كورونا الـ(TikTok) تغزو المجتمع الاردني و"الاتصالات" في سبات عميق

 الانباط - خليل النظامي

بات تطبيق (tiktok) ظاهرة تؤرق الاهالي والأسر في المجتمع الاردني، وتشكل عندهم هاجس خوف شديد على ابنائهم، حيث بات العديد من الاهالي يستنجدون بالصحافة والصحفيين للضغط باتجاه اغلاق او منع هذا التطبيق من الاستخدام في الاردن، لما أحدثه ويحدثه من تأثير سلبي على ابنائهم سواء طلبة المدارس او الجامعات.

شبان وشابات، يهربون من المدارس والتي "خان" بعضها ثقة اولياء الامور في عدم المحافظة على ابنائهم، حيث يقضون معظم اوقاتهم ما بين منطقة (البوليفارد العبدلي)، والساحة الهاشمية، يتجولون بهواتفهم جماعات جماعات، مرتدين ملابس غريبة، وشعورهم مسرحة ايضا بطريقة غريبة، يقومون بتصوير انفسهم بأوضاع جنونية غريبة بعض الشيء، وكأنهم شياطين خرجوا من باطن الارض، وشابات لم يبلغن واجسادهن لم تكتمل فيسيولوجيا باتوا يستعرضون بأجسادهم مستخدمين ألفاضا سوقية وألفاظ يخجل الزوج من التحدث مع زوجته بها.

منذ عدة شهور تواصل معي احد اساتذة الجامعات من اصدقائي، يطالبني بمتابعة والكتابة عن موضوع تطبيق (tiktok) وما احدثه في منهجية تربيته لأحد ابناءه الذي يبلغ من العمر حوالي خمسة عشر عاما، وأتبع ذلك بعدة ايام بهاتف يحدثني من خلاله عن اصدقاء ابنه في المدرسة، وما احدث هذا التطبيق على منهجية تربيتهم وتعليمهم المدرسي وسلوكياتهم بشكل عام.

وحتى يتسنى لي التعرف على هذا التطبيق والتأكد مما يحدث عليه ما يحدثه من تأثير على الاطفال والمراهقين وطلبة المدارس والجامعات، قمت بالاشتراك فيه ونشرت عدة فيديوهات بهدف جذب المتابعين، لكي ابقى على تواصل معهم واطلع على ما ينشرون عبر حساباتهم، كنوع من انواع منهجيات البحث العلمي والدراسات لأكون قادرا على تحديد المشكلة ووضع الفرضيات اللازمة لها.

الملفت بالأمر، أن مستخدمي هذا التطبيق في الاردن تتراوح اعمارهم ما بين (10 أعوام ولغاية 20 عاما)، ومعظم هذه الشريحة من طلبة المدارس والجامعات من كلا الجنسين، والتمركز الجغرافي لمشتركيه محصور معظمه في ثلاثة محافظات رئيسية هي (اربد، عمان، الزرقاء) نظرا للكثافة السكانية الموجودة فيها، اضافة الى ان مجتمعات هذه المحافظات تحديدا باتت مهددة بفيروس التفكك الاسري والاجتماعي، نظرا لما تواجهه من موجات انفتاح وانحلال غير مسبوقة اهمها غياب رقابة الجهات المسؤولة عن مضامين الشبكة العنكبوتية وتطبيقات الهواتف الذكية والتي اصبح كل مواطن يتمتع بحرية استخدامها.

ما وجدته خلال بضعة شهور من المراقبة والبحث عبر هذا التطبيق يؤشر أن هناك خطر يحدق بشباب هذا البلد، حيث أن ابرز اهتمامات المشتركين فيه تمحورت حول الترويج للدعارة من امام الفنادق وفي الشقق غير المعروفة الا بأرقام هواتف غير مسجلة، والترويج لغسيل الاموات خاصة موضوع الدولارات التي تهرب من بعض الدول، وجنون الشهرة من خلال الاستعراض بالجمال والجسد، وأيضا من هناك نجد اشهر الاغاني الشعبية التي منعت في مصر.. تلك التي باتت اكبر خطر يهدد ابناء هذا الجيل لما لها من تأثير وخطوره على سلوكياتهم الاجتماعية، وأيضا من ناحية اخرى هناك الترويج والتحريض على الحشيش والمخدرات.

وفي الجانب الاخر، وبهدف الانصاف، نجد هناك قلة قليلة من المشتركين يقومون بنشر فيديوهات لها علاقة بالطبيعة، وبعضها للتوعية بخصوص المواطنة، واخرون يستخدمونه لغايات تجارية لترويج سلعهم كشكل من اشكال التسويق الالكتروني.

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن وفي بيان صحفي نشرته العام الماضي 2019 اعترفت بشكل مباشر وعلني أن هذا التطبيق يشكل خطورة مباشرة على فئة الاطفال والمراهقين كونهم هم الفئة التي تم استهدافها من قبل القائمين على التطبيق من خلال ادخال الموسيقى وغيرها من مؤثرات الرقص ما ساهم في اقبال الأطفال والمراهقين على استخدامه. وأكدت ان التطبيق اطلق مؤخرا تحديثا جديدا قد يؤدي إلى زيادة مخاطرة على فئة الاطفال والمراهقين وهو ما تاخذه الهيئة الان على محمل الجد للتعامل مع التطبيق ودراسة تداعياته وآثاره على المجتمع.

وأشارت إلى أنها وفي حال استمرار ورود الشكاوى والملاحظات حول مخاطر هذه التطبيقات وخاصة تطبيق "التيك توك" ستقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية والعمل على اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بامكانية حظر التطبيق ان لزم داخل الأردن حفاظا على امن وسلامة المجتمع وابنائه.

المسألة لا تكمن في التطبيق الذكي بحد ذاته، وإنما تكمن في الخفايا الاجتماعية التي باتت تظهر على الساحة من خلال هذه التطبيقات، حيث للوهله الاولى يجد المتابع ان معظم الجيل الجديد ترعرع على ثقافة الاستهلاك لا الانتاج، ولا يعرف الانضباط، وشبه مجرد من الاخلاق، ويمتاز بالجرأة في كل سلوكياته، اضافة الى تحرره بشكل كامل ومخيف من كل القيم الاخلاقية والدينية بطريقة جنونية، ولا قيمة للوقت والمادة عنده، وسريع جدا يخلو تماما من قيمة الصبر، حيث العلم اصبح عند معظمهم نسج من الخيال لا قيمة له، والاخلاق حكم عليها بالاعدام شنقا.

وهذا يحتم على الحكومة بتوجيه البوصلة نحو اعادة شدشدة مفاصلها فيما يتعلق بالضبط والربط الاجتماعي واتباع اساليب حديثة في سياسات الجهات المسؤولة عن منظومة التربية والتعليم، وزيادة حملات التوعية والارشاد في المدارس والجامعات والحاضنات التي تجمع اكبر عدد من الشباب، من مخاطر هذه التطبيقات، اضافة الى توجيه خطابات محددة للأسر وربات البيوت عن خطورة ما تحدثه هذه التطبيقات على سلوكيات ابنائهم.