دعوات لتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك في الأزمات

الأنباط -بشرى نيروخ- لجأت العديد من الأسر إلى الاقتصاد في استهلاك حاجياتها الغذائية، في ظرف جعلهم يعيدون ترتيب حساباتهم، لتتحول إلى عادة إيجابية، توفّر المال وتحافظ على الصحة وعلى نعمة الله.
أم ابراهيم سويلم، اعتادت على طبخ أصناف متعددة تلبي أذواق أفراد الأسرة، بيد أن الظروف الحالية، جعلتها تعيد حساباتها والاقتصار على ما يمكن استهلاكه في اليوم الواحد بدون زيادة، فوّفرت المال وحافظت على صحتها وصحة أسرتها.
أخصائية الاقتصاد المنزلي هناء دعنا، قالت: ‏يجب نشر الوعي بين أفراد المجتمع حول أهمية ترشيد الاستهلاكي الغذائي خلال فترة الحظر المنزلي، والاستفادة من ‏بقايا الطعام قدر الإمكان بدلا من التخلص منه.
‏وقدّمت دعنا العديد من النصائح، للحفاظ على ما يتوفر بالمنزل من مواد غذائية، داعية إلى إعداد برنامج غذائي وفق الإمكانات المتوفرة من مواد غذائية ومواد تموينية حتى تكفي لأطول فترة أثناء الحجر المنزلي، وإعطاء الأولوية في ذلك لكبار السن والمرضى في البيت عند توزيع الاحتياجات.
وأضافت، لابد من عدم الإفراط في استهلاك المواد الغذائية وتقدير الاحتياجات الخاصة لكل فرد من أفراد الأسرة وعدم طبخ كميات كبيرة من الطعام بل تقدير الاحتياجات الخاصة للفرد دون الزيادة عن الحد.
وأكدت أهمية الاعتماد على المواد الغذائية التي تسهم في الشعور بالشبع لفترات طويلة، كالبروتينات النباتية الموجودة في الفول والعدس والحمص، وكذلك الحساء والبيض والأجبان والفواكه والكسرات غير المملحة والخضراوات الورقية، إضافة إلى تجنب قطع أجزاء كبيرة من الثمار عند تقشيرها والتقليل من الإسراف في الطعام.
وأشارت إلى أنه بالإمكان الاعتماد على المواد التموينية الأساسية وترشيد استهلاكها بصورة مدروسة، ضمن الحد الأدنى من الاستهلاك والاعتماد على نظام البديل ضمن المتاح في البيت، وتعويد الجسم على عاده الصيام والإفطار على وجبة غذائية واحده قليلة الدهون.
ودعا أستاذ علم التغذية والغذاء في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور أيمن مزاهرة، إلى ترشيد الاستهلاك الغذائي، وتخزينها في المكان المناسب وبدرجات حرارة تناسب كل صنف منها، حتى لا تفقد قيمتها الغذائية، وضمان عدم تلفها.
ونصح بتجنب طهي أكثر من صنف في الوجبة الواحدة، مع مراعاة توافر القيمة الغذائية العالية في الصنف الواحد، صحة للجسم وتقوية لجهاز المناعة الذي يعتبر من اهم الأولويات في هذه الفترة الصعبة.
وقال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات، إنه يتوجب على كل المستهلكين في هذا الظرف الاستثنائي، الحذر من عملية الاستهلاك داخل المنزل وكذلك في قضايا الشراء.
ونصح المواطنين، بعدم التهافت على شراء المواد الغذائية، لتوافرها في الأسواق بكميات كبيرة، متمنياً على التجار بعدم رفع الأسعار.
أستاذ أصول التربية في جامعة اليرموك الدكتور عبد الحكيم حجازي، أوضح أهمية الاستفادة من الحجر المنزلي، بتغيير الأنماط السلوكية والاستهلاكية إلى ما بعد الأزمة.
وأشار إلى أنه حين يتعرض الإنسان لظروف استثنائية، يصبح الأمر عاملا مهما في تشكيل شخصيته وتغيير نظرته بإيجابية، كما تسهم في تعديل السلوك الاستهلاكي، والتكيف مع المتغيرات الصعبة، للخروج من الأزمة بشكل أقوى..
وأشار أستاذ الفقه في كلية الفقه المالكي في جامعة العلوم الإسلامية الدكتور شويش المحاميد إلى أنه في كلية الاقتصاد يفرقون بين اقتصاد الحرب واقتصاد السلم ويعتمدون على تقنين الاستهلاك، وفي المنظور التشريعي يقدمون مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، مبينا أهمية استحضار معاني الإيثار، حيث يكون الآخرون أحوج إليها في مثل هذه الظروف.
وأضاف أنه خير مثال على ذلك، ظروف الحصار في غزوة الخندق وتحمل المسلمين للظرف، مشيرا إلى التوجيهات النبوية، في قول رسولنا الكريم: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الْآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتْ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ) صحيح ابن حبان وابن ماجه، موضحاُ أن هذا التوجيه هو أجل وأكبر في مثل هذه الظروف، من مسألة تخفيف الوزن والحفاظ على صحة البدن بل هو محافظة على حاجة آخرين، وكان يمكن للمسلم أن يكتفي بالحد الأدنى حتى يأتي فرج الله، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
(بترا)