شكرا سعد جابر..
الأنباط - عبدالهادي راجي المجالي
شكرا سعد جابر..
ليس لأنك حررت أرضا عربية، وليس لأنك أنتجت قرارا أمميا مهما، وليس لأنك غيرت وجهة نظر العالم فينا، بل لأنك قمت بتعرية البعض، فقبل الكورونا طل علينا الكثير من رؤوساء الوزارات، والكثير من المنظرين وأشبعونا كلاما في الوطنية وبشروا بالخراب والتفكك وجئت أنت لتقول للناس مازال هنالك بعض الأمل. شكرا سعد جابر.. لأنك لست من أسرة تدرجت في السياسة والمال، لست من المحاسيب والحبايب، لست من المحظين في نادي الرؤوساء لست من (الديجتال) وقد كسرت قاعدة خطيرة ومهمة، وسرقت قلوب الناس، أعدت لنا بوصلة في الحياة مفادها أننا ما زلنا نحب المخلصين ونحب العيون الصادقة، ونؤمن أن هذا الوطن قادر على إنتاج البطل. شكرا سعد جابر.. لأنك قلت للدولة أن الذي يأتي من العسكرية الأردنية النجيبة ليس بالضرورة أن يصنف كمتقاعد حياته بين الطلبات والشكوى، ليس بالضرورة أن يجلس في بيته وتتعاطى معه الدولة بمنطق الإستيعاب، بل أخبرتنا جميعا بأن العسكرية الأردنية لايتوقف العطاء فيها والعسكرية الأردنية لا تعرف الفوتيك فقط، بل تبدع أيضا حين ترتدي ربطات العنق لأن الأساس في المشهد هو الوطن وحب الوطن والولاء للملك! شكرا سعد جابر.. لأنك أثبت أن تركيبة الحكومات لايوجد فيها (حمولة زايدة)، بل يوجد فيها جمل المحامل، ومهما رميت عليه من حمل يقابلك بالصبر ويجرؤ عليه، أنت عدلت في شكل التركيبة، الحكومات بعدك ستنظر للعسكريين ولن تنظر للجغرافيا، ستتحالف مع البسطاء وليس مع من كنزوا المال، والحكومات بعدك لن يوزع فيها الوزراء بحسب الجغرافيا بل بحسب الصنف: سيكون للمدفعية وزيرا وللخدمات وزيرا وللهندسة وزيرا. شكرا سعد.. لأن التاريخ يقول أن الأزمات تفرز أبطالا، وأزماتنا كانت تفرز خيبات تتلوها خيبات، جئت أنت وعدلت الميزان وقلت أن البطولة لا تصنع على أوراق الجرائد، بل تصنع من الميادين، وأن هذا البلد فيه ألف بطل وألف أسطورة وألف قصة كفاح، كل ما فعلته هو أنك أزلت الستارة عن الحقيقة التي حجبوها عنا سنوات طويلة. شكرا لما قدمت، فظهورك على الشاشات كان علاجا نفسيا أنجع من علاجات الكورونا، وكنا نراقب وجها لم يتورط بالفساد، لم يتورط بالمحسوبيات ولا بالخصخصة، ولا بالكوميشن ولا بالبيع. شكرا لك، لما فعلت، لما قلت وصرحت به، للذي غضبت لأجله، ولكل قطرة عرق وتنهيدة تعب! شكرا لك بحجم الدنيا.