اختلالات في الاقتصاد الأردني


ترجمة للتأكيدات الملكية بضرورة المشاركة بين القطاعين الحكومي والأهلي،عكفت جماعة عمان لحوارات المستقبل على دراسة واقع الاقتصاد الأردني من منطلقات أردنية في رؤيتها، مما مكنها من إنجاز ورقة حال للاقتصاد الأردني كجزء من مشروع متكامل للإصلاح الاقتصادي تسعى الجماعة إلى إنجازه .
وصلت ورقة الجماعة إلى جملة من الحقائق حول واقع الاقتصاد الأردني، أولها أنه اقتصاد يعيش أزمة بنيوية تاريخية، مرتبطة بطبيعة نشوء الدولة الأردنية الحديثة، معتمدة على المساعدات الخارجية والقروض الداخلية والخارجية، مما ساهم في تعميق هذه الأزمة وتشعبها، وتعدد اختلالاتها التي وصل معظمها إلى مستويات خطيرة.
أكدت الورقة أن تقلبات السياسة ومن ثم تقلبات حجم المساعدات الخارجية للأردن حرمت الاقتصاد الأردني من استكمال تجاربه وخططه الاقتصادية والبناء عليها، الأمر الذي ساهم في إنهاكه وتعميق أزمته، وحرمانه من بناء نموذجه التنموي، كما جعلته اقتصاداً بلا هوية، وبلا رؤية خاصة به، فسيطرت عليه تصورات مالية وخطط وتشريعات غريبة لا تتناسب مع طبيعة مجتمعه.
كما أشارت الورقة إلى عدد من الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني كتراجع السياسات الاقتصادية لحساب السياسات المالية الجبائية.واختفاء خطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية، وتضخم الجهاز المصرفي وعدم قيام غالبيته الساحقة بأية أدوار تنموية، أو مسؤولية اجتماعية، بل أن ارتفاع الفوائد التي تتقاضاها المصارف تشكل عنصر إعاقة أمام نمو الاقتصاد الأردني، لأنها سببٌ من أسباب ارتفاع كلف الإنتاج، ومن ثم هروب المستثمرين، ساعد على ذلك العلاقة المختلة بين الحكومة والقطاع المصرفي الأردني لحساب القطاع المصرفي الذي يكتفي بأرباحه من قروضه للحكومة، وقد أعلنت الجماعة أنها بصدد إعداد ورقة لبيان حجم تغول هذا القطاع، بالتزامن مع ضعف سوق الأوراق المالية "البورصة" الذي زادته السياسات الضريبية ضعفاً على ضعف.
كما أشارت ورقة جماعة عمان إلى التشوهات الضريبية والارتفاعات في معدلات الضرائب وتعدد أشكالها مما يجعلها بيئة ضريبية طاردة للاستثمار، ومثلها البيئة الإدارية الطاردة للاستثمار أيضاً، خاصة مع بروز ظاهرة الرشوة بالإضافة إلى بيئة تشريعية طاردة هي الأخرى، لأنها تتصف بكثرة التغيرات، والإزدواجية في بعض تشريعاتها، وتضارب في بعضها الآخر، بالإضافة إلى أنماط من التحايل على القوانين وعدم الالتزام بها، كذلك بطء إجراءات التقاضي مما يؤثر تاثيراً سلبياً كبيراً في الاستثمار وعلى سمعة الاقتصاد الأردني.
كما أشارت الورقة إلى عدم تنظيم سوق العمل،وإلى الخلل في تركيبة وأدوار المؤسسات الأهلية " غرف، ونقابات، واتحادات" من حيث حقيقة تمثيلها للعاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية ومن حيث دورها بالنهوض بمستوى القطاعات التي تمثلها، بالإضافة إلى غياب المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجة السوق للقوى البشرية ومن حيث الدراسات والبحوث ومن حيث بناء منظومة قيمية اقتصادية ومن حيث قصور النظام التعليمي عن بناء منظومة قيم وسلوك اقتصادي رشيد ومنتج وبعيد عن الإسراف والتبذير يعمل على تنمية قيم تعظيم الإنتاج وترشيد الاستهلاك واحترام العمل اليدوي والمهن البسيطة.