حسين الجغبير يكتب :الحظر الشامل.. جف القلم

الأنباط-
انتهت القصة التي أشغلتنا منذ منتصف شهر اذار الماضي، أي قبل نحو ستة أشهر من الآن، وهو التاريخ الذي أعلن به مرحلة مكافحة وباء فيروس كورونا، حيث أُتخِذَت اجراءات الحظر الشامل لفترة زمنية طويلة أسفرت عن ضرر بالغ في الاقتصاد الأردني، وتأثر القطاعات المختلفة، وزيادة نسب البطالة والفقر.
ولغاية الآن ما تزال الدولة تعيش في مأزق كورونا، تائهة بين الفتح التام، وبين الفتح الجزئي خصوصاً وأننا ما نزال ملزمون على التواجد في منازلنا بين الساعة العاشرة والحادية عشر مساءاً.
هذا الأمر لا يجدي نفعاً، فاستمرار الرقص على الحبلين وعدم إتخاذ قرار نهائي سواء بالانفتاح أو الاستمرار في شبه الإغلاق لن يجلعنا كاقتصاد وكدولة وكمواطنين نستقر ونهدأ، ولن يساعد في أن تعود عجلة الحياة إلى طبيعتها، وستبقى الدولة في جزيرة شبه منعزلة عن العالم المحبط بنا وذلك البعيد، كما أنه لا يمكن اخفاء حالة الارتباك الشديدة التي يرزخ تحتها المجتمع المحلي.
أغلب المواطنين لا يستطيعون حتى هذه اللحظة اتخاذ قرار باتجاه تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة أم نقلهم إلى الحكومة، وهو قرار يجري كل عام في منتهى السهولة والبساطة والسلاسة، ومرد ذلك هو الارتباك الحاصل جراء القرارات المتشعبة والمتنوعة التي تتخذها الحكومة، دون شفافية أو وضوح، ناهيك عن غياب الثقة لدى الشارع بأي اجراءات تتخذ بالتعامل مع كورونا، حتى أن العديد من المواطنين يرون في سلوك الحكومة مؤامرة عليهم.
اليوم الدولة مطالبة بفتح حدودها، سواء البرية أو الجوية، حركة السفر العادية والتجارية والسياحية يجب أن تعود كما كانت قبل كورونا مع أخذ كافة احتياطات السلامة العامة، وهذا الاجراء متبع في كافة دول العالم التي تعاني من تفشي كورونا بشكل يفوقنا كثيراً، ومع ذلك يراهون على وعي المواطن وعلى جاهزية كافة المؤسسات من حيث دليل السلامة العامة.
كما يجب التوقف عن إعلان الحظر الشامل بعد الساعة الحادية عشر، فالناس يختلطون مع بعضهم البعض طيلة اليوم، في المولات والأسواق والمقاهي وعند مراجعة مؤسسات الدولة، وفي وسائل النقل، وسيفعلون ذلك أيضاً في المدارس عندما يلتحق أكثر من مليوني طالب وآلاف المعلمين في صفوفهم، وفي الانتخابات العشائرية الداخلية تمهيداً للانتخابات النيابية، ما يعني أن لا مبرر بعد اليوم لأن نطفئ أنوار البلد الساعة الحادية عشر ليلاً.
خسائر الحظر اقتصادياً بلغت حدوداً يصعب جداً تحمّلها والتعامل معها أو السيطرة عليها، ومن جانب آخر أشار وزير الصحة الدكتور سعد جابر إلى أن العودة إلى نقطة صفر إصابة في فيروس كورونا أمر صعب مع الاستحقاقات المقبلة، وهذا يعني شيئاً واحداً، وهو أن الأردن يجب أن يعود إلى ما قبل شهر آذار الماضي مهما كانت النتائج وكلفتها.
ما هو مطلوب مع مرحلة التعايش التي أعلن عنها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أمس هو أن تكون الحكومة قادرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والتزام ووعي المواطنين عبر أخذ كافة الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم وصحة المجتمع. هذا ما نحتاجه ليس أكثر.