في زمن الكورونا .. الاطفال بين العمل و التسول
مع الانحسار الجزئي للحظر المفروض على حركة الناس جراء جائحة كورونا، وعودةبعض الانشطة الاقتصادية للعمل، كان الأطفال العاملين والمتسولين أكثر ظهورا فيالمشهد خاصة عند الاشارات الضوئية وعلى محطات سيارات الأجرة ، ويتوزع نشاطهمبين التسول و بيع بعض المعقمات او المطهرات والمناديل الورقية.
ورغم ان وباء كورونا غير قاتل للاطفال او اقل ضررا عليهم حسبما ذكر بعض العلماءالمتخصيين ، الا انهم لم يستبعدوا تأثيره السلبي ، وكونه يجعل منهم مصدرا لنقلالوباء لذويهم والمتعاملين معهم.
وقبل جائحة كورونا قدرت المنظمات الدولية عمالة الاطفال بالعالم بنحو 152 مليون طفلا،والجائحة قد تدفع بالمزيد من الاطفال بالعالم الى سوق العمل او التسول ، نتيجة ترديالأوضاع الاقتصادية وتخفيض الرواتب وتسريح بعض من عمال اليومية المؤقتة .
وفي دولنا العربية لجأت العشرات من الأسر الى دفع اطفالهم لممارسة التسول لتحصيلعائد مالي يلبي حاجاتهم الاساسية من الطعام خاصة بعد نفاذ مدخراتهم خلال الأشهر الماضية من اندلاع الجائحة.
وفي كثير من العواصم العربية والإقليمية ، تفشت ظاهرة التسول بين الصغار والكبار،ولم تسلم البلدين النفطين السعودية والإمارات وان كان مسئولي البلدين يؤكدان انالتسول يمارسه بعض من الوافدين .
وفي مصر فان الازمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة عملت على ارتفاع معدلات الفقر،ومن ثم زيادة الأطفال المتسولين وبائعي المناديل المعطرة على إشارات المرور .
وفي الأردن فان ظاهرة عمالة الاطفال زادت بشكل ملحوظ ، و وفقا للمسح الوطني لعملالأطفال والذي أجري عام 2016، يقدر عددهم بنحو 76 الف طفل، اضيف اليهم جراءجائحة كورونا المئات من الاطفال المتسولين .
فمع انحسار سوق العمل بات التسول خيارا وحيدا امام عشرات الاسر التي فقدت عائلهابالوفاة المفاجئة أو وقفه عن العمل ، فيصبح الطفل في ظل توقف النشاط الاقتصاديعائلا وحيدا لها عبر احتراف مهنة التسول مع تحول الاطفال العاملين الى متسولينبسبب توقف سوق العمل نفسه.
وفي ايران حيث تفشى الوباء يخشي من إصابة العديد من الأطفال العاملين، فحوالي 9 ملايين طفلا قد يتعرضون لمخاطر فيروس كورونا او يسهمون بنقله ونشره ، خاصة وأننسبة كبيرة منهم يعمل في جمع القمامة من المنازل .
ومعظم الاطفال المتسولين بالدول العربية تتراوح أعمارهم بين ٣ سنوات و٩ سنوات،يبيعون مناديل ورقية ومنتجات قد يكون بعضها مغشوشا، ويتجمعون بصفة خاصةعلى الإشارات الضوئية بالمناطق الصناعية، ويستغلون توقف السيارات ليقتربوا منسائقيها لاستعطافهم وبيعهم ما يحملونه من بضاعة، ويطرقون بأيديهم بشكل متواصلعلى نوافذ المركبات حتى يتمكنوا من عرض بضاعتهم على قائدي المركبات.
و في العراق حسب احصائية منظمة الطفولة العالمية العام الماضي ان
نسبة عمالة الاطفال, وصل
اكثر من نصف مليون طفل دون 15 عام في العمل فما الذي جرى عليهم بعد كورونا فلابد ان العدد ازداد
ورغم ان معظم الدول العربية لا تسمح بعمالة الاطفال دون سن السادسة عشر، غير انالواقع يؤكد استمرار عمل الاطفال دون هذه السن، بل وتحول الكثير منهم الي التسولجراء الحروب كما في اليمن وسوريا والعراق، واليوم جراء جائحة كورونا، والذي يتوقعمعها زيادة نسب عمالة الاطفال والتسول في صفوف الأسر التي فقدت عائلها بالمرض اوفقده لعمله.
نحن أمام مآساة حقيقية، بين حقوق الفقراء قي لقمة عيش، ونشر المرض، فالجائع لا يعبأبالمرض ولا نقله لأخرين. وفي تقديري ان العالم كله مسئول عن حماية الاطفال من المرضوالتسول ومن الجوع والفقر، بينما يتمرغ العشرات من الاثرياء في نعيم ثروات هائلةوقد يتبرعون ببعض الأموال في دولهم الغنية لكنهم لا يقدموا مساعدات للدول الفقيرة.
ولا توجد تشريعات دولية تلزم هؤلاء الاثرياء بتقديم يد العون والمساعدة للشعوبالفقيرة في العالم وقت الأزمات، بينما القوانين الوطنية نفسها عاجزة عن القيام بالزامهمبالقيام بدور اجتماعي لمواجهة آثار الجائحة والتي مازالت قائمة .
أظن المؤسسات الاجتماعية الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في دولنا العربية يقععليها عبء رصد اوضاع المحتاجين والفقراء ومساعدتهم ماليا وتوفير فرص عمل منزلي،ووضع خطط تنموية لتدريب الاطفال المتسولين علي اعمال يدوية منزلية تدر دخلا يلبياحتياجات أسرهم اليومية.