محمد بني فارس يكتب: من دروس الحياه (2)
تعود الحكايه الى عام ١٩٨٦ حيث ذهبت بمعية المرحوم اللواء محمود ابو حمور وكان برتبة عقيد انذاك وانا برتبة رائد الى كلية Bramshill للشرطه البريطانيه القريبه من مدينة Reading في زياره استطلاعيه لمدة عشرة ايام للتعرف على البرامج والمناهج التدريبيه لضباط الشرطه البريطانيه ونقل ما يمكن الاستفاده منه الى اكاديميه الشرطه الملكيه في الاردن .
كانت الاقامه داخل الكليه وعلى نفقتنا الحاصه وبالطبع باسعار مخفّضه كما هو الحال لضباط الشرطه البريطانين المقيمين في الكليه.
اثناء اقامتنا طلبنا من المسؤولين في الكليه ان نذهب ونزور مدرسه لتدريب الشرطه في لندن تدعى Hendon ، فقاموا بعمل الترتيبات اللازمه للزياره وذهبنا بسياره من الكليه في اليوم المحدد وامضينا يوما كاملا هناك وعدنا الى برامزهل حيث نقيم .
في اخر يوم من الزياره اعطونا فاتوره اقامتنا من أجل التسديد ولفت إنتباهنا ان الفاتوره تتضمن مبلغ ٢٥ جنيه استرليني اجرة سيارة الشرطه التي ذهبنا بها الى مدرسة تدريب الشرطه في لندن ومبلغ 7 جنيهات ثمن وجبة طعام الغداء هناك .
سددنا الفاتوره وبالطبع بدون نقاش ولكن فيما بيننا كان من الطبيعي ونحن القادمون من بلد
الكرم أن نستغرب كيف يدفع الضيوف ثمنا لوجبة غداءهم واجرة سيارة الشرطه التي اقلتهم في برنامج الزياره.
لم تتحمل موازنة كلية الشرطه في برامزهل مبلغ ٢٥ جنيه تكلفة نقل ضيوفهم في سيارة الكليه الى لندن كما لم تتحمل موازنة مدرسة الشرطه في لندن مبلغ ٧ دنانير ثمنا لوجبة طعام لزائريهم .
وانا انظر الى تلك الواقعه الان ، لا املك الا أن احترم نظامهم ، فلا موازنه لنفقات ضيافه وهذا الامر في عرفهم لا يعيبهم على الرغم أن بريطانيا تعرف عادات وتقاليد العرب .
وهنا أتسائل وبدون الدخول في التفاصيل : كم من مبالغ طائله تُهدر على الاحتفاء بالوفود والزوار الرسمين لبلدنا ؟.. بالتأكيد كبيره
صحيح ان الكرم من موروثنا وهويتنا الثقافيه التي نعتز بها ولكن صحيح ايضا ان لا يكون هذا الكرم مبالغ فيه على حساب المال العام.
اللواء المتقاعد محمد بني فارس