خبراء: تفعيل قانون الانتخاب كفيل بمحاربة المال الأسود

الأنباط -أكد قانونيون ومراقبون أن قانون الانتخاب الحالي وتعليماته أوجدت تدابير وضمانات لمكافحة المال الذي يُستخدم لأهداف غير قانونية، أو ما يُعرف بـ"المال الأسود"، من أهمها المادة 59 من قانون الانتخاب التي غلظت العقوبة على كل من يقوم بشراء الأصوات.
وقالوا في أحاديث منفصلة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن جريمة شراء الأصوات كانت في السابق تُختصر على فترة الدعاية الانتخابية، كما كانت في قوانين الانتخاب السابقة، موضحين أن هذه الجريمة أصبحت تُلاحق خلال مراحل العملية الانتخابية كافة.
وبشأن الفرق بين المال السياسي والمال الأسود، قالوا إن مصطلح المال السياسي هو "مصطلح غير قانوني، فهو مصطلح صحفي أطلقته الصحافة والعاملون في الانتخابات".
وأضافوا "أن المال السياسي ليس جريمة منصوص عليها في القانون، فالمنصوص عليه بالقانون هو جريمة شراء الأصوات".
فيما خالفهم بذلك البعض، قائلين إن "من يتحدث عن إنفاق المال السياسي لغايات انتخابية، هو أيضًا يُخالف القوانين والأنظمة الانتخابية"، معتبرًا إياها "تسمية مزيفة أو مزورة، فهي عملية التفافية على ما نص عليه قانون الانتخاب والأنظمة المعنية".
إلى ذلك، قال الناطق الإعلامي السابق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب، حسين بني هاني، إنه لا يُحبذ مصطلح استخدام المال الأسود، لأنه يُثير "حساسية سياسية"، ويُفضل إطلاق المال الذي يُستخدم لغايات غير قانونية، مضيفًا "للأسف الشديد يُستخدم هذا المال في كل انتخابات نيابية في الأردن، وما يزال كذلك، بمعنى أنه استخدم وما يزال، وإن كان بطرق وآليات مختلفة".
وأكد بني هاني أن هناك نصوصا واضحة في قانون الانتخاب تُكافح استخدام مثل ذلك المال، داعيًا الهيئة المستقلة للانتخاب للتعاون والتنسيق بشكل مكثف مع أجهزة الدولة الرسمية، لمراقبة كيفية إنفاق هذا المال في التجاوز على أحكام قانون الانتخاب.
كما دعا بني هاني "مستقلة الانتخاب" للقيام بواجبها لـ"وقف استخدام هذا المال لتلك الغايات غير القانونية"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن هناك بندا واضحا في التعليمات التنفيذية الخاصة تقوم بموجبه القائمة الانتخابية بوضع حسابًا بنكيًا للإنفاق منه على حملتها الانتخابية، "الأمر الذي يسهل على الهيئة أن تُراقب هذا الحساب البنكي، والكيفية التي من خلالها تصرف أموال مترشحي القائمة على حملاتهم الانتخابية".
وقال بني هاني "بناء على ذلك، فإن الادعاء بعدم القدرة على ضبط موضوع المال الذي يُستخدم لغايات غير قانونية، غير صحيح، أو ادعاء غير صحيح، فما دامت الوسيلة معلومة وواضحة، فإن ذلك يُسهل معرفة إنفاق ذلك المال".
من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين، إن مكافحة المال الأسود الذي هو عبارة عن جريمة شراء الأصوات، "نجد أن قانون الانتخاب الحالي وتعليمات الهيئة التنفيذية، أوجدت العديد من التدابير والضمانات لمواجهة هذا المال، أهمها أن المادة 59 من قانون الانتخابات غلظت العقوبة على كل من يقوم بشراء الأصوات؛ وأصبحت العقوبة هي جناية من 3 إلى 7 سنوات، وهذا تشديد أو تغليظ في العقوبات".
وأضاف نصراوين أن جريمة شراء الأصوات كانت في السابق تُختصر على فترة الدعاية الانتخابية، إذ كانت قوانين الانتخاب السابقة تفرض هذه العقوبة على المرشح، في حال قيامه بشراء الأصوات".
وتابع نصراوين أما قانون الانتخاب الحالي "فقد وسع من نطاق هذه الجريمة، حيث لم يعد يشترط أن يرتكب هذه الجريمة المترشح"، موضحًا "أنه لم يعد نطاق هذه الجريمة، هي فترة الدعاية الانتخابية فقط، بل أصبحت هذه الجريمة يمكن أن تُرتكب في أي وقت منذ البدء بالعملية الانتخابية"، وهذا ما يؤكده قيام "مستقلة الانتخاب" بتحويل العديد من الأشخاص، بتهمة شراء الأصوات خلال هذه الفترة إلى النائب العام، رغم أن مرحلة الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد.
وأشار إلى المادة 59 التي تقول "يُحظر على أي شخص أن يقوم بتقديم مال أو منفعة".
ولفت نصراوين إلى الآليات الأخرى لمواجهة شراء الأصوات الانتخابية، هو أن "مستقلة الانتخاب" ألزمت بموجب تعليماتها الخاصة، كل قائمة انتخابية أن يكون لها حساب بنكي للصرف على مراحل العملية الانتخابية الخاصة بالقائمة".
وأوضح نصراوين "أنه لا يجوز لأي عملية صرف أن تتم إلا من خلال حساب بنكي، يكون له مدقق حسابات، فضلًا عن وجود رقابة عليه من قبل الهيئة".
وقال الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب، جهاد المومني، إن الحل يكمن في "تطبيق القانون على من يستخدم هذا المال للتأثير على إرادة الناخبين بأي شكل من الأشكال"، مشيرًا إلى المادة 59 من قانون الانتخاب التي تُجرم هذا الاستخدام، وتعتبره جريمة انتخابية، قد تصل عقوبتها إلى السجن سبع سنوات".
ولفت إلى أن الهيئة "ترصد هذه المخالفات، وتتلقى بلاغات، كما أنها تستدعي من يتم التبليغ عنه، وتحصل على وثائق وبينات معينة، تستدعي التحقيق في هذه القضايا".
وأوضح المومني في حال تبين أنها قضية مال أسود تقوم الهيئة بتحويلها إلى القضاء باعتبارها ضابطة عدلية، تستطيع أن تحيلها إلى النائب العام، وذلك بعد التأكد من صحة البلاغ، لأن بعضها قد يكون كيديًا".