كورونا بين المؤامرة والحقيقة


تأخذ نظرية المؤامرة حيزا كبيرا من تفكير الكثيرين، الذين يشككون دائما في حقيقة ما يستجد من أزمات، وهؤلاء ليسوا بالضرورة أفرادا؛ بل وحكومات أيضا تسعى لإلصاق التهم بقوى خارجية تعبيرا عن العجز والتقصير أو لشيطنة الخصم عبر تأليب الرأي العام عليه.

فيروس كورونا ليس بعيدا عن هذا الحقل، فثمة من يشكك في حقيقة أن يكون قد تطور بشكل طبيعي، بل يدخلونه في حقل ما يسمى بـ "الحرب البيولوجية" الموجهة.

أصحاب هذا الرأي يقدمون ما يعتقدون أنه يدعم وجة نظرهم ومنها استهدافه للصين التي تخوض حربا تجارية مع الولايات المتحدة منذ مدة، وهو الحال ذاته الذي قيل إبان أزمة الأقلية المسلمة في إقليم شينغ يانغ الصيني.

وأيضا، أثار انتباه أصحاب هذا الرأي انتشار الفيروس في إيران التي تخوض حربا باردة مع الولايات المتحدة وصلت مؤخرا لاغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني وتبعها قصف قاعدة أمريكية في العراق، والمتهم هنا بطبيعة الحال الولايات المتحدة بوقوفها وراء انتشاره في إيران.

غير أنه وفي إطار نظرية المؤامرة نفسها، فإن هناك من يلقي بالتهمة على الصين ذاتها في أنها تقف وراء انتشار الفيروس عبر تطويره في مختبرات سرية لديها، مشيرين إلى أن الفيروس انتشر في مدينة ووهان عن طريق الخطأ، وقبل أن تتمكن المختبرات الصينية من تطوير لقاح مضاد له.

نظرية المؤامرة يعتقد بها خبراء وليسوا فقط من هم من عوام الناس، ومنهم خبير بيولوجي روسي اتهم في لقاء مع قناة (RT) الروسية، الولايات المتحدة بالوقوف وراء ذلك، مستندا في اتهامه إلى كثير من المؤشرات منها أن تطوير أي لقاح يحتاج مدة عام في وقت قال فيه إن الولايات المتحدة أعلنت قدرتها عن تطوير لقاح مضاد للفيروس خلال أشهر.

السينما كثيرا ما ساهمت في إثارة علامات الاستفهام كما في تنبؤات "عائلة سمبسون" وكما في العديد من الأفلام التي تحدثت عن أمراض معدية ومميتة كفيلم Contagion الذي انتج عام 2011 ويتحدث عن "شربة الخفافيش" التي تصيب مدينة مزدحمة بالسكان وتتسبب في انتشار مرض معد.

في المقابل، يدحض مختصون نظرية المؤامرة من أساسها عبر التأكيد أن الفيروسات تطور نفسها بشكل دائم، مؤكدين في ذات الوقت أن القول بوقوف واشنطن وراءه يدحضه أن الفيروس وصل إلى الولايات المتحدة التي أعلنت عن إصابات ووفيات وصلت إلى 11 حالة، كما يدحضه وفقا لأصحاب هذا الرأي انتشار الفيروس بشكل كبير في دول أوروبية مثل إيطاليا.

على كل، الحرب البيولوجية لها تاريخ طويل، غير أنه ونظرا لصعوبة السيطرة عليها اتفقت دول في العام 1925 على منع اللجوء إليها إلا أن الولايات المتحدة رفضت التوقيع على الاتفاق آنذاك رغم تدمير مخزونها من السلاح البيولوجي عام 1966، وبالمناسبة "إسرائيل" أيضا لم تنضم للاتفاقية.

لذلك، يبقى السؤال قائما حول ما إذا كان كورونا فيروس مفتعل أم أنه كان نتيجة التطور الطبيعي للفيروسات؟.