الاب نبيل حداد: أنا صائمٌ مَعَكُم

الأب نبيل حــدّاد

فيما أنا خارج للتوّ من صومي الأربعيني، ومن وسط أجواء فرح الفصح المجيد وفي غمرة زهو القيامة و”أهازيجها”، تستوقفني رؤية هلال رمضان معلنة بدء الشهر، لأطلّ مع أخوتي المسلمين على موسم للصوم فيه يبتغون وجه الله تعالى ومرضاته.

*

يُدخِلني الشهرُ معكم من جديد، في أجواء التوبة لأخشع ، ويصبح رمضان واحدًا من أشهر سنتي أنا المسيحي. وأفرح به كما بكُلِّ أزمنة البِرِّ. وأراه رياضةً للروح، فيه أتقرب معكم من الله تعالى، ونتقرب من بعضنا البعض. ويصبح واحداً من مواسم إزالة أية حواجز. تجمعنا تجليات الطاعة والتقوى، وفيه يلتمع في العيون والقلوب نور تمجيد الله تعالى.

ومن نافذة فصحنا المجيد،يصبح سهلاً عليَّ أن أطّل على رمضان وأقترب فيه من صائميه مهنِّئاً. ومن وسْط روحانية "الحبّ بوفرة”، الآتية من القبر الفارغ هناك في مدينة الصلاة والخلاص، اقرأُ كمسيحي وقارئ، معاني شهرٍ تصومون لرؤيته. وبموهبة الإيمان بالواحد الخالق سبحانه، أقرأ أيضاً مهابة الطائعين وأُحِبُّهم، فمكانة الأنقياء والأتقياء تَعْظُم في عيني. ويصيرون لي، بالمحبة سبباً يضعني عِند أول درب الكمال، وهو درب لا يتحقق إلاّ بمحبة غير مشروطة. وأتذكر أنّ سيدي يسوع المسيح علّم أن الخروج عن المحبة يبعد عن جوهر ديانتي. فلستُ مسيحيًا إن لم أحبّ. والمسلمون هم الأهل والعزوة، وهم أخوتي في التوحيد والوطن، في السراء والضراء، معهم أتقاسم الرغيف، ومعاً نواجه جميعًا هذا الوباء الخبيث وكُلّ وباءات الشرّ وكورونا المرض وخبث البغضاء.

أخي المسلم..

في الصّوم أنا من جديدٍ مَعَكَ في وحدة، في الأكل أو الامساك. والله هو وجهتنا. إليه طاعتنا وحبنا وعبّادتنا.

طريقي اليك سالكٌ بالمحبة. وبالمحبة نعبر معاً إلى وجهتنا.

أنا شهدت الشهرَ معكم. وأنا صائم معكم "وإن دون تأدية”، وعائدٌ الى أجواء صومي الأربعيني وفرحي القياميّ بالفصح المجيد

تقبّل الله طاعاتكم. رمضان كريم.

كلّ عامٍ وأنتم والوطن بخير