إجتماعيات وشزوفرينيا في زمن كورونا


بالرغم مما حصل من تغيرات إجتماعية في التباعد الإجتماعي في زمان جائحة كورونا؛ إلّا أننا ما زلنا نلحظ الكثير من المتناقضات في حياتنا الإجتماعية في مناحي عدة؛ وهنالك العديد من المتناقضات والشزوفرينيا اﻹجتماعية في العديد من الممارسات، حيث أن ذلك يمثل اﻷبيض واﻷسود في بعض الممارسات اﻹنسانية، والدعوة هنا ﻷنسنة تصرفاتنا والنظر للآخر بعين اﻹحسان، وتالياً أمثلة على بعض هذه الممارسات:
1. البعض يدفع الكثير من المال ﻹنجاز برامج تخفيف الوزن، بيد أن الكثير ممن حولهم لا يجدون قوت يومهم لسد رمقهم وزيادة وزنهم؛ وهذا يُؤشّر لطبقية إجتماعية عند البعض أساسها إنفاق المال.
2. البعض يستنجدك للوساطة ﻷخذ حقهم ويعطوك الجزء الذي يخدم مصلحتهم، بيد أنهم يخفون عنك الجزء اﻵخر الذي حال دون وصولهم للحق الذي يدعونه؛ وهذا يؤشر لخلل قيمي يغطّونه الناس كنتيجة للحاجة بأنانية مفرطة.
3. البعض يرمي اﻵخرين بسهام اﻹتهام الجزاف وفبركة وإستغابة الكلام وقذف اﻹساءة، بيد أنهم يتناسون أن بيتهم من زجاج؛ وهنا نؤكد على ضرورة أن نعتبر أنفسنا مكان الآخرين لدرء الظلم وتمتين العلاقات السليمة بين الناس.
4. البعض يمتلك المال الوفير والنعم الكثيرة، بيد أن أثر النعمة لا يظهر عليهم ولا على المحتاجين من حولهم، فهم بالتالي حراس مال لمن بعدهم من الورثة الذين غالبا لا يستكثرون خيرهم ولا يتصدقون عنهم؛ وهذا مؤشر على ضرورة إنفاق الناس على أنفسها وفي طرق الخير إبان الحياة وليس بعد الموت.
5. البعض يساعد الناس بكل ما أوتي من قوة ووفق إستطاعته ويقف لجانبهم، بيد أنهم لا يستكثرون خيره ويغيبون عنه لعدم شكره ولإنكار الجميل حال تلبية طلبهم؛ فالبعض ناكري جميل دونما إنسانية؛ وهذا لا يعني العمل بردود الأفعال فالوعاء الكبير يتسع للجميع.
6. البعض ينادي بإجتثاث الفساد والواسطة والمحسوبية واﻹقليمية الضيقة وغيرها، بيد أنهم يمارسونها على اﻷرض حال أول إمتحان يخصهم؛ وهذه شوزوفرينيا مفرطة تؤدي لعدم إحترام ممارسيها.
7. البعض ينتقد ممارسات المسؤولين وقراراتهم وبجرأة، بيد أنه حال تعيينهم في أول منصب يبيعون كل القيم والمبادىء ويفكرون في آليات تمديد مدة توليهم المسؤولية؛ وهؤلاء عبدة الكراسي وحبّابي أنفسهم بأنانية.
8. البعض يشبعك مراجل وقيم وأخلاق ومواطنة وصدقيّة؛ لكنه يبيعها على الباب في أول إمتحان لكشف المعادن؛ ومطلوب مع ذلك شخصيات وازنة وحكيمة لتجاوز هفوات الناس وغض النظر عن مشاكلهم وقصصهم الخيالية.
9. القائمة تطول وأعلاه مجرد أمثلة، لكن المطلوب الحد من هذه الممارسات وأنسنة تصرفاتنا والنظر للجانب اﻷخلاقي للحياة اﻹجتماعية برمتها كي يرى الله تعالى أثّر نعمته على عبده.
بصراحة: شزوفرينيا اﻹجتماعيات مردها غياب الوازع القيمي واﻷخلاقي والديني واﻹيمان بضرورة توافق القول بالفعل، ومع ذلك هنالك فرص مواتية لإستثمار بيئة التغيرات الإجتماعية لضييق الفجوة بين المتناقضات؛ ومطلوب الحد والقضاء على مثل هكذا تصرفات لتكون إنسانيتنا بخير.