في ذكرى عيد الاستقلال 74
في الخامس والعشرين من أيار من كل عام يأتي عيد الاستقلال الذي يعتبر رمزا وطنيا تعتز به قيادة وشعب الأردن وتحتفل الأسرة الأردنية الواحدة بعيد الاستقلال المجيد، لقد جاء اول تصريح باعتراف بريطانيا باستقلال إمارة شرق الأردن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية خلال خطاب وزير خارجية بريطانيا بيفن أمام هيئة الأمم المتحدة في لندن عام 1946، وان الاعتراف الرسمي بالاستقلال جاء في 22 آذار 1946 بموجب معاهدة الصداقة المبرمة ما بين الحكومة البريطانية والحكومة الأردنية. وعزز الاستقلال بتعريب الجيش وانهاء المعاهدة مع بريطانيا للتخلص من الحكم العسكري البريطاني فأعفى جلالة الملك الحسين كلوب باشا من منصبه عام 1956، وحقق الجيش العربي الأردني نصرا ساحقا في معركة الكرامة التي أعادت للأردن والعرب كرامتهم وثقتهم بأنفسهم ورفعت روحهم المعنوية، وصدت العدوان الاسرائيلي الغاشم على الأردن، ثم صنع السلام الذي حجم الاطماع الصهيونية تجاه الدولة الأردنية وكيانها.
ان الجيش العربي يعطي للسيادة معانيها ويشكل هيبة وكبرياء الوطن ويحمي الاستقلال ويصونه، حيث ان أولى أولويات قادة هذا البلد منذ عهد الجد المؤسس الاهتمام بتدريب وتوفير سبل تعزيز قدرات القوات المسلحة وتأهيلها حتى آلت راية هذا الوطن إلى جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني الذي أولى القوات المسلحة كل عناية، فهو أدرى باحتياجاتها وقدراتها والقادر على تلمس هذه الاحتياجات، والواقع أن هذا النهج من الإنجازات الكبيرة والعملاقة والتحولات الجذرية في مختلف المجالات ودعم قواتنا المسلحة ورجال الأمن العام والمخابرات العامة لم يكن ليتحقق إلا من خلال رؤية ورغبة جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الذي اسهم وبشكل فاعل لتسير الدولة باتجاه التطوير والبناء والتحديث لتكون للأردن صورة مشرقة.
ان الاستقلال الأردني سنة 1946 كان نقطة البداية للمملكة على طريق تأسيس وبناء الدولة الأردنية، وعلى المبادئ التي رسختها واكدتها النهضة والثورة العربية الكبرى مبادئ الحرية والقومية واحترام حقوق الانسان. لقد حقق الأردن خلال هذه المناسبة العزيزة مكتسبات وطنية قومية في كافة الصعد والمستويات فعلى مستوى الإصلاح خطا الأردن خطوات مهمة حتى يكون أكثر قدرة على الاستجابة لاحتياجات ومتطلبات الانسان والوطن، فهذه الخطوات تأكد القدرة على مواجهة التحديات ومتطلبات التنمية من خلال أفضل الممارسات العالمية في الإدارة وتقديم الخدمات.
لقد جاءت هذه الرؤية بناء على توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال اوراقه النقاشية والتي أدت الى تطوير القوانين الانتخابات العامة والأحزاب والعقوبات من اجل ضرورة تعزيز المشاركة العامة في العمل الوطني ولتتواكب مع التطورات الراهنة، حيث أن سياسة الأردن تقوم على الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وضرورة تحقيق العدالة في العلاقات الدولية بين الدول واتباع سياسة حل النزاعات بالطرق السلمية ودعم المؤسسات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة. فهذه المناسبة المجيدة واليوم الأغر في الأردن والتي انطلقت في الخامس والعشرين من أيار عام 1946 ، تمثل الارادة ونهضة شعب كبير أسهمت قيادته الحكيمة بدعم القضايا والتحديات الوطنية الأردنية والقومية العربية وعلى رأسها قضية القدس ووصايته على المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
لقد واصل جلالة الملك عبدالله الثاني المسيرة بخطى والده المغفور له الملك الحسين بن طلال، فالأردن حقق قفزات نوعية بمختلف المجالات على المستويات التعليمية والصحية السياسية والاقتصادية، ولقد تحول من إمكانيات محدودة في التعليم الى دولة حاضنة للتعليم، واصبح الأردن اكثر جذبا للسياحة العلاجية نتيجة التطور في منظومة الرعاية الصحية على مستوى المنطقة، ودعم جلالته تطوير منظومة التكنولوجية الحديثة، إنشاء هيئة مستقلة بهدف تسويق الأردن اقتصادياً على أنه فرصة الشرق الأوسط لما يتمتع به من سوق مفتوح وواحة للأمن والأمان وأقر قوانين لتشجيع الاستثمار.
يفخر الاردنيون في عيد الاستقلال بالإنجازات وينظرون للمستقبل بأمل وطموح ومزيدا من الإنجازات والمكتسبات الكبيرة على دروب الخير والعطاء بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، فالاستقلال حكاية عشق اردنية صنعها ملوك بني هاشم ومعهم الشعب الاردني لتستذكرها الأجيال بعز وشموخ.
د. غيث ناصر العيطان
الأستاذ المشارك في الاقتصاد والمالية/ جامعة آل البيت