د. عبدالله الطوالبة يكتب: نحو قوائم تضم المترشحين لإنتخابات الصحفيين!
الأنباط -نحو قوائم تضم المترشحين
لإنتخابات الصحفيين!
د. عبدالله الطوالبة
منذ 67 عاما، لم يحدث تغيير في آليات انتخابات نقابة الصحفيين، بإستثناء إلغاء نظام "الكوتا" في تشكيل المجلس. هذا النظام معروف للصحفيين، وقد كان منصوصا عليه في قانون النقابة السابق، وتجاوزه القانون الحالي.
يلفت النظر، أن نقابة الصحفيين تقوم بين حين وآخر بإعادة النظر بالعديد من إجراءاتها وآليات عملها، حتى لو تطلب الأمر تعديل تشريعاتها، مثلما حصل بخصوص توسعة العضوية للتماشي مع توسع الجسم الصحفي.
ولكن لا نعلم سر استثناء نقابة الصحفيين من التنافس الانتخابي ضمن قوائم، لكل منها برنامج وخطة عمل، كما استقر عليه العُرف في النقابات المهنية.
ما يزال مرشحو الصحفيين لموقع النقيب ولعضوية المجلس، يعتمدون في حراكهم الانتخابي على العلاقات الشخصية والمجاملات والإحراجات أحيانا. ولنعترف بصراحة، أن الاعتبارات المهنية والمؤهلات الثقافية والمعرفة، تلاشى دورها في الاختيار، رغم كثرة ما تلوكه الألسن بشأنها، في المواسم الانتخابية بخاصة. وفي السنوات الأخيرة، بدأنا نلحظ نزعات عصبوية تطل برأسها، كالجهوية والاقليمية والقبلية أخيراً. ويصعب تصور انتشار هذه العصبيات بين الصحفيين وأهل القلم عموما بأي قدر كان، باعتبارهم الأقرب إلى الضمير المجتمعي والأكثر تعبيرا عن الوجدان الشعبي، كما يُفترض.
بمعايير الانتخابات في العصر الراهن، فإن طرح المرشح لذاته منفردا ومراهنا على علاقاته في الوسط، تبدو من الماضي. والأسوأ، أن الفوز في الانتخابات بهذه الأساليب، لا يضمن أداء نقابيا فاعلا، من شأنه إحداث نقلات فارقة في مسيرة النقابة، على صُعُد تفعيل دورها في المشهد الاعلامي وخدمة أعضائها وفرض وجودها.
لقد استقرت الأعراف الديمقراطية الحديثة على خوض الانتخابات، ضمن قوائم تطرح برامج وخطط عمل، يتم الالتزام بتنفيذها. من جانبها، تمارس الهيئة العامة دورها في متابعة التنفيذ والمساءلة والمحاسبة. وبطبيعي الأمر، لا يُستبعد التغيير اذا تطلبت المصلحة العامة ذلك، من خلال الدعوة إلى انتخابات جديدة. ومن الثابت، أن نظام الكتل او القوائم، يضفي زخماً حيويا على العملية الانتخابية، من شأنه اغناء مضامين الحوارات واثراء البرامج المنافسة، لتقديم الأفضل في سبيل الارتقاء بفاعلية النقابة.
ولنا الآن أن نقارن بين مستويي الأداء، في حال خوض الانتخابات في قوائم متنافسة او الفوز بناء على العلاقات الشخصية والجهد الفردي. في الحالة الأولى، ثمة التزام بتطبيق برنامج، وهناك متابعة ومساءلة ومحاسبة. وفي الحالة الثانية، فإن ما يدعو إلى تغليب الخاص أكثر مما يدفع الى خدمة العام. فالفوز حصل بجهود ذاتية. وحتى لو أعلن المرشح برنامجا مكتوبا، فإنه غير مُلزم به بعد أن حقق مبتغاه. فلا متابعة ولا محاسبة، كما أن العلاقات الشخصية سبب النجاح قائمة، وقد تتوسع بعد الفوز.
تأسيسا على ما تقدم، لا نرى ما يمنع من القول بأن تطوير أداء أي نقابة، يبدأ بوضع آليات انتخاباتها تحت مجهر المراجعة النقدية، ابتغاء التطوير وتلافي أسباب الضعف.
وفي إسقاط ذلك على نقابة الصحفيين، فمن المفترض أن يكون تفاعلها ملموسا مع القضايا الوطنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما أن كثيرين من أعضاء الهيئة العامة، يتطلعون لدور أكبر للنقابة في الدفاع عن الحريات العامة والإعلامية بشكل خاص. ومن المفترض أن يكون للنقابة حضورها القيادي الفاعل بين النقابات المهنية، لكن واقع الحال يشير إلى عدم تحقيق الحد الأدنى المطلوب على هذا الصعيد.
وقد آن لنقابة الصحفيين أن تفعّل دورها في المشهد الاعلامي. فأين هي مبادرات النقابة واسهاماتها لانتشال الإعلام الرسمي من بؤس حاله؟! فلم يعُد هذا الإعلام يحظى بثقة المواطن لأكثر من سبب، في مقدمها تمسكه بالقيام بدور الناطق باسم الحكومات المتعاقبة، في عصر الفضاء المفتوح وتدفق المعلومات في الاتجاهات كافة بيسر وسهولة.
ضعف أداء النقابة وتراجع مستوى حضورها، أمران يكاد يُجمع عليهما معظم أعضاء الهيئة العامة، من موقع الحرص على البيت الثاني لكل صحفي.
والذي نراه ان الانطلاق إلى التطوير والارتقاء بمستوى الأداء على الصعد كلها، إنما يبدأ بآلية انتخابية تنهض على الكتل المتنافسة في برامجها وخططها. وهو أمر لم يعُد يحتمل التأجيل، فمن يعلق الجرس؟!