التعليم عن بعد : الحكومة نجحت تقنيا، وفشل تحقق الفائدة العلمية للطلبة
الأنباط -التعليم عن بعد :
الحكومة نجحت تقنيا، وفشل تحقق الفائدة العلمية للطلبة
خليل النظامي
هل فعلا تحققت الفائدة العلمية للطالب الجامعي من خلال "التعليم عن بعد"..؟
بداية دعوني اوضح ان السبب الذي جعلني اطرح السؤال بهذا الشكل، كان تجربتي التي اعتبرتها فاشلة مع آلية "التعليم عن بعد"، واردت التأكد ان كنت فعلا الطالب الجامعي الوحيد الذي يعاني الفشل من آلية "التعليم عن بعد" لأقف على الاسباب واعالجها، ام ان هناك العديد من زملائي في الجامعات المختلفة يعانون الامر ذاته وهذا فيه تعزية ومواساة للفشل الذي اشعر به.
السؤال تمحور حول الفائدة العلمية المتحققة للطالب، الامر الذي لم يبحث فيه خبير او مسؤول منذ بداية تطبيق آلية "التعليم عن بعد"، في وقت كانت الانظار تراقب نجاح العملية تقنيا وفنيا، وهذا ما نجح فعلا في بعض الجامعات - بالرغم من وجود جامعات تتخبط لغاية اللحظة ولم توحد العملية على نظام الكتروني واحد لجميع طلبتها، وتعيش حالة من مزاجية الاستاذة الجامعيين وبعض النصائح من الطلبة -، والان تتغنى الحكومة ووزارة التعليم العالي بهذا النجاح الذي في حقيقته مجرد نجاح يمكن ان يحققه طالب سنة اولى من تخصص علم الحاسوب او الشبكات، فنحن لم نشهد اي ابتكار او اختراع تقني بهذا الخصوص.
اصدقكم القول: انني لم اكن اتوقع ردود الافعال الهائلة التي لمستها حين قمت بطرح السؤال عبر صحفتي الخاصة وصفحة احدى الجامعات على منصة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، حيث اجابني السواد الاعظم من طلبة الجامعة من مختلف التخصصات ان الفائدة العلمية لم تتحقق لهم من خلال آلية "التعليم عن بعد"، والاسباب التي ذكروها عديدة كان ابرزها ضعف المنهجية التقنية المستخدمه فيها، واختلاف طريقة اكتساب العلم وشروحات المواد التعليمية من اساتذتهم الجامعيين والتي اصبحت عبارة عن فيديوهات قصيرة مسجلة تبث عبر تطبيق الكتروني او عبر صفحة (جروب) على "الفيسبوك" لا تحتوي على نقاش مباشر بين الطالب والاستاذ، وتضاعف عدد الامتحانات السريعة (كويز) وحجم الواجبات التي يكلف بها الطالب، ناهيكم عن التخصصات العلمية التي لا يمكن ولا بأي حال من الاحوال ان يحقق الطالب فيها القيمة العلمية الا في مختبرات متخصصة ومواجهة مباشرة مع الاستاذ الجامعي كـ تخصصات الطب والصيدلة والهندسة والمحاسبة وغيرها.
ايضا تطرق الطلبة الى نقطة في غاية الاهمية، لربما لم تكن في حساب الحكومة ووزارة التعليم العالي، تمثلت في الاختلاف الكبير بين البيئة التعليمية (الجامعة) وبين البيئة المنزلية للطالب (البيت)، الامر الذي يعتبر من اكبر التحديات التي تواجه الطلبة سواء على صعيد الرقابة الذاتية في ظل غياب الرقابة الجامعية، او على صعيد ضعف الامكانيات المنزلية مثل "سرعة الانترنت" او امور وسلوكيات عائلية خاصة تحول دون تلقي الطالب العلم بالشكل الصحيح، اضافة الى قلة الخبرة التي لدى الاستاذة الجامعيين والطلبة ايضا في منهجية آلية "التعليم عن بعد" والتي تعتبر مرحلة جديدة ومفاجئة عليهم، حتى بات معظم الطلبة يبحث فقط عن علامة النجاح دون ادنى اكتراث منه بما تحتوي المادة العلمية من فائدة له في مستقبله.
حسنا,,!!!
آلية "التعليم عن بعد" نجحت بمنظار الحكومة تقنيا وفنيا، ولكن ماذا عن الطلبة الجامعيين، هل تحققت لهم الفائدة العلمية في تخصصاتهم التي دفع آباءهم الاف من الدنانير على امل صناعة المستقبل لهم، الاجابة كانت في سؤال بسيط قمت بطرحه على منصة التواصل الاجتماعي الفيسبوك وسارك بالاجابة عليه اكثر من 400 طالب وطالبة جميعهم اكدوا فشلهم في الاستفادة علميا.
من جهة اخرى، اليس لدى الحكومة او وزارة التعليم العالي او حتى الجامعات ماكنات رصد ومتابعة لهذه التجربة الجديدة،،؟ أليس هناك دوائر معنية باعداد الدراسات في الحكومة ووزارة التعليم العالي والجامعات بهدف تقييم نجاح او فشل تجربة "التعليم عن بعد",؟ هل يكفي نجاحها تقنيا وفنيا،، ماذا عن الطلبة ومدى تحقق الفائدة لهم،،؟ الا يوجد مسؤول يسأل ويقيم ويبحث في ما يحدث مع الطالب بعيدا عن التباهي والتفاخر بنجاح العملية من جهة واحدة، والجهة الاخرى نسبة الاستفادة لها لم تتجاوز الصفر.؟
سيخرج احدا ويقول، نحن في أزمة وهذا هو الموجود حاليا وهذه امكانياتنا..!!!
وانا سأقول له، اعلم تماما اننا نعيش حاليا كما يعيش غيرنا في عاصفة وبائية احدثها فايروس الكورونا اللعين، وأعلم تماما اننا دولة نامية وامكانياتنا محدودة، واعلم تماما ان "التعليم عن بعد" منهجية طارئة ومؤقته وستنتهي بانتهاء العاصفة السوداء، واعلم ايضا اننا نفتقر لثقافة الرقابة الذاتية على انفسنا وثقافة الثقة بيننا كـ طلبة وبين البيئة التعليمية في حال غياب الواقعية.
ولكن بنفس الوقت أعلم أنني طالب علم ولست طالب لهو او عابث، وأعلم حجم الشقاء والتعب الذي يبذل من قبل اسرتي لتوفير ثمن ساعات المواد العلمية المرتفعة اصلا والتي ادرسها، واعلم ان البيئة التي يجب ان اتلقى من خلالها العلم يجب ان تكون واقعية وليست الكترونية، فأنا طالب علم من اساتذة وحاضنات العلم ولست باحثا الكترونيا اجري دراسة او بحث حول احدى الظواهر، واعلم ايضا ان نصف العملية التعليمية لا بل يزيد عن النصف اكتسبها من وجودي داخل المحاضرة الجامعية وانا اتابع بشغف ما يقوم به الاستاذ الجامعي من شرح وتفصيل حول المادة التي ادرسها، اضافة الى وجود التواصل المباشر بيني وبينه، وايضا جلسات العصف الذهني التي تسمو بالعلم، ووجود معظم مقومات العملية التعليمية.
ما اود قوله:
ان تجربة "التعليم عن بعد" بدأت تتضح معالم فشلها لدى طلبة الجامعات، الامر الذي يحتم على الحكومة ووزارة التعليم العالي والخبراء والمعنين بهذا الملف اضافة الى رؤساء الجامعات والاستاذة الجامعيين الجلوس على طاولة واحدة وكشف جميع الاوراق ومناقشة كل الامور التي من شأنها انجاح الهدف من التعليم وليس فقط انجاح وتلوين صورة العملية التعليمية، فلو جلسوا في السابق لخرجوا علينا بعدة حلول من شأنها خدمة الطالب لا خدمة الحكومة والجامعات، فماذا لو تم تأجيل الفصل الجامعي، وماذا لو تم استثمار فترة العطلة وتعويضها بهذا الفصل، مجرد اقتراحات من شخص غير متخصص بالعملية التعليمية، فما بالكم بـ جلوس متخصصين بهذا الملف ومناقشته ماذا ستكون اقتراحاتهم، خاصة ان كانت اولوية نقاشهم لـ خدمة الطالب بالدرجة الاولى ,,؟؟