سجال الاقساط المدرسية يتواصل والحكومة ترفع يدها

اولياء الامور يطالبون بالخصم والمدارس الخاصة تتذرع بصعوبة الاوضاع

حداد: الطالب تحول الى سلعة والصوراني يرى ان الطالب أخذ حقه

الاهالي: المدارس لم تلتزم بالعقد ومطالبات بتدخل "التعليم الخاص"

مالك مدرسة: مشكلة الاقساط متجذرة والطويل: لا بد من تطبيق القانون

الانباط - عمر الكعابنة

وسط صمت غير مبرر من الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم التي يتواصل غيابها عن المشهد، يستمر التباين والخلاف بين أهالي طلبة المدارس الخاصة وبين ادارات هذه المدارس ومالكيها، الامر الذي يستدعي يحتاج تدخلا سريعا من الحكومة.

المدارس الخاصة ومنذ بدء جائحة كورونا عطلت كغيرها من القطاعات بقرار حكومي الامر الذي بلا ادنى شك وفر عليها مصروفات كبيرة بدل رواتب ودفع فواتير كهرباء وماء وخدمات ومحروقات واستخدام وسائل النقل وملاعب وقاعات ومختبرات ووو.....، اضافة لرواتب العاملين من سواقين واداريين حتى ان بعضها استغل الجائحة لتسريح معلمين ومعلمات.

الامور لم تقتصر على ذلك بالنسبة للمدارس الخاصة بل زاد الوفر بالنسبة لها مع اعتماد التعلم عن بعد التي اثبتت التجربة ضعف استعدادات هذه المدارس لمثل هذا النوع من التعليم، والذي اقتصر على فيديوهات أو محاضرات وأسئلة وامتحانات تغيب عنها كافة اشكال الرقابة.

وبالرغم من ذلك، الا ان غالبية المدارس الخاصة لم تقدم على ما يستوجبه هذا الظرف ولم تخصم ما هو مناسب من الرسوم وبدلات التعليم وحتى بدل النقل، ادارات هذه المدارس لم تراعي ظروف أولياء الأمور الذين نالهم ما نالهم خلال تعطلهم خلال الاربع شهور الماضية، وحتى بعض هذه المدارس التي اقدمت على تقديم خصومات فلم تكن خصوماتها الا صغيرة .

ويؤكد أهالي الطلبة على أن العقد بين الطرفين لم ينفذ كما تم التعاقد عليه، فهم لم يتعاقدوا على تعليم عن بعد، إنما على تعليم في بيئة صفية ومدرسية. وبناء على ذلك، فإنهم يطالبون بخصم مناسب من قيمة الأقساط السنوية، بينما تصر المدارس الخاصة على تحصيل كامل الرسوم، متذرعة بالتكاليف المترتبة عليها، والتزاماتها القائمة سواء كان التعليم في بيئة صفية أو عن بعد، وهو ما يفسره الأهالي بانه اصرار من ادارات ومالكي المدارس على التهرب من حصتهم من خسائر تحملها المواطنين ومحاولتهم تمريرها كاملة لذوي الطلبة.

وفي حين يطالب الاهالي ايضا بعمل خطة منهجية اجرائية ومالية خاصة بالتعليم عن بعد من قبل المدارس الخاصة خصوصا مع وجود اشارات بان هذه الطريقة قد يتم اعتمادها خلال الفصل الدراسي القادم، يرى المنسق لحملة "زودتوها" للدفاع عن حقوق طلبة المدارس الخاصة المهندس بشار حداد، "أن ما حدث وما شاهده الأهالي من ردود فعل ومن تصرفات "مخجلة وتقصير" من غالبية المدارس الخاصة والمبالغ التي يدفعوها لهذه المدارس هو ما دفعهم للمطالبة بالحقوق".

فيما اكد عمر الطويل المستشار القانوني في القضايا التعليمية، "أن القانون يتيح لنا المطالبة بخصم من قيمة الرسوم نسبة بما قدمته المدارس مقابل خدمة التعليم حسب العقود المبرمة"، بيد ان نقيب المدارس الخاصة منذر الصوراني له رأي اخر مفاده "أن العام الدراسي كان مكتمل وان الطالب أخذ حقه في التعليم (بغض النظر عن تفاصيل أخرى)، والخصم يتم فقط من قبل المدارس التي اقترضت من البنوك ولقسط شهري واحد".

وأوضح الصوراني لـ"الأنباط" بأنه من حيث المبدأ مع إعادة جزء من القسط المدرسي (شهر واحد من العام الدراسي)، مستدركا، "أعتقد ان هذا أمر صعب لكن هنالك ترتيب مع بعض المدارس بخصم شهر واحد من الأقساط المدرسية للسنة الدراسية الحالية"، باتفاق غير رسمي مع مسؤولي وزارة التربية، لأنه غير ملزم للمدارس الخاصة".

ويرى الصوراني، ان على "كل مدرسة تقاضت قرض بنكي إعادة قسط شهر من القسط المدرسي للعام المنصرم، إذا لم تقم بالخصم مسبقا حسب القانون"، مضيفا بأن التي لم تقترض ليست ملزمة بتاتا بالخصم تحت أي ظرف" .وأضاف، أن المدارس الخاصة لا تعمل باليوم أو بالساعة بل بناء على ميزانيات رسمية تبدأ في 1/7 وتنتهي بـ 31/6، لذلك فان عملية الخصم التي تم الاتفاق عليها مخالفة ولا تأخذ بها المدارس الخاصة لأن من قابل المسئول "غير مفوض"، مشيرا إلى أن النقابة لم تتخذ قرارا بهذا الشأن. حتى الان وأشار إلى أن الظروف كانت صعبة على المدارس وعلى أولياء الأمور في الوقت ذاته، ويعي تماما بأن ولي أمر الطالب تعرض لهزة مالية نتيجة كورونا والمدارس كذلك، فيما الحكومة "رفعت يدها عن الموضوع"، لتبقي الصراع بين المدرسة وأولياء الأمور.

ويؤكد المستشار الطويل "أن الحق في التعليم مجاني حسب نص المادة 6على 3 من قانون التربية والتعليم باستثناء المدارس الخاصة، التي تسمح لنفسها بوضع تكاليف زائدة، لكن القانون وضع نصوص وأسس لضبط هذه العملية وعدم إعطاء الحق للمدارس الخاصة بأن ترفع الأقساط كما تشاء، مضيفا أن العقد بين أولياء الأمور والمدارس ليس تجاريا بل هو عقد من النظام العام يشرف عليه من قبل وزارة التربية".

وأضاف بأنه يجب على وزارة التربية ملاحقة المخالفات القانونية التي تقوم بها المدارس لتضمن للأهالي عدم تجاوز تلك المدارس للقانون، مشيرا إلى أن المخالفات تتضمن، زيادة الرسوم دون موافقة الوزارة، وحتى لو افترضنا أن المدرسة أخذت الموافقة بزيادة الرسوم فلا يجب عليها أن تزيد الزيادة عن نسبة التضخم المعلن عنها من قبل الإحصاءات العامة في السنة السابقة، اما المخالفة الأخرى - وفقا للطويل- فأن فصل الطلاب لا يتم إلا من خلال إبلاغهم قبل أربعة أشهر من بداية الفصل الذي يلي التبليغ وهو ما لم تلتزم به المدارس ."

وأكد أنه رغم حالة الوباء التي أنتجت التعليم عن بعد، لكن هذا لا يعني بأن المدرسة تأخذ قسطا كاملا مقابل الخدمات التي قدمتها، فالتعليم لم يكن من داخل المدرسة ولم تقدم المواد بشكل كامل وتم حذف جزء كبير من المواد التعليمية المقدمة، مشيرا إلى أن الوزارة قدم لها العديد من الشكاوى بهذا الخصوص، لكن الوزارة كانت غير فعالة بفرض ولاياتها على المدارس، مطالبا اياها بفرض ولايتها القانونية .

"الانباط" حاولت اخذ رأي مدير مديرية التعليم الخاص التابعة لوزارة التربية بهذا الشأن، لكنه لم يجب على اتصالات "الانباط" ورسائل مندوبها عبر "الواتس اب"، فلم تجد بدا إلا اللجوء لتصريحات صحفية سابقة، أكدت فيها "إنه لا يجوز لأي مدرسة، حجز ملف أو شهادة أي طالب أو حرمانه من التعليم خلال العام الدراسي، مشيرة إلى أنه في حال عدم التزام ولي أمره بتسديد الرسوم المترتبة عليه، للمؤسسة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقها المالية وفق العقد المبرم بين الطرفين". وأوضحت بأنه يحق للمدرسة بحسب "نظام التأسيس والترخيص"، عدم تسجيل الطالب في العام الدراسي المقبل، لعدم تسديده للمستحقات المترتبة عليه بمقتضى العقد المبرم بين ولي الأمر والمدرسة عن العام أو الأعوام السابقة.

واوضح المهندس بشار حداد منسق "زودتوها" "للأنباط" ، إن أحد أكبر المشاكل التي نراها اليوم هو وجود الاستثمار التعليمي في أيدي مستثمرين لا علاقة لهم بالبعد التربوي للتعليم وعليه فقد تحول الطالب للأسف لسلعة تناقلها أيادي المدارس الخاصة التي لا ترى بعضها أن هناك حقاً للأهل بالدفاع عن حقهم المقدس بالتعبير عن رأيهم، فبالغت بعض ادارات المدارس بردات فعل من تهديد ووعيد وطرد للطلاب عقاباً لأهاليهم" .

وعن الحلول المقترحة من قبل الحملة، أكد بأنها بحاجة لجدية الحكومة في البدء بها ومنها "قوننة التعليم المنزلي والسماح للأهالي بتسجيل أبناءهم بالتعليم المنزلي لمن يستطيع، مشيرا إلى ضرورة تبني إستراتيجية تعليم متطورة والبدء بتطبيق تجارب جديدة تسمح باعتماد تدريس الأنظمة الأجنبية في المدارس الحكومية بالتوازي مع النظام الوطني، بالاضافة لإقرار نظام تصنيف وتقييم المدارس الخاصة، مع قانون واضح للأقساط والعقوبات للمخالفين ووجود رقابة كافية من الجهات المختصة.

من جهته، قال أحد مالكي المدارس الخاصة بأن "مشكلة دفع الأقساط متجذرة ما بين أولياء الأمور والمدارس الخاصة، لأن القانون لا يحمي الطرفين، ويشجع أولياء الأمور على عدم الدفع ويتيح الحق للمدرسة في مقاضاة ولي الأمر، لكن هذا الشيء مكلف على المدرسة ويأخذ وقت طويل".

وأوضح لـ"الانباط"، بأنه "هنالك فرق جذري بين أقساط المدارس الخاصة في عمان الشرفية والغربية، رغم أن قيمة التكلفة متقاربة نوعا ما، وعليه فإنني اطالب الوزارة بتقسيم المدارس الخاصة لفئات، كل فئة له قسطها الخاص بها حتى لا يتم الهجوم من قبل الأهالي على كل المدارس ".

وحول المدارس الخاصة وأزمة كورونا، أكد بأن "الضمان لم يساعد بدفع رواتب المعلمين بحجة أنهم عملوا عن بعد، وأكتفى بدفع 30% من رواتب الموظفين الذين لم يعملوا بسبب الجائحة، مضيفا بأن البنوك وضعت شروطا مستعصية لإعطاء القروض التي تصرف فقط لرواتب العاملين".

وفي وقت اكدت وزارة التربية عدم موافقتها على أي زيادة في الرسوم لأي مدرسة خلال الأعوام الثلاث الماضية، قامت مدارس خاصة بزيادة رسومها، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو بأساليب غير مباشرة، واكد بعض الأهالي انهم فوجئوا بزيادة الرسوم الدراسية للعام القادم وفقا لصفحة "زودتوها”،

وفي هذا الصدد، تقول "أم سامر" وهي ولي أمر احد الطلاب، "أن التعليم عن بعد لم يكن مثمرا ولم يحقق المطلوب منه"، مشيرة إلى أن هنالك عدد من المدارس قامت بتجميع عدد كبير من الطلاب في أحد المنصات الالكترونية للتقليل من تكلفة التعليم عن بعد ما أضر بالطلبة تعليميا" .

وتضيف لـ"الانباط"، "أننا ندفع الأقساط للمدارس لكي يستفيد ابنائنا، لكن هذا لم يحدث خلال الاشهر القليلة الماضية، منوهة بأن هنالك مدارس قامت بالغاء بعض المواد، وعليه وفيما نحن كأهالي نطالب بخصم من قيمة القسط المدرسي المترتب علينا، قامت بعض المدارس بزيادة قيمة القسط، رغم وجود قانون يمنع ذلك وعليه فان مطالبنا بأثر رجعي" .

وفي ذات الاتجاه، أكد تيسير النعيمي وزير التربية والتعليم بمؤتمر صحفي الاسبوع الماضي، "أن رفع الأقساط المدرسية من قبل المدارس الخاصة للعام الدراسي القادم مرفوض تماما وأي مدرسة ترفع من قسطها المدرسي ستلاحق قانونيا

من جهته، قال أحد أولياء الأمور الذي فضل عدم ذكر أسمه لــ"الأنباط" أن 800 من أولياء الأمور لــ 1300 طالب في إحدى المدارس الخاصة وضعوا بنودا للمطالبة بحقوقهم وهي، "تعويض ما نسبته 40% من الفصل الثاني السابق وهي نسبة اعتمدت على دراسات وحقائق، فـ 70% من الطلبة دون الثانوية أخذوا 6 مواد من اصل 14، والمواد كانت مختصرة، اما طلبة الثانوية في هذه المدرسة فقد أنهوا تعليمهم قبل الجائحة"، واضاف، كما طالبنا المدرسة تخفيف الرسوم المدرسية للفصل القادم مراعاة لظرف الأهالي، كما اكدنا انه إذا كان هنالك تعليم عن بعد مستقبلا فاننا نطالب المدرسة بإعطائنا خطة منهجية اجرائية ومالية خاصة حتى نوافق على دخول أبنائنا للمدرسة، بالاضافة لتسهيلات بعملية الدفع.

وأضاف "كأهالي قدمنا شكوى للتعليم الخاص بأن المدرسة تقوم برفع الأقساط رغم وجود قانون يحظر ذلك، مشيرا إلى أن المدارس تستغل بأن الأهالي لا يعرفون القوانين وترفع أسعار الأقساط كما تشاء.

وتقدر بعض الاحصاءات عدد الطلاب في قطاع التعليم الخاص بثلث عدد الطلاب في المملكة، ويتطلب ملف التعليم الخاص الشائك والذي تم اهماله لفترة طويلة إلى تدخل سريع قبل أن ينفجر في حضن الحكومة.