بين مضاعفات الاستثمار ومضاعفات الإغلاق.. وموقف الحكومة من ذلك..
كتب محمود الدباس..
ساءني ما سمعت من أناس كثر عن اغلاق ذلك المحل التجاري ذي العلامة التجارية الفلانية.. وإغلاق ذلك المشروع وهو قيد الإنشاء.. وتصفية ذلك الإستثمار بعد مدة وجيزة من افتتاحه.. الأمر الذي أصبح مستساغا لأعيننا وآذاننا.. ولم نعد نكترث ونتفاجأ لسماعه كما كان الوضع قبل عدة سنوات..
فهل هذا الأمر صحيٌ يتناسق مع تطلعاتنا لجلب الاستثمارات؟.. وهل يخفى هذا الأمر على أصحاب القرار.. ولا أقول صناع القرار.. لأن هناك فرقاً كبيراً بين من يصنع القرار.. وبين من يكون قراره رهين ردات الأفعال!!..
في البداية أود أن أشير إلى عنوان هذه المقالة.. بأن مفهوم مضاعفات الاستثمار "Investment-Multipliers" هو "ألف باء" العملية الاستثمارية.. وهو ركن أساس وأصيل يكون دائماً بين ناظِرَي المستثمر والحكومة على حد سواء.. فالحكومة كمشجعة وحاضنة للاستثمار.. والمستثمر الحقيقي العارف بماهية الاستثمار وتوابعه.. عليهم أن يكتبوا نوتة سيمفونية "مضاعفة الاستثمار" ويعزفوها بمزاج عالي.. مستمتعين بما سيدخلونه من منافع على كل المنتفعين من هذا الاستثمار.. لا أن يمروا عليها مرور الكرام!.. أو يجعلوها مقطوعة لحن الرجوع الأخير..
كما أنه يجب على الحكومة أخذ كل التدابير.. واستنفار كافة الكوادر والطاقات للحيلولة دون إغلاق أي استثمار كبر أم صغر..
وهنا أود أن أشير إلى ما ذكرته في العنوان أيضا.. والذي أطلقت عليه "مضاعفات الإغلاق"..
فالإغلاق لن يكون تأثيره السلبي المباشر والمرئي فقط.. فهو يتعدى ذلك لزيادة نسبة البطالة.. وتعثر في سداد أي التزامات قد ترتبت على الموظفين.. جراء التحاقهم بالمشروع وشعورهم بضرورة تأسيس حياة مستقلة جديدة.. وقد تكون بتكوين أسرة جديدة للبعض.. أو توسع في بعض متطلبات الحياة عند البعض الآخر.. وهذا ما نسميه تأثير الإغلاق المباشر..
أما التأثير غير المباشر.. فقد يترتب عليه إغلاقات لبعض النشاطات التي أنشئت على هامشه.. كالتي نعول على وجودها من باب مضاعفات الاستثمار..
أما الحكومة فإن عائداتها من هذا المشروع ستصبح صفرا.. فهل هذا من الحكمة أو الحنكة الإدارية؟!..
وهنا أتساءل.. إن كانت العوائد الضريبية هي ركن أساس في هيكل الموازنة العامة للدولة.. وأي اختلال فيه سيؤثر بشكل ملحوظ على مدخولات الخزينة.. وكلنا يعلم بأن الدولة تسعى بكل قوتها وأدواتها لمحاربة التهرب الضريبي وأي تجاوزات قد تساعد على ذلك.. فكيف ستعوض الحكومة ما ستفقده من عوائد ضريبية جراء الإغلاقات المتكررة للمشاريع.. أكانت الصغيرة والمتوسطة منها أو الكبيرة؟!..
فإن كانت الحكومة مستشرفة للوضع القادم -والذي يبدو بأنه غير مبشر-.. فهل تملك رؤية واضحة المعالم لمواجهة القادم من الأيام؟!.. وإقرار حزمة من القرارات والأنظمة والتعليمات التشجيعية للمستثمرين والتجار من خلال جدولة الضريبة أو إعفاء كلي أو خصم جزء منها أو قد تصل إلى جميع ما ذكر؟!.. وهل ستعمل بمبدأ قليل دائم خير من قليل منقطع؟!..
وفي الختام أقول.. ما زالت عندي بارقة أمل بأن يضطلع القائمون على رسم السياسات الاستثمارية بدورهم الفاعل والذي نأمله ويأمله سيد البلاد منهم حين أوكل لهم هذه المهام.. بحيث يوسعوا الأفق في النظرة.. ولا يحددوا ويختزلوا نظرتهم لأي استثمار بصورته المباشرة.. ويعيدوا النظر في طرائق وأولويات التحصيل الضريبي.. وأن ينظروا بالمنظور الشمولي لكافة المشاريع ومكملاتها ومضاعفات استثماراتها وعوائدها مجتمعة في سلة واحدة.. وأن يبتعدوا عن النظرة الفوقية غير الآبهة لاستمرار أو توقف أي استثمار..
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..
أبو الليث..