الجائحة ومسار التعليم الافتراضي



لم يكن لدينا نحن الاكاديمين قبل جائحة كورونا غير الاهتمام المفرط بتقديم محاضرة علمية متكاملة من خلال اللقاء والتفاعل المباشر مع الطلبة في القاعة الدراسية،وأدائنا مرتكز على(ثلاثي العملية التعليمية)،المنهج والمدرس والطالب،وعندما تقدم المحاضرة امام عدد كبير من الطلبة مستخدمين اللوحة في تاشير الملاحظات،يكتنفنا شعور لا يوصف وانت ترى القبول على وجوه الطلبة ورضاهم من ان رسالتك العلمية قد وصلت،والغريب كنا مبدعين حيث ان المحاضرة الاولى تختلف عن الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من ناحية الابداع العلمي وهي ذات الموضوع،فمن المخجل ان لا تضيف شيئا جديدا على محاضراتك رغم تتالي عددها في اليوم.وعندما إنتشرت الجائحة تغيرت مضامين التواصل العلمي مع الطلبة فظهر ما يعرف بالتعليم الالكتروني،كناظم تعليمي جديد طبق من كل الجامعات ومنها العراقية،ويبدو ان هذا الناظم سوف يستمر للسنوات القادمة ليس بسبب قيمته العلمية وانما بسبب استمرار التباعد الاجتماعي كوسيلة احترازية فرضتها ظروف كورونا ،ويكذب من يقول ان هذا النمط هو النمط الامثل في جودة العملية التعليمية التي ننشدها والتي من خلالها نتواصل مع الطلبة.
لقد غيرت(كورونا)من الانماط الاجتماعية الكثير ومنها التعليم،فقد اعيد وبقوة مسار التعليم الالكتروني الذي اثيرحوله الجدل وعدم الاعتراف به لدى الكثير من المؤسسات الاكاديمية،واعتبر تعليما سطحيا غير مثمرا،ولكن بعد غلق المؤسسات التعليمية أبوابها ضمن الحجر المنزلي كان المؤيدون للتعليم الإلكتروني(يأملون في أن الوقت قد حان لتثبت هذه الطريقة التي اسيء فهمها وجدارتها)سابقا.ولهذا أثارت الجهود الهادفة والمتسرعة لتبني التعليم الإلكتروني(قلقا شديدا بشأن ردود الفعل السلبية المحتملة على)اعتماده وتطبيقه،بسبب احتياجه لبيئة تعليمية افتراضية خاصة،يتم تكيفها وفق ثلاثي العملية التعليمية تتيح لها الاستمرار دون أي خلل.ومن هنا تظهر أهمية التعليم الالكتروني كضرورة(فرضتها جائحة كورونا وذلك لما يمتاز به من خصائص تجعله البديل الأكثر ملاءمة لتلافي تبعات الجائحة وأضرارها على العملية التعليمية)مما دفع بالمؤسسات التعليمة
للتحول إلى التعليم الإلكتروني(E-Learning)، كمسار منظم للعملية التعليمية،خصوصا بعد ظهور إنترنت الاشياء Internet of Things وهو (الجيل الجديد من الإنترنت الذي يتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها عبر بروتوكول الإنترنت وتشمل هذه الأجهزة الادوات والمستشعرات والحساسات وأدوات الذكاء الاصطناعيArtificial Intelligenc).
ورغم ان التعليم الالكتروني هو امتداد(للتعليم عن بعد)ذو الجدل العلمي،فان مضمونه اكثر قبولا للتعليم والتعلم.
يقسم التعليم الالكتروني الى:
اولا :التعلم الإلكتروني المتزامن (Synchronous E-Learning):
وهو التعليم الذي يحتاج إلى(ضرورة وجود المتعلمين والمعلم في نفس الوقت حتى تتوافر عملية التفاعل المباشر بينهم ،كأن يتبادلان الاثنان الحوار من خلال المحادثة Chattingأو تلقي الدروس من خلال الفصول الافتراضية).
ثانيا:التعلم الإلكتروني الغير متزامن (Asynchronous E-Learning):
ويتمثل في(عدم ضرورة وجود المعلم و المتعلم في نفس وقت التعلم ،فالمتعلم يستطيع التفاعل مع المحتوى التعليمي ،والتفاعل من خلال البريد الالكتروني كأن يرسل رسالة إلى المعلم يستفسر فيها عن شئ ما ثم يجيب عليه المعلم في وقت لاحق).
ثالثا: التعلم المدمج(Blended Learning):
هو التعليم الذي يستخدم فيه(وسائل اتصال متصلة معا لتعلم مادة معينه وقد تتضمن هذه الوسائل مزيجا من اللقاء المباشر في قاعة
المحاضرات والتواصل عبر الانترنت والتعلم الذاتي).
لقد نجحنا في ان نستخدم نمطا تعليميا الكترونيا وإنهاء العام الدراسي بفاعلية أكاديمية مرموقة،في مختلف الاختصاصات،رغم صعوبته وصعوبة إلالمام المسبق للبعض بالمتغيرات التقنية الحديثة ،ومثل هذا النجاح يسجل للجميع ،والخوف ان يتم تغيير هذا النمط بحجة استيعابه والبحث عن الافضل،اذ ان كل
المعطيات الحالية تتجه بالتحول بالتعليم الالكتروني باتجاه(التعليم المدمج) والذي سيصبح له شأن كبير بل سيصبح أحد الركائز التي تقوم عليها العملية التعليمية وفقا لتوجهات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي رشحت هذا النمط مسارا تعليميا جديدا(علما ان التعليم المدمج ليس إبتكارا بقدر ما هو منتج ثانوي طبيعي للمجال الرقمي الذي يتسلل تدريجيا بداخل جسم التربية والتعليم).ومن خلال التعمق في هذا المسار من الخطا ان نجعل منه نمطا يلغي مسيرة تعليمية راشدة بحجة مسايرة التطور.ان فرض تطبيقه لضمان ايجابياته يتطلب تخفيفا للتباعد الاجتماعي ورشدا الكترونيا مميزا من قبل (المعلم)و(المتعلم) وضمان متطلبات رقمية والكترونية وسرعات انترنت اضافة الى الكوادر البشرية المؤهلة والبنى التحتية التي تتلائم وذلك المسار والتي تفتقدها الكثير من مؤسساتنا التعليمية.
#كورونا :غيرت كل شي.