الزراعة وأزمة غذاء مقبلة
في أكثر من لقاء أهلي
وحكومي كان جلالة الملك
ينبه إلى أن أزمة محتملة
للغذاء في العالم ستقع
خلال الفترة المقبلة بسبب
أزمة كورونا.
وشعور منه بهذه المشكلة
حث على دعم القطاع
الزراعي باعتباره استراتيجيا
لتحقيق الامن الاقتصادي
والاجتماعي والامن الغذائي
فهل استجابت الحكومة.
أول طرق دعم القطاع الزراعي كان في تفريغ المزارع الكبرى والصغرى من العمالة الزراعية
الوافدة، ليس هذا فحسب بل ألحق ذلك بقرارات مرنة سمحت بتسرب هذه العمالة
ورحيلها عبر تصاريح العمل الحر والإنتقال السلس والميسر من عمل لآخر، وفتح الحدود لا
بل مكافأة من يرحل من هذه العمالة بإعفاءات سخي
كن فهم هذه الإجراءات والتصفيق لها على اعتبار أنها ستسمح بإحلال سريع لعمالة
أردنية تنتظر بفارغ الصبر أن تملأ الفراغ، لكن هذا لم يحدث ولن يحدث بكل تأكيد لأن هذا
النوع من العمالة غير متوفر، وقد غاب عن صانع هذه السياسات أن الزراعة أصبحت صناعة
ومهنة تتطلب احترافا وتدريبا كبيرين وليس مجرد حرث الأرض ونثر البذور وفتح صنابير
المياه.
سنحتاج الى دراسة لأسباب تراجع الزراعة ولفت الإنتباه لهذا القطاع الحيوي، ليس لوقف
التراجع فقط بل لجعله قادرا على تحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء قبل لعب دور مخزون
قادر على تغطية أوسع تتعدى الحدود في ظل مشاق متعددة العقد في اليات التصدير.
صحيح أن الأردن يفتقر الى أهم عوامل الزراعة وهي الأرض والماء والعمالة ورأس المال لكنه
يستطيع أن يتغلب عليها بالتكنولوجيا وبالتوظيف الأمثل للموارد لكن قبل هذا وذاك
عبر سياسات محفزة.
لا يمكن الحديث عن نهوض القطاع الزراعي في ظل تدني مساهمته في الناتج المحلي
الإجمالي الى 6.4 %وتراجع الأرض الصالحة للزراعة، التي كانت 12 %من مساحة المملكة، إلى
أقل من الثلث وتحويل المياه الى الشرب والأرض إلى سلعة عقارية ونظام تعليمي يفرخ
أطباء ومهندسين وموظفين ويسمح بالإتكال على العمالة الوافدة ليعالج زيادتها بعد
ذلك بسياسات غير مفهومة بل متناقضة.
لكي تصبح الزراعة استراتيجية كما يريد جلالة الملك، فلا بد من العمل على إنشاء بنك
للبذورة ومعالجة مشاكل القطاع العمالية وتسهيل توظيف التكنولوجيا وتغيير آليات
التعامل مع التصدير بترك المزارعين وجهودهم دون الحاجة لابتكار شركات تصديرية غير
لازمة سرعان ما تصبح من المعيقات والأعباء.
هل آن الآوان لزيادة حصة الإنتاج المادي -زراعة، صناعة، إنشاءات-؟، ليس المطلوب تغيير
الخطط التي منحت الخدمات حصة الأسد في الاقتصاد، المطلوب فقط أن نحقق على
الأرض بعض الأهداف السهلة!