على طريق السلط ياما مشينا .. متى يمشي معنا التراث العالمي
يعد قطاع السياحة بالاردن رافدا اساسيا من روافد الاقتصاد الوطني، وطوق نجاة للشباب العاطل عن العمل وقت الازمات الاقتصادية، وجسرا ثقافيا تعبر عليه حضارات الشرق الى الغرب.
لكن هذا القطاع السياحي ـ بالمقابل ـ يحتاج للمزيد من الجهود لتطويره وابراز كنوزه التراثية، واعادة الاستثمار فيه لتحقيق المزيد من المميزات التنافسية في حلبة السياحة العالمية.
وتشكل السياحة بالبلاد حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي وتتجاوز مدخولاتها النقدية ما يزيد عن 4 مليارات دولار سنويًا، وتوفر نحو 55 ألف فرصة عمل. وذلك نتيجة طبيعة لعناصر الجذب السياحي.
فالأردن يمثل متحفا تاريخيا متنوعا يحفل بالآثار الرومانية والبيزنطية والمسيحية والإسلامية وأضرحة الصحابة والمواقع التاريخية؛ التي تجذب السياح إليها من كلِّ مكان في العالم، كالقلاع والقصور والفسيفساء والمدرجات الرومانية والمسارح والمعابد وغيرها التي خلفتها الحضارات والإمبراطوريّات التي عاشت على هذه الارض الطيبة، بجانب طبيعتها الخلابة مما جعلها مقصدا من أبرز المقاصد السياحية بعالمنا العربي.
ولعلي أجدد الدعوة للمسؤولين لدفع القطاع الخاص بالاردن على زيادة الاستثمار في حقل السياحة بما يعود بالنفع العميم على الجميع، خاصة وأن الأردن غني جدا بمواقعه التراثية والتي يبلغ عددها نحو مئة ألف موقع سياحي، منها خمسة مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، ومحميات طبيعية، بجانب تمتع الاردن بالسياحة العلاجية، ويحتل المركز الخامس في العالم في هذا المجال، ناهيك عن السياحة الثقافية والترفيهية وسياحة المغامرات و السياحة العلاجية و الطبية و سياحة المؤتمرات و الندوات و سياحة الطلبة و التعليم الذي تكون بطرق غير مباشرة.
وهناك العديد من المواقع الأثرية المهمة التي لا تحظى بالاهتمام الكافي مما يعرضها للعبث ويمحي قيمتها الأثرية، وتحتاج الى قيام القطاع الخاص بدوره للاستثمار فيها لكي توضع على خريطة المسارات السياحية وتحويلها من مواقع مهملة إلى مواقع أثرية حيوية ومقاصد سياحية.
ربما تكون هذه المقدمة عّن السياحة بسبب زياراتي المتكررة لمدينة السلط فهذه المدينة العريقة سعت حكومة الاْردن منذ عام 1994م الى ادراجها في قائمة التراث العالمي باليونسكو، ولكن في2017م تم تأجيل القرار ، ومنحت لجنة التراث العالمي الأردن فرصة جديدة لمعالجة بعض النقص في ملف هذه المدينة.
لعلي اتساءل ويتساءل غيري لماذا لم يتم ادراج السلط بقائمة التراث العالمي ، والاقناع بأهميتها التاريخية وتراثها؟
هذه المدينة التاريخية عرفت منذ العصر الحجري ـ كما يقول المؤرخون ـ، وخضعت المدينة لسيطرة العديد من الاجناس منهم الهكسوس، والعمونيون في العام الالف ما قبل الميلاد، والبابليون، والاشوريون والكلدانيون، ثم الفرس واليونان، كما دخلت تحت حكم الرومان، ومن ثم دخلها البيزنطيون، وصولا الى جيوش الفتح الاسلامي.
تضم المدينة اكثرمن 700 مبنى تراثي يصل عمر بعضها الى اكثر من 400 عام وتراوح عمر بعضها الاخر بين 100 و200 عام، كما يتميز بعضها بطراز البناء التجاري بوصفها مركزا تجاريا لتجار بلاد الشام.
وعمل الحكم العثماني في القرن ال16 للميلاد على تنشيط حركة العمران في المدينة، حيث كانت تابعة للواء نابلس متأثرة بطرازه المعماري، لكنها تميزت عن المعمار الفلسطيني باستخدام الحجارة، كما حافظت السلط علي طابعها العربي الثقافي والحضاري، حيث تضم أقدم المدارس الاردنية التي خرجت معظم ساسة الاردن من العهد القديم.
كانت السلط قاعدة ادارية اقليمية للدولة العثمانية وزاد عدد سكانها وكثرت ثرواتهم وبنوا فيها منازل رائعة ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا، كما كانت السلط مركزا لأسقفية تابعة لمدينة البصرى أولاً ثم لمدينة البتراء في العصر البيزنطي. وفي زمن الصليبيين فرض ملك القدر بودوان الأول الضريبة على جبل عجلون وعلى مدينة السلط وضواحيها. وقد احتل المغول المدينة ودمروا قلعتها فأعاد بيبرس بناءها سنة 1266 ثم دمر إبراهيم باشا العثماني القلعة مجددا عام 1840 ولم يبق إلا القليل من أساس بنائها.
وإلى الجنوب من مدينة السلط مرتفع يعرف باسم تل الجادور وتتدفق إلى جنوبه عين جادور وتتدفق عيون أخرى في المنطقة.
وهناك مغارة مخصصة ككنيسة للأموات في العصر البيزنطي تحمل جدرانها رسومات دينية. واكتشفت قبور رومانية أخرى بالجنوب الشرقي من مدينة السلط وباب حجري ضيق.
أما ضواحي السلط تضم أماكن أثرية مثل خربة السوق وهي على بعد أربعة كيلو مترات جنوب مدينة السلط، وخربة أيوب وخربة حزير وخربة الدير ومسجد النبي يوشع الذي يقع إلى الشمال الغربي من مدينة السلط، ويعود تاريخ المسجد الى ثلاثة أو أربعة قرون فقط، بجانب قصر أبو جابر، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن ال 19 فترة حكم العثمانيين، ويتميز بسقوفه الجدارية الجميلة ونوافذه الطويلة ورسوماته على يد فنانين إيطاليين، كما يعود تاريخ بناء قلعة السلط إلى القرن الثالث عشر، والتي قام ببنائها ابن شقيق صلاح الدين الأيوبي.
ويضم متحف السلط قطع أثرية تعود إلى العصر الإسلامي، وقطع أثرية مُتعلقة بتاريخ مدينة السلط، بجانب عروض مختلفة للأزياء التقليدية والفلكلور الشعبي الأردني.
أما مباني هذه المدينة الرائعة فهي مصنوعة من الحجر الرملي الملون باللون الأصفر، وتتكون المنازل من أسطح على شكل قبة وساحات داخلية كبيرة ونوافذ طويلة مقوسة من الأعلى. كما تضم المدينة المقابر الرومانية التي تعود إلى فترة الحكم الروماني في السلط.
ومن أهم الشوارع السياحية في وسط مدينة السلط شارع الحمام والذي يمثل حلقة الاتصال بين الدين الاسلامي والمسيحي حيث تجد فيه الكنائس تنتشر جنبا الى جنب مع المساجد، كما تنتشر فيه المحلات التجارية.
كما تقع منطقة وادي شعيب بالقرب من السلط وهي قرية صغيرة تشتهر بطبيعتها الخلابة و اشجار الليمون والزيتون والتي جعلت من البلقاء محطة هامة تصل بين الاردن ومدينة القدس والبحر الميت مما يضيف الى جاذبية تلك المنطقة. وتحتوي على ضريح النبي شعيب والذي أكسب الوادي اسمه واهميته الحضارية والدينية.
أظن ان هذه القراءة التاريخية والاثرية لمدينة السلط تؤهلها للادراج بقائمة التراث العالمي خاصة فيما يتصل بتراثها المعماري، وبحسب ملف العمارة الانتقائية لمجموعة مباني السلط في الفترة ١٨٦٥- ١٩٢٥ المقدم لليونسكو، فان خبرائها لم يقتنعوا بتفاصيل هذا الملف، والذي يحتاج منا بذل المزيد من الجهد لابراز القيمة الحضارية لهذه المدينة ومبانيها المقامة على سلسلة تلال والمشيدة بحجارة صفراء وأسقف مقببة ونوافذ مقوسة.
لاشك ان هذه المباني بحاجة الي ترميم وصيانة بطرق تحافظ على قيمتها التاريخية وتبرز جمالها لدى خبراء اليونسكو، وهذه الجهود تحتاج الى دخول القطاع الخاص للقيام بدوره في هذه الاعمال بجانب القيام بدور اعلامي اكبر يبرز اهمية المدينة التاريخية والتراثية.
فالسلط من أقدم المدن الأردنية وأنشئت فيها أول بلدية قبل قيام الدولة الأردنية، كما كانت مركز قائم مقامية الحامية العثمانية في الأردن وأُنشئت فيها أول غرفة تجارية وأول مدرسة ثانوية مما جعلها مدينة الأوائل.
وفي عام ١٩٢٠، توجه المندوب السامي البريطاني في فلسطين هربرت صموئيل إلى مدينة السلط ليلقي خطاباً يوضح فيه السياسات البريطانية في شرق الأردن بعد شهر من سقوط المملكة العربية السورية وتقسيم بلاد الشام بين فرنسا وبريطانيا.
حضر مؤتمر السلط قرابة٦٠٠ شخص من وجهاء السلط وبعض المدن الشرق أردنية المحيطة، حيث أعلن صموئيل عن إبقاء منطقة شرق الأردن منفصلة عن الإنتداب البريطاني في فلسطين؛ وإيفاد ضباط بريطانيين من أجل المساعدة في تأسيس حكومات محلية؛ وقيام بريطانيا بتأمين شرق الأردن بما تحتاجه من بضائع؛ والسماح بالتجارة الحرة بين شرق الأردن وفلسطين.
كما ان السلط تتميز بأن اماكنها التاريخية مازالت مأهولة و مسكونة ومستخدمة اغلبها غير مهجور فتتوالى عليها الازمنة وهي مأهولة.
اذكر انني استضفت لعمل ندوة ثقافية بالتعاون مع اصدقاء بلدية السلط في مقهى الاسكندراني في شارع الحمام الذي يعتبر من اقدم المقاهي ولاحظت الاقبال الشديد من اهالي مدينة السلط لحضور الندوة مما يؤكد حرص ابناء السلط على الثقافة و الادب و الشعر و الفنون.
وقد قمنا في زيارة اخرى مع جماعة عمان لحوارات المستقبل للتعرف اكثر على مدينة السلط بآثارها و جمالها و موقعها المطل على فلسطين واطلالة شارع الستين الرائعة حيث تقع المدينة على الطريق الرئيسي القديم الذي يصل عمان بالقدس.
ولاشك ان جهودا بذلتها الجهات المتصلة للحفاظ وتطوير مدينة السلط ومنها الجهود التي قام بها رئيس بلدية السلط المهندس خالد الخشمان، حيث قضى على مديونية البلدية التي كانت قبله ١٠ ملايين دينار وعمل مواقف مجانية وباصات شتل وأنشأ مواقع سياحية و فنادق في بيوت قديمه لها طابع ريفي شبه فنادق قرى ايطاليا.
فهذا الرجل يعرف كل شي عّن المدينة، وهو الذي سعى بادراج المدينة بمجهود شخصي.
والأردن له حاليا خمسة أماكن مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بينها مدينة البتراء، ومنطقة وادي رم وقصر عمرة أو قصير عمرة وهو قصر صحراوي أموي يقع في شمال الصحراء الأردنية في منطقة الأزرق في محافظة الزرقاء، ونأمل ان تكلل جهود المسؤولين لانضمام السلط لقائمة التراث العالمي اسوة بباقي المواقع الأردنية.
لكن هذا القطاع السياحي ـ بالمقابل ـ يحتاج للمزيد من الجهود لتطويره وابراز كنوزه التراثية، واعادة الاستثمار فيه لتحقيق المزيد من المميزات التنافسية في حلبة السياحة العالمية.
وتشكل السياحة بالبلاد حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي وتتجاوز مدخولاتها النقدية ما يزيد عن 4 مليارات دولار سنويًا، وتوفر نحو 55 ألف فرصة عمل. وذلك نتيجة طبيعة لعناصر الجذب السياحي.
فالأردن يمثل متحفا تاريخيا متنوعا يحفل بالآثار الرومانية والبيزنطية والمسيحية والإسلامية وأضرحة الصحابة والمواقع التاريخية؛ التي تجذب السياح إليها من كلِّ مكان في العالم، كالقلاع والقصور والفسيفساء والمدرجات الرومانية والمسارح والمعابد وغيرها التي خلفتها الحضارات والإمبراطوريّات التي عاشت على هذه الارض الطيبة، بجانب طبيعتها الخلابة مما جعلها مقصدا من أبرز المقاصد السياحية بعالمنا العربي.
ولعلي أجدد الدعوة للمسؤولين لدفع القطاع الخاص بالاردن على زيادة الاستثمار في حقل السياحة بما يعود بالنفع العميم على الجميع، خاصة وأن الأردن غني جدا بمواقعه التراثية والتي يبلغ عددها نحو مئة ألف موقع سياحي، منها خمسة مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، ومحميات طبيعية، بجانب تمتع الاردن بالسياحة العلاجية، ويحتل المركز الخامس في العالم في هذا المجال، ناهيك عن السياحة الثقافية والترفيهية وسياحة المغامرات و السياحة العلاجية و الطبية و سياحة المؤتمرات و الندوات و سياحة الطلبة و التعليم الذي تكون بطرق غير مباشرة.
وهناك العديد من المواقع الأثرية المهمة التي لا تحظى بالاهتمام الكافي مما يعرضها للعبث ويمحي قيمتها الأثرية، وتحتاج الى قيام القطاع الخاص بدوره للاستثمار فيها لكي توضع على خريطة المسارات السياحية وتحويلها من مواقع مهملة إلى مواقع أثرية حيوية ومقاصد سياحية.
ربما تكون هذه المقدمة عّن السياحة بسبب زياراتي المتكررة لمدينة السلط فهذه المدينة العريقة سعت حكومة الاْردن منذ عام 1994م الى ادراجها في قائمة التراث العالمي باليونسكو، ولكن في2017م تم تأجيل القرار ، ومنحت لجنة التراث العالمي الأردن فرصة جديدة لمعالجة بعض النقص في ملف هذه المدينة.
لعلي اتساءل ويتساءل غيري لماذا لم يتم ادراج السلط بقائمة التراث العالمي ، والاقناع بأهميتها التاريخية وتراثها؟
هذه المدينة التاريخية عرفت منذ العصر الحجري ـ كما يقول المؤرخون ـ، وخضعت المدينة لسيطرة العديد من الاجناس منهم الهكسوس، والعمونيون في العام الالف ما قبل الميلاد، والبابليون، والاشوريون والكلدانيون، ثم الفرس واليونان، كما دخلت تحت حكم الرومان، ومن ثم دخلها البيزنطيون، وصولا الى جيوش الفتح الاسلامي.
تضم المدينة اكثرمن 700 مبنى تراثي يصل عمر بعضها الى اكثر من 400 عام وتراوح عمر بعضها الاخر بين 100 و200 عام، كما يتميز بعضها بطراز البناء التجاري بوصفها مركزا تجاريا لتجار بلاد الشام.
وعمل الحكم العثماني في القرن ال16 للميلاد على تنشيط حركة العمران في المدينة، حيث كانت تابعة للواء نابلس متأثرة بطرازه المعماري، لكنها تميزت عن المعمار الفلسطيني باستخدام الحجارة، كما حافظت السلط علي طابعها العربي الثقافي والحضاري، حيث تضم أقدم المدارس الاردنية التي خرجت معظم ساسة الاردن من العهد القديم.
كانت السلط قاعدة ادارية اقليمية للدولة العثمانية وزاد عدد سكانها وكثرت ثرواتهم وبنوا فيها منازل رائعة ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا، كما كانت السلط مركزا لأسقفية تابعة لمدينة البصرى أولاً ثم لمدينة البتراء في العصر البيزنطي. وفي زمن الصليبيين فرض ملك القدر بودوان الأول الضريبة على جبل عجلون وعلى مدينة السلط وضواحيها. وقد احتل المغول المدينة ودمروا قلعتها فأعاد بيبرس بناءها سنة 1266 ثم دمر إبراهيم باشا العثماني القلعة مجددا عام 1840 ولم يبق إلا القليل من أساس بنائها.
وإلى الجنوب من مدينة السلط مرتفع يعرف باسم تل الجادور وتتدفق إلى جنوبه عين جادور وتتدفق عيون أخرى في المنطقة.
وهناك مغارة مخصصة ككنيسة للأموات في العصر البيزنطي تحمل جدرانها رسومات دينية. واكتشفت قبور رومانية أخرى بالجنوب الشرقي من مدينة السلط وباب حجري ضيق.
أما ضواحي السلط تضم أماكن أثرية مثل خربة السوق وهي على بعد أربعة كيلو مترات جنوب مدينة السلط، وخربة أيوب وخربة حزير وخربة الدير ومسجد النبي يوشع الذي يقع إلى الشمال الغربي من مدينة السلط، ويعود تاريخ المسجد الى ثلاثة أو أربعة قرون فقط، بجانب قصر أبو جابر، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن ال 19 فترة حكم العثمانيين، ويتميز بسقوفه الجدارية الجميلة ونوافذه الطويلة ورسوماته على يد فنانين إيطاليين، كما يعود تاريخ بناء قلعة السلط إلى القرن الثالث عشر، والتي قام ببنائها ابن شقيق صلاح الدين الأيوبي.
ويضم متحف السلط قطع أثرية تعود إلى العصر الإسلامي، وقطع أثرية مُتعلقة بتاريخ مدينة السلط، بجانب عروض مختلفة للأزياء التقليدية والفلكلور الشعبي الأردني.
أما مباني هذه المدينة الرائعة فهي مصنوعة من الحجر الرملي الملون باللون الأصفر، وتتكون المنازل من أسطح على شكل قبة وساحات داخلية كبيرة ونوافذ طويلة مقوسة من الأعلى. كما تضم المدينة المقابر الرومانية التي تعود إلى فترة الحكم الروماني في السلط.
ومن أهم الشوارع السياحية في وسط مدينة السلط شارع الحمام والذي يمثل حلقة الاتصال بين الدين الاسلامي والمسيحي حيث تجد فيه الكنائس تنتشر جنبا الى جنب مع المساجد، كما تنتشر فيه المحلات التجارية.
كما تقع منطقة وادي شعيب بالقرب من السلط وهي قرية صغيرة تشتهر بطبيعتها الخلابة و اشجار الليمون والزيتون والتي جعلت من البلقاء محطة هامة تصل بين الاردن ومدينة القدس والبحر الميت مما يضيف الى جاذبية تلك المنطقة. وتحتوي على ضريح النبي شعيب والذي أكسب الوادي اسمه واهميته الحضارية والدينية.
أظن ان هذه القراءة التاريخية والاثرية لمدينة السلط تؤهلها للادراج بقائمة التراث العالمي خاصة فيما يتصل بتراثها المعماري، وبحسب ملف العمارة الانتقائية لمجموعة مباني السلط في الفترة ١٨٦٥- ١٩٢٥ المقدم لليونسكو، فان خبرائها لم يقتنعوا بتفاصيل هذا الملف، والذي يحتاج منا بذل المزيد من الجهد لابراز القيمة الحضارية لهذه المدينة ومبانيها المقامة على سلسلة تلال والمشيدة بحجارة صفراء وأسقف مقببة ونوافذ مقوسة.
لاشك ان هذه المباني بحاجة الي ترميم وصيانة بطرق تحافظ على قيمتها التاريخية وتبرز جمالها لدى خبراء اليونسكو، وهذه الجهود تحتاج الى دخول القطاع الخاص للقيام بدوره في هذه الاعمال بجانب القيام بدور اعلامي اكبر يبرز اهمية المدينة التاريخية والتراثية.
فالسلط من أقدم المدن الأردنية وأنشئت فيها أول بلدية قبل قيام الدولة الأردنية، كما كانت مركز قائم مقامية الحامية العثمانية في الأردن وأُنشئت فيها أول غرفة تجارية وأول مدرسة ثانوية مما جعلها مدينة الأوائل.
وفي عام ١٩٢٠، توجه المندوب السامي البريطاني في فلسطين هربرت صموئيل إلى مدينة السلط ليلقي خطاباً يوضح فيه السياسات البريطانية في شرق الأردن بعد شهر من سقوط المملكة العربية السورية وتقسيم بلاد الشام بين فرنسا وبريطانيا.
حضر مؤتمر السلط قرابة٦٠٠ شخص من وجهاء السلط وبعض المدن الشرق أردنية المحيطة، حيث أعلن صموئيل عن إبقاء منطقة شرق الأردن منفصلة عن الإنتداب البريطاني في فلسطين؛ وإيفاد ضباط بريطانيين من أجل المساعدة في تأسيس حكومات محلية؛ وقيام بريطانيا بتأمين شرق الأردن بما تحتاجه من بضائع؛ والسماح بالتجارة الحرة بين شرق الأردن وفلسطين.
كما ان السلط تتميز بأن اماكنها التاريخية مازالت مأهولة و مسكونة ومستخدمة اغلبها غير مهجور فتتوالى عليها الازمنة وهي مأهولة.
اذكر انني استضفت لعمل ندوة ثقافية بالتعاون مع اصدقاء بلدية السلط في مقهى الاسكندراني في شارع الحمام الذي يعتبر من اقدم المقاهي ولاحظت الاقبال الشديد من اهالي مدينة السلط لحضور الندوة مما يؤكد حرص ابناء السلط على الثقافة و الادب و الشعر و الفنون.
وقد قمنا في زيارة اخرى مع جماعة عمان لحوارات المستقبل للتعرف اكثر على مدينة السلط بآثارها و جمالها و موقعها المطل على فلسطين واطلالة شارع الستين الرائعة حيث تقع المدينة على الطريق الرئيسي القديم الذي يصل عمان بالقدس.
ولاشك ان جهودا بذلتها الجهات المتصلة للحفاظ وتطوير مدينة السلط ومنها الجهود التي قام بها رئيس بلدية السلط المهندس خالد الخشمان، حيث قضى على مديونية البلدية التي كانت قبله ١٠ ملايين دينار وعمل مواقف مجانية وباصات شتل وأنشأ مواقع سياحية و فنادق في بيوت قديمه لها طابع ريفي شبه فنادق قرى ايطاليا.
فهذا الرجل يعرف كل شي عّن المدينة، وهو الذي سعى بادراج المدينة بمجهود شخصي.
والأردن له حاليا خمسة أماكن مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بينها مدينة البتراء، ومنطقة وادي رم وقصر عمرة أو قصير عمرة وهو قصر صحراوي أموي يقع في شمال الصحراء الأردنية في منطقة الأزرق في محافظة الزرقاء، ونأمل ان تكلل جهود المسؤولين لانضمام السلط لقائمة التراث العالمي اسوة بباقي المواقع الأردنية.