العنف المبني على النوع الاجتماعي يعيق وصول المراة للعدالة
ما زال مصطلح العنف والصورة النمطية للمرأة من أهم المعيقات الإجتماعية لوصول النساء الى العدالة فعدم الدراية الكافية لدور المرأة في المجتمع جعلها ضحية هذا العنف الذي عرفته عرفت منظمة الصحة العالمية بأنه الاستخدام القصدي أو العمدي للقوة أو السلطة ، أو التهديد ضد شخص آخر أو مجموعة الأشخاص أو المجتمع بأكمله او حتى ضد الذات احيانا وما يترتب على ذلك من أذى أو موت أو إصابة نفسية أو اضطراب في النمو أو حرمان.
ويشكل العنف الجسدي احد ابرز الاشكال النمطية للعنف المبني على اساس النوع الاجتماعي وتتعدد صوره ما بين الاعتداء الجسدي او الانتهاك الجسدي ويتمثل بأي إساءة موجهة لجسد المرأة من لكم، وصفع، وركل، ورمي الأجسام الصلبة، واستخدام بعض الآلات الحادة أو التلويح بها للتهديد باستخدامها أو ضربها وقتلها لكن الملفت ان العنف النفسي والعاطفي ما زال حاضرا بقوة في المشهد وهو يقود الى التقليل من أهمية دور المرأة في المجتمع وتقليل شانها و إنجازاتها أو الطعن في نجاحاتها وإطلاق بعض الألقاب عليها ونعتها بصفات لا تليق بكائن بشري، كالسب والشتم والتهميش والهجر والإهمال والترهيب والتخويف ويصل احيانا الى حد التهديد التهديد بنشر صور أو تفاصيل خاصة، بها ومشاركتها مع أشخاص آخرين ما يسبب شعور المرأة بالخوف اضافة الى النظرات المخيفة، والإشارات والحركات الجسدية والصوت المرتفع وتكسير أشياء وتحطيم بعض أغراض البيت.
وشاع العنف الجنسي كمصطلح بديل للاعتداء الجنسي ليستحضر في أذهاننا الاغتصاب لكن تعريفاته اوسع من ذلك فهو يتصل بأي فعل أو قول يمس كرامة وخصوصية المرأة ويخدش خصوصية جسدها، من تعليقات جنسية سواء كان في الشارع أو عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي وايضا من خلال محاولة لمس أي عضو من أعضاء جسدها دون رغبتها أو إجبارها على ممارسة الجنس او وإجبارها على ممارسة البغاء والتحرش الجنسي في أماكن العمل أو داخل الأسرة.
ورغم الجهود التي تبذل في كسر الفجوة باشكال العنف ضد المراة فان العنف القانوني الذي يقصد به التمييز ضد النساء على أساس النوع الاجتماعي، في القوانين والتشريعات مما ينتج التمييز على أساس الجنس ما زال موجودا بالإضافة لعدم تكافو الفرص والعدالة الاجتماعية بين الجنسين، وما لها من عوائق وتحديات تواجه المراة ويظهر هذا التمييز بأوضح أشكاله في قانون العقوبات، والأحوال الشخصية، بينما المساواة بين الجنسين تعني حكما ان يتمتعوا بالحقوق والموارد والفرص والحماية لكلاهما كما ان هذا الشكل من العنف يمس حقوق المرأة المتعلقة بالمواطنة والجنسية والتعليم والصحة والحقوق الزوجية وحقوق الوالدين وحقوق الميراث .
ويمثل العنف الاقتصادي شكل من اشكال العنف الذي يمارس ضد المرأة من خلال استخدام ممتلكاتها الشخصية و مصادرها المالية الشخصية بطريقة غير قانونية وضد رغبتها والتحكم في قدرتها للوصول الى الموارد الإقتصادية مما يترتب عليه الحد من قدرتها على دعم نفسها ماديا مما يضطرها لأن تكون تابعة للمعيل وخطورته تزداد كونه يعد مقدمة لأشكال اخرى من العنف.
ويبقى العنف الاجتماعي احد الصور النمطية للمراة الذي حددها المجتمع وفرض مجموعة من القيم والأفكار التي تحد من حريتها واستقلاليتها وكرامتها ، فالمجتمع يمنح الرجل امتيازات للتعامل مع المرأة والتفرد في اتخاذ قرارات تخصها وتخص الاسرة ومن سماته النظرة إلى المرأة المطلقة أو فرض ولي على المرأة في أمور تقرر مصيرها وهو ذو صلة بالعنف الثقافي الذي يصفه عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديوب بانه (عنف هادئ لا مرئي ولا محسوس حتى بالنسبة لضحاياه) ويتمثل في أن تشترك الضحية وجلادها في التصورات نفسها عن العالم واعتبار الهينمة من المسلمات والثوابت ويعد العنف الرمزي أشد أنواع العنف الثقافي.
وفي موازاة ذلك لم تفلح الجهود التي تبذل للتقليل من وطأته فانه لا يمكن تجاهل العنف السياسي باعتباره شكل من أشكال العنف الذي يمارس ضد المرأة بطريقة واسلوب ممنهج وموجه يسلب المرأة حقها في التعبير عن رأيها السياسي كالترشح في البرلمان، أو المجالس البلديّة أو في الأحزاب السياسية ويتمثل في عدة أشكال منها النفسية والجسدية و الجنسية و الاقتصادية والإعلامية ما يؤثر سلبا على إستعدادها وقدرتها في الإنخراط بالحياة السياسية ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان.
وتدلل الارقام والاحصائيات على انه ما تزال هنالك فجوات كبيرة بين الجنسين من حيث ظروف العمل والأجور ونوعية العمل وتقاسم المسؤوليات الأسرية والمعيشية، على الرغم من زيادة تعليم النساء ومشاركتهن في سوق العمل. فمشاركة النساء في قوة العمل على المستوى العالمي بلغت 48.5% خلال عام 2018 مقابل 75% للرجال، وتقل أجور النساء بحوالي 22% مقارنة مع أجور الرجال عن الأعمال ذات القيمة المتساوية وهو حري بالمراة العربية بأن نكون أكثرا وعيا بخطورة هذا العنف والتصدي له ومجابهته وعدم القبول به وفي حال وقوع الضرر عليها يجب ان لا ان تتردد باللجؤ للجهات المعنية وذات الصلة.