الكورونا والتعليم الإلكتروني في الأزمات

بلال العبويني

 

أكثر ما يبعث على الطمأنينة، الشفافية العالية التي تعاملت بها الدولة الأردنية بكافة أجهزتها مع ملف فيروس كورونا، وتمثلت يوم أمس في الجرأة بالإعلان عن إصابة شخص ووضعه في الحجر الصحي في مستشفى الأمير حمزة.

الحكومة الأردنية أعلنت مبكرا أننا لسنا في معزل عن العالم، وأن الفيروس قد يصل إلى بلادنا في أي وقت، ما دعاها إلى بث الكثير من الرسائل التوعوية التي من شأنها أن تُعرّف المواطنين في كيفية الوقاية من الفيروس وكيفة التصرف إن شعر أحدهم بأعراض محددة من تلك التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية.

لكن المرض لا يدعو، حسب أصحاب اختصاص، إلى كل ذلك الهلع، والذي قد يكون في كثير من الأحيان يستند إلى معلومات مغلوطة تبث دون تدقيق على وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا.

إن أكثر ما يقلق الدول في فيروس كورونا هو قدرته على الانتشار السريع، لكن بمقارنة تأثيره على حياة الناس مع غيره من أمراض وفيروسات، فإن نسبة الوفيات الناتجة عنه ما زالت ضئيلة جدا لا تتجاوز 1 أو 2% حسب منظمة الصحة العالمية، وأن تلك الوفيات تتزامن أحيانا مع إصابة الشخص بأمراض أخرى أو نتيجة تقدمه في السن.

على أي حال، اتباع الإرشادات الصادرة عن وزارة الصحة مهم جدا وتحديدا فيما ارتبط بعاداتنا الاجتماعية بالاختلاط والترحاب وطريقة تناول الطعام وما إلى ذلك.

غير أن أصعب ما قد نواجهه هو عملية الاختلاط التي قد يكون من الصعوبة بمكان تقييدها أو السيطرة عليها تحديدا لدى طلاب المدارس، وهو ما قد تحدثت عنه في مقال سابق أرى من الضرورة إعادة التركيز عليه اليوم.

 

وزير الصحة أشار أمس إلى أن تعطيل المدارس سيكون حاضرا إن وصل عدد الإصابات إلى 20 حالة، وهذا بالضبط ما أريد الحديث عنه، إذ أن الضرورة تقتضي إدارة الأزمة قبل وقوعها عبر إنتاج برامج للتعليم الإلكتروني عن بعد؛ يُدرب عليها المعلمون والطلبة على حد سواء بهدف اللجوء إليها وقت الأزمات.

 

فالبنية التحتية متوفرة؛ بما لدينا من شبكة اتصال منتشرة في جميع مناطق المملكة، فضلا عن أن غالبية المواطنين يمتلكون اليوم هواتف ذكية تدعم الاتصال بشبكة الانترنت.

 

بالتالي، فإن بإمكان الحكومة أن تحافظ على التقويم المدرسي دون أي تأثير وتأخير عبر التعليم عن بعد، وبإمكانها أن تلجأ عبر الشراكة مع شركات الاتصالات إلى زيادة سرعات الانترنت ومنحه للمشتركين وقت الأزمات مجانا؛ لتحقق الغاية والهدف الأسمى في المحافظة على صحة وأرواح المواطنين من أن يطالها أي سوء، ولتحافظ على عدم إرباك المجتمع بإجراء تعديلات على التقويم المدرسي الذي لم يعد يحتمل أي تأخير هذا العام تحديدا بعد أن تأثر بإضراب المعلمين مدة شهر متواصل.

 

التعليم الالكتروني عن بعد، يفترض أن يكون على قائمة أولويات الحكومة، فهو إن لم يفدنا في مثل هذه الأزمة التي نحن أمامها، فإنه قد يفيدنا وقت تعطيل دوام المدارس أثناء المنخفضات الجوية، هي متكررة في كل عام.