مؤرخ لبناني: المدن العربية الأكثر تأثراً بالحداثة هي مدن المرافىء

الأنباط -قال المفكر والمؤرخ اللبناني الدكتور خالد زيادة، إن المدن العربية الأكثر تأثرًا بالتحديث العمراني، ونمط العيش والعادات هي مدن - المرافىء التي كانت في الماضي تستقبل الجاليات الأجنبية والقناصل، وتوسّعت فيها أعمال التجارة مع أوروبا منذ بدايات القرن التاسع عشر.
وأوضح زيادة، خلال لقاء افتراضي نظّمه منتدى الفكر العربي، مؤخراً، ناقش فيه مضامين كتابه "المدينة العربية والحداثة"، أن كتابه يتناول التطورات التي لحقت بالمدن العربية، وخصوصًا المدن المتوسطية، والتي بدأت تظهر ملامحها بوضوح مع المؤثرات الغربية خلال تلك البدايات، ومن هذه المدن القاهرة والإسكندرية وبيروت.
بدوره، دعا الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبو حمور، الذي أدار اللقاء، إلى فهم طبيعة التنوّع ومصادره في المجتمعات المدنية العربية.
وقال "إن الحياة الحديثة والعولمة التي اجتاحت مجتمعاتنا غطت على الكثير من مكامن حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو الحل الذي يحتاج إلى فهم الجذور والأسباب وراء الأزمات التي تعاني منها أكثر المدن".
وشارك أكاديميون ومسؤولون عرب سابقون وإعلاميون في النقاش حول مضامين الكتاب؛ حيث دعا أمين عمان الأسبق عقل بلتاجي إلى العمل على إثراء الجوانب الثقافية للمدن، مؤكداً أن مدينة عمّان التي عانت من الزيادة السكانية المتسارعة، تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والوعي بالمحافظة على طابعها التراثي، محذراً من السلوكيات المتغولة على هذا التراث بسبب الزيادة السكانية.
أمّا محافظ الإسكندرية السابق الدكتور هاني المسيري، فأكّد أهمية تعريف الأجيال الجديدة بتراث مدنهم؛ مشيراً إلى أن عقبات التمويل وتضاؤل الوجود الثقافي هما من أبرز المشكلات في تطوير المدن والحفاظ على هويتها.
بدورها، لفتت الإعلامية اللبنانية جيزال خوري إلى أن ما يدعو للقلق، هو ترييف المدينة العربية؛ ما يخضع التطور والحداثة والديمقراطية وحرية التعبير لمفاهيم قبلية مختلفة تماماً، ذلك أن أفكار التطور يفترض أن تبدأ في المدينة وتطبق فيها ثم تنتقل إلى ما حولها، وعكس ذلك يعني وجود عقلية ضد دولة القانون.
من جانبه، أشار أستاذ الفلسفة الدكتور المهدي مستقيم من المغرب، إلى أن الكتاب يحفّز الباحثين العرب على الخوض في الناحية السوسيولوجية للمدينة العربية، وينبّه إلى أن التخطيط للمدن ليس مقتصراً على المهندسين والمساحين، وإنما أصبح علماء الاجتماع والانثروبولوجيا والاقتصاد والسياسة هم من المخططين أيضاً، كما أصبح فهم العلاقات الاجتماعية داخل المدينة ضرورياً لفهم كيفية تشكّلها.
وركّز المؤرخ ومدير عام مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس الدكتور محمد هاشم غوشة، في مداخلته، على تأثير التغلغل الغربي في المدن الفلسطينية خلال القرن التاسع عشر من جانب الأوروبيين، إذ بدأت هذه المدن تتطور خارج أسوارها القديمة كما حدث في يافا وحيفا والقدس، وفي عهد الانتداب البريطاني أصبحت في المدن موانىء جوية ومطارات كما في اللد وغزة وأريحا والقدس- قلنديا، وعرفت القدس أحياء عصرية مثل القطمون والبقعة.
وقال إن مدن فلسطين زادت تطوراً مع دخول الكهرباء إلى البلاد، غير أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين جعل الزمن وكأنه بات متوقفاً في مدنها العربية التي اتسمت بالحيوية والنشاط قبل هذا الاحتلال.
--(بترا)