواثقة المعتمدة على رضا الله والمتسلحةِ بالقوميةِ المُطلقة لتُبنى منارةُ الإمارة وتصبحُ الشهادةُ رمزَ الوفاءِ وتسقي الدماءُ أشجارَ الزيتونِ وتحني الأرض لينبتَ منها الدحنون وتستمرُّ المسيرةُ.
هُنا كانَ النورُ الذي أشعَّ من الدستورِ لِتَتنامى المَدَنيّةُ والحضارةُ وليصبحَ العلمُ عنوانًا والتعليمُ ضمانًا والإستثمارُ بالإنسانِ فتسارعت عجلةُ الإنجاز لِتَطالَ كل الإتجاهاتِ حتى إمتلكنا القدرات التي مَكنتنا من تجاوز التحديات ليعلو صوتُ الحقِ صادحًا وتستمرُّ المسيرةُ.
شُمّرت السواعدُ للبناءِ ليصبحَ الوطنُ أُنموذجَ العطاءِ وشُدّت الصفوفُ وتَعانقَت الكفوفُ وكان التطورُ حاضرًا يتناما كأنه الزرعَ الطيبُ الذي سُقي من ماءٍ طيبٍ فجابَت المحبةُ قلوبَ الجميع ، حتى أصبحَ الأردنُ الطَودَ المنيع والقوي الرحيم فسبقَ السابقين وجعلَ لحجمِه الصغيرِ مكانًا كبيرًا في عيونِ الآخرين ليصبحَ قِبلةَ العلمِ وملاذَ المرضى وحضنَ السلامِ و أيقونةَ الوئامِ ومثالَ التسامحِ لتستمرَّ المسيرةُ.
أجيالٌ خلفَ أجيالٍ حتى تحققَ المُحالُ وأصبحت الرجالُ جبالًا ورَفّت رايةُ المَجدِ من الأجدادِ إلى الأحفادِ حتى رأيناها اليومَ بيدِ جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي أكملَ المسيرةَ و وجهَهَا نحو التميُّز والتفرُّد ليصبحَ الأردنُ وطنًا لا يُشبه إلا ذاتَه فحملت الأيام إنجازَ السنين فكان القريبُ من الجميعِ يأخذ بيدِ كل واحدٍ مِنّا ويحملً الصعابَ عَنّا لا يلينَ بحقِّ الوطن ويقوده ليُجنبَه المحن ولا يقبل عن مواقفِه ثمن أحبّنا وأحببناه وأقسمنا وعاهدناه أن تفتدي الوطنَ بالمُهجِ والأرواح لتستمرَ المسيرةُ.
إننا إذا نُباهي العالمَ بمئةِ عامٍ من الإنجازِ قادَها بَنو هاشم الأخيار بذلوا بها أعمارَهم مؤمنينَ بأن قدرهم أن يسيروا على نهجِ جَدهم العظيم مُدافعين عن قضايا الأمةِ وعازمين ألّا يُبقوا للظلمِ غُمة فشهِدَ لهم التاريخ وتحدثت عنهم بُطونُ السنينِ بأن ما فيهم إلا القوي الأمين الذي لا يَتعبُ ولا يَغلبُ فَلزمَ علينا أن نُقدّر سعيهم وأن نكون عونًا لهم ونُعطي الوفاءَ للوطنِ ونُحافظ عليه ونصبرُ في الشدائِد ونَبقى على الحب له في السَّراءِ والضرَّاء ونَذودُ عن حِماه ونَضربُ على يدِ من عَصاه ونَحمدُ الله على نعمتِه إذ حَبانا بجلالةِ الملك عبد الله ابن الحسين الذي بهَ ومعه تستمرُّ المسيرةُ.