د. فاضــل الزعبي يكتب:هيكلة القطاع العام
الأنباط -
هيكلة القطاع العام
بقلم د. فاضــل الزعبي
عمل وفعالية القطاع العام، قضية شغلت بال كل من تولى الحكومة في الأردن منذ أمد بعيد.
كلنا سمع وشاهد محاولات البعض من رؤساء الوزراء، لإعادة هيكلة الحكومة (وزارات، هيئات مستقلة، وغبرها من المسميات التي تندرج تحت القطاع العام).
إعادة الهيكلة (Reform) مطلب ضروري تبعا لتغيير المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإقليمية والأمنية.
لن استخدم المصطلحات الكبيرة التي اصمت أذاننا من خريجي ارقى الجامعات مثلا ( الجيوسياسية، الجيواستراتيجية، سوشيولجي، براغماتية (ذرائعية(، وغيرها ) بل سأذهب إلى الموضوع مباشرة.
لإعادة الهيكلة لابد مما يلي:
•تحليل الوضع القائم –مكامن القوة والضعف-التحديات الحالية (Situation Analysis) (ٍS)
•الاتفاق على الهدف من إعادة الهيكلة-زيادة فعالية-ترشيق وخفض نفقات-تغيير اتجاه الاقتصاد-تغيير مفاهيم اجتماعية أو غيرها (( Target((T
•تحديد من سيقوم بها الجهد وما هي الخطوات الواجب اتباعها (A)(Activities) ,
•تحديد النتائج المرجوة من إعادة الهيكلة ووضع المعايير اللازمة لقياس ذلك. (ٌResults)(ٌ(R
يعني تطبيق بسيط لمفهوم ٍSTAR، اللي كل خطوة منه لازم تكون وفق معيار ((SMART
بمعنى أن تكون كل خطوة من الخطوات الأربعة أعلاه:
•محددة لأغراض إعادة الهيكلة S
•قابلة للقياس أي يتم وضع مؤشرات ومعايير نجاخ التنفيذ M
•قابلة للتنفيذ مرتبطة بالقدرة المتوفرة من الموارد البشرية والمالية A
•مرتبطة ارتباط وثيق بإعادة الهيكلة والربط الوثيق مع أهدافها R
•ووفق مدد زمنية محددة T
دروس مستفادة من المحاولات السابقة ونصائح للمضي قدما:
الدرس الأول والاهم والذي يحتل 50% من العمل:
الجهاز والأداة التي كانت تقوم بإعادة الهيكلة كانت حكومية ومن رحم القطاع العام وهذا بتنافي مع ابسط مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية.
النصيحة الأولى: يجب أن يتولى عملية إعادة الهيكلة بكل خطواتها الأربع جهة مستقلة تتسم بأعلى معايير المهنية والكفاءة العملية و من الممكن أن تكون الجهة من خبراء محليين أو دوليين أو مشترك ما بين الاثنين. كما يمكن أن تكون من خبراء حكوميين في دولة أخرى لها تجربة مماثلة وناجحة ومشهود لها بالسمعة الحرفية المثبتة
الدرس الثاني:
عدم وضوح الهدف من إعادة الهيكلة وعدم واقعية بعضها (يعني ماذا نريد أن نحصل من الهيكلة)
النصيحة:
يتم الاتفاق مسبقا على الهدف من إعادة الهيكلة باعتمادها على مبدا التشاركية بين كل القطاعات ،عام، خاص, مجتمع مدني، بيوت خبرة عالمية ومحلية، هل الهدف:
زيادة فعالية القطاع العام بشكله الحالي.
أم ترشيق وخفض النفقات.
أم هو استجابة للتغيير في اتجاه الاقتصاد.
أم هناك تغيير مفاهيم اجتماعية جديدة أفرزتها الأوضاع المعيشية.
أم أن هناك تحدي سياسي/امني إقليمي اثر على معيشة المواطن وقد تكون له انعكاسات على المدى المتوسط والطويل.
أم أن التوجه لزيادة مساحة عمل ونشاط وسيطرة القطاع الخاص وتخلي الحكومة عن لعب بعض الأدوار.
ام غيرها.
الدرس الثالث:
عدم التزام الجهة الحكومية المسؤولة عن إعادة هيكلة القطاع العام بسقف زمني حيث أصبحت العملية عمل حكومي روتيني يومي ضمن مهام وزارة تطوير القطاع العام يمتد من حكومة إلى التي تليها..
النصيحة:
وضع سقف زمني معقول و الالتزام به بشكل صارم لا يتجاوز (2-4 سنوات في مجمله) اي من ضمن عمر الحكومة والدورة الانتخابية.
ولتوضيح ما أريد إيصاله اسرد مثل يحتذى به من تجارب دول عديدة:
مثلا، بدل أن يتم فرز 61 هيئة مستقلة خارج جسم الوزارات، يكون الحل بإعادة نسجها ضمن الوزارات القطاعية من نفس جنسها.
أما الهيئات التي يمتد عملها إلى اكثر من وزارة فيمكن استخدام النموذج أدناه أو شبيه له:
لنقل، مجلس اعلى للأمن الوطني يندرج تحته:
هيئة الأمن الوطني، وهيئة لإدارة الطوارئ والكوارث والأزمات، وهيئة الأمن الغذائي، وهيئة الأمن الاقتصادي، ويندرج تحتها كل المناطق التنموية والسلطات المستقلة كالعقبة والبتراء ووادي عربة وما شابه.
أن النموذج أعلاه سيدفع إلى حذف العديد من الوزارات أو دمجها مع غيرها.
لا أضع تقييدا لإعادة الهيكلة، وإنما أفكار نستنير بها لضمان نتائج نحتاجها.
هذه اهم الدروس المستفادة. بل إن من أهمها على الأطلاق إيكال المهمة إلى جهة مستقلة فعليا بدل إن يصبح وزارة من رحم الحكومة الحالية وتدير الأمور بطريقة روتينية وبنفس روح الحكومة .. يعني لا إعادة هيكلة وإنما إعادة خلط أو ترتيب الأوراق.