المصري يكتب ردا على نتنياهو: شَعبٌ أردنيٌّ راسخٌ .. ووطنٌ خالدٌ لا يَشيخ
بالتأكيد لم يتوقف إنسان هذه البلاد الأردنية عن التعبير عن أشكال حضوره الراسخة في هذه الأرض وأزمانها المتعاقبة. فعلى مدار آلاف السنين وعلى مر العصور، ظلّ شعب هذه البلاد يبدع رسوخه جذوراً ضاربة، في بواديه وأريافه وحواضره الخالدة، ومهما تكالَبت أشكال القوة الطاغية التي هيمنت على المنطقة، من اليونان إلى الرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى مشروع الضبع الصهيوني الأخير، الذي يستشرس اليوم أكثر من أي وقت مضى في إنشاب أنيابه في جغرافيا شرق نهر الأردن المقدس، بعد أن أكل اللحم والعظم في غربه ، في جغرافيا فلسطين التي أصبحت اليوم قاب قوسين أو أدنى من خسارة وجودها السياسي بين أنيابه الدامية.
يعرف الأردنيون، وربما أكثر من غيرهم كيف تسلل ذلك الضبع تاريخياً وتدريجياً إلى ضلوع فلسطين واحشائها، منذ نحو قرن ونصف القرن في برنامج ممنهج، وكان للأردنيين نصيب وافر في مقارعته ومقاومته، بل وفي دحره في معارك عديدة من تلك الحرب الاستراتيجية والمستعرة معه.
فالأردنيون، في البلقاء وجلعاد وجرش، هُم وليس غيرهم، من وَأدُوا وخَلعوا جذور أوّل وهمٍ صهيونيّ، لإقامة مستوطنة يهودية أوروبية في جزء من بلادهم في العام 1880، رافضين كلّ عروض الإغراء، التي قدمها صاحب المشروع لورانس أوليفانت، المسيحيّ المتصهين من جماعة المورمون. وهم أنفسهم أيضاً الذين رفضوا، في أم قيس في العام 1920، أن تكون بلادهم مرتبطة بالحكومة البريطانية الصهيونية، التي بدأ البريطانيون بإنشائها للتوّ في فلسطين، وهو ما اضطرّ البريطانيون للخضوع له في العام 1923، وذلك بعدم شمول وعد بلفور لأرض الدولة الأردنية الناشئة حديثاً بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد انهيار حكومة فيصل أمام الفرنسيين في دمشق وميسلون.
ولأنّه شعب راسخ الجذور، يَقِظُ المشاعر الوطنية والقومية، و يَقِظُ الإحساسِ بالمخاطر، فقد ظلّ يعبّر عن توجسه من نوايا المحتلين الإنجليز، طوال فترة وجودهم وسيطرتهم على البلاد الأردنية، وذلك من خلال مؤتمراته الوطنية العامة منذ العام 1928، ومن دون أن ينقطع عن مشاركة أشقائه الفلسطينيين في كفاحهم غربي النهر، ضدّ العصابات الصهيونية، وضدّ الجهود البريطانية في صناعة دولة الاحتلال والعَسف المسمّاة اليوم إسرائيل، طوال النصف الأول من القرن العشرين، وما يزال.
لِمَا سبقَ ولغيره، لم تنقطع هواجس الأردنيين، خوفاً على وطنهم من جيرةِ الشراسة القسرية للمشروع الصهيوني. بل وأكثر من ذلك، فإنّ الهاجس العام للشعب الأردني، حول أحواله المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ظلّ النظر إليه محكوماً بتطوّرات المشروع الصهيوني ونجاحاته في الجوار الفلسطيني، معتقداً، وهو محقّ، بأنّ تردّي أحواله يرتبط دوماً بتصفية مخرجات ومفردات الكارثة الفلسطينية على حساب وجوده وهويته ومستقبل دولته، التي صنعها هذا الشعب النبيل بأغلى ما يصنع فيه الرجال أوطانهم، وعمّده بالدمِ والعمل والتعب والمصابرة، على الطَوَى، وعلى كلّ ما هو قاسٍ من شظف العيش وصعوبته.
نعم.. هو هذا الشعب الأردني المكافح، الذي يعُضُّ اليوم بالمُهَجِ والنواجذِ، وبما يستطيع الوصول إليه، على أهمّ إنجازاته المعاصرة؛ دولته الأردنية وهويتها العربية الراسخة والأصيلة. وحتّى حين انفجرت مشكلاته المتعددة وتعاظمت، في نيسان من العام 1989، فإنّ هذا الشعب وقيادته، لم يجدا أمامهما سوى التوافق على ابتكار وإبداع صيغةٍ لمؤتمر وطني عام، أعادوا فيه تجديد عقدهم الاجتماعي الخالد، وتحديثه، من خلال الميثاق الوطني لعام 1990. ذلك الميثاق الذي جرى تجاهله بل وتعطيلُ مفاعيله، وإطفاءُ روح وَوَهجِ الديمقراطية والمشاركة الشعبية فيه، التي كانت روحه وعموده الفقريّ السياسيّ.
هذا الشعب الراسخ، ودولته وهويته الأردنية ، تتجدّد اليوم هواجسه التاريخية، مع تردّي أحواله المعيشية، وأحوال الحريّات العامة في واقعه السياسيّ، وفي أداء المؤسسات في حكوماته، وتدنّي وضحالة مستوى الخطاب العام لحكوماته، وتفريغه من السياسة، وعلى نحو يبدو فيه واقع حال الشعب وهواجسه في وادٍ، بينما خطاب حكوماته، في وادٍ آخرَ..! ولعلّ ما هو أكثر بؤساً وسوءً هو أن لا تلقى تلك المخاوف والهواجس الشعبية المحقّة أيّ اكتراث يُذكَر من الحكومات وأركانها، في الوقت الذي تصمُّ فيه الآذان بشاعةُ وَوقاحةُ وشَراسةُ المضامين الفعلية لخطّة ترامب ونتنياهو، الأمريكية الصهيونية، المسّماة صفقة القرن، بشعارها التضليلي (سلام من أجل الازدهار)، وتأثيرها على وجودهم ومستقبلهم ودولتهم..!؟
كثيرة هي الخيارات المتاحة لهذا الشعب، في ردع ومقاومة المشاريع التي تستهدف أرضه وهويته وحضوره، بما في ذلك التبجح الأخير لنتنياهو. وللشعب الأردني، في هذا المضمار، سجلٌّ حافلٌ وخالد، في الدفاع والنصر والنجاح. وهذا الشعب يرفض بكل وضوح وقوة والتزام مشروع ما يسمى بالوطن البديل ولن يرضَى، ومعه الفلسطينيين بهذا الحل مهما كانت الظروف والأسباب.
وسيبقى التزام الأردن الدولة والشعب قدراً وطنياً وقومياً تجاه نضال الشعب الفلسطيني، وهو قرار وخيار ثابت وصارم وغير قابل للتصرف حتى التحرير.
نحنُ أبناءُ الشَعبِ الأردنيِّ، الراسخون في الزمان والمكان، نجدّد إعلاننا عن هويتنا الأردنية الأصيلة، بكلّ مكوّانتها الدستورية، المتحضّرة والحديثة، وعن حقّنا وجدارة حضورنا في أرضنا ودولتنا (المملكة الأردنية الهاشمية)، وأننا مستعدّون للدفاع عنها، بكلّ ما منحنا الله من عزم وإرادة وتصميم، ضدّ كل محاولات المساس بِها أو بِنا، في العيش والهوية والاجتماع والسياسة.
لَنا الخلودُ في أرضنا الأردنية العربية
لِدولتنا الأردنية القوّة والمَنعة
وللشعب الأردنيّ المَجدُ وجَدارةُ العَيش العزيز والكريم
بالتأكيد لم يتوقف إنسان هذه البلاد الأردنية عن التعبير عن أشكال حضوره الراسخة في هذه الأرض وأزمانها المتعاقبة. فعلى مدار آلاف السنين وعلى مر العصور، ظلّ شعب هذه البلاد يبدع رسوخه جذوراً ضاربة، في بواديه وأريافه وحواضره الخالدة، ومهما تكالَبت أشكال القوة الطاغية التي هيمنت على المنطقة، من اليونان إلى الرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى مشروع الضبع الصهيوني الأخير، الذي يستشرس اليوم أكثر من أي وقت مضى في إنشاب أنيابه في جغرافيا شرق نهر الأردن المقدس، بعد أن أكل اللحم والعظم في غربه ، في جغرافيا فلسطين التي أصبحت اليوم قاب قوسين أو أدنى من خسارة وجودها السياسي بين أنيابه الدامية.
يعرف الأردنيون، وربما أكثر من غيرهم كيف تسلل ذلك الضبع تاريخياً وتدريجياً إلى ضلوع فلسطين واحشائها، منذ نحو قرن ونصف القرن في برنامج ممنهج، وكان للأردنيين نصيب وافر في مقارعته ومقاومته، بل وفي دحره في معارك عديدة من تلك الحرب الاستراتيجية والمستعرة معه.
فالأردنيون، في البلقاء وجلعاد وجرش، هُم وليس غيرهم، من وَأدُوا وخَلعوا جذور أوّل وهمٍ صهيونيّ، لإقامة مستوطنة يهودية أوروبية في جزء من بلادهم في العام 1880، رافضين كلّ عروض الإغراء، التي قدمها صاحب المشروع لورانس أوليفانت، المسيحيّ المتصهين من جماعة المورمون. وهم أنفسهم أيضاً الذين رفضوا، في أم قيس في العام 1920، أن تكون بلادهم مرتبطة بالحكومة البريطانية الصهيونية، التي بدأ البريطانيون بإنشائها للتوّ في فلسطين، وهو ما اضطرّ البريطانيون للخضوع له في العام 1923، وذلك بعدم شمول وعد بلفور لأرض الدولة الأردنية الناشئة حديثاً بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد انهيار حكومة فيصل أمام الفرنسيين في دمشق وميسلون.
ولأنّه شعب راسخ الجذور، يَقِظُ المشاعر الوطنية والقومية، و يَقِظُ الإحساسِ بالمخاطر، فقد ظلّ يعبّر عن توجسه من نوايا المحتلين الإنجليز، طوال فترة وجودهم وسيطرتهم على البلاد الأردنية، وذلك من خلال مؤتمراته الوطنية العامة منذ العام 1928، ومن دون أن ينقطع عن مشاركة أشقائه الفلسطينيين في كفاحهم غربي النهر، ضدّ العصابات الصهيونية، وضدّ الجهود البريطانية في صناعة دولة الاحتلال والعَسف المسمّاة اليوم إسرائيل، طوال النصف الأول من القرن العشرين، وما يزال.
لِمَا سبقَ ولغيره، لم تنقطع هواجس الأردنيين، خوفاً على وطنهم من جيرةِ الشراسة القسرية للمشروع الصهيوني. بل وأكثر من ذلك، فإنّ الهاجس العام للشعب الأردني، حول أحواله المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ظلّ النظر إليه محكوماً بتطوّرات المشروع الصهيوني ونجاحاته في الجوار الفلسطيني، معتقداً، وهو محقّ، بأنّ تردّي أحواله يرتبط دوماً بتصفية مخرجات ومفردات الكارثة الفلسطينية على حساب وجوده وهويته ومستقبل دولته، التي صنعها هذا الشعب النبيل بأغلى ما يصنع فيه الرجال أوطانهم، وعمّده بالدمِ والعمل والتعب والمصابرة، على الطَوَى، وعلى كلّ ما هو قاسٍ من شظف العيش وصعوبته.
نعم.. هو هذا الشعب الأردني المكافح، الذي يعُضُّ اليوم بالمُهَجِ والنواجذِ، وبما يستطيع الوصول إليه، على أهمّ إنجازاته المعاصرة؛ دولته الأردنية وهويتها العربية الراسخة والأصيلة. وحتّى حين انفجرت مشكلاته المتعددة وتعاظمت، في نيسان من العام 1989، فإنّ هذا الشعب وقيادته، لم يجدا أمامهما سوى التوافق على ابتكار وإبداع صيغةٍ لمؤتمر وطني عام، أعادوا فيه تجديد عقدهم الاجتماعي الخالد، وتحديثه، من خلال الميثاق الوطني لعام 1990. ذلك الميثاق الذي جرى تجاهله بل وتعطيلُ مفاعيله، وإطفاءُ روح وَوَهجِ الديمقراطية والمشاركة الشعبية فيه، التي كانت روحه وعموده الفقريّ السياسيّ.
هذا الشعب الراسخ، ودولته وهويته الأردنية ، تتجدّد اليوم هواجسه التاريخية، مع تردّي أحواله المعيشية، وأحوال الحريّات العامة في واقعه السياسيّ، وفي أداء المؤسسات في حكوماته، وتدنّي وضحالة مستوى الخطاب العام لحكوماته، وتفريغه من السياسة، وعلى نحو يبدو فيه واقع حال الشعب وهواجسه في وادٍ، بينما خطاب حكوماته، في وادٍ آخرَ..! ولعلّ ما هو أكثر بؤساً وسوءً هو أن لا تلقى تلك المخاوف والهواجس الشعبية المحقّة أيّ اكتراث يُذكَر من الحكومات وأركانها، في الوقت الذي تصمُّ فيه الآذان بشاعةُ وَوقاحةُ وشَراسةُ المضامين الفعلية لخطّة ترامب ونتنياهو، الأمريكية الصهيونية، المسّماة صفقة القرن، بشعارها التضليلي (سلام من أجل الازدهار)، وتأثيرها على وجودهم ومستقبلهم ودولتهم..!؟
كثيرة هي الخيارات المتاحة لهذا الشعب، في ردع ومقاومة المشاريع التي تستهدف أرضه وهويته وحضوره، بما في ذلك التبجح الأخير لنتنياهو. وللشعب الأردني، في هذا المضمار، سجلٌّ حافلٌ وخالد، في الدفاع والنصر والنجاح. وهذا الشعب يرفض بكل وضوح وقوة والتزام مشروع ما يسمى بالوطن البديل ولن يرضَى، ومعه الفلسطينيين بهذا الحل مهما كانت الظروف والأسباب.
وسيبقى التزام الأردن الدولة والشعب قدراً وطنياً وقومياً تجاه نضال الشعب الفلسطيني، وهو قرار وخيار ثابت وصارم وغير قابل للتصرف حتى التحرير.
نحنُ أبناءُ الشَعبِ الأردنيِّ، الراسخون في الزمان والمكان، نجدّد إعلاننا عن هويتنا الأردنية الأصيلة، بكلّ مكوّانتها الدستورية، المتحضّرة والحديثة، وعن حقّنا وجدارة حضورنا في أرضنا ودولتنا (المملكة الأردنية الهاشمية)، وأننا مستعدّون للدفاع عنها، بكلّ ما منحنا الله من عزم وإرادة وتصميم، ضدّ كل محاولات المساس بِها أو بِنا، في العيش والهوية والاجتماع والسياسة.
لَنا الخلودُ في أرضنا الأردنية العربية
لِدولتنا الأردنية القوّة والمَنعة
وللشعب الأردنيّ المَجدُ وجَدارةُ العَيش العزيز والكريم