الاعتذار للدكتور هاني الملقي أصبح مدار استحقاق

 حكومة الرزاز : "حراث بور، وغيوم لم تمطر، وزرع لم يثمر"

الانباط - خليل النظامي

عادت تساؤلات الكادحين الى ساحة المشهد من جديد عن النتائج التي كانوا يتوقعونها بعد اسقاطهم لـحكومة الملقي، وتسلم الدكتور عمر الرزاز حكومة جديدة، فـقانون الضريبة الذي كان اساس ما عرف بـ"ثورة الرابع" مررته حكومة الرزاز بكل بساطة وبدون عناء او مقاومة من قبل قوى الشد العكسي.

فمنذ ان وقف الكادحون على ارصفة محيط ما عرف بـ"الرابع" وأحدثوا ما أسموه اعلاميا بـ "ثورة الرابع"، حتى وقتنا الحالي لم يتغير شيء سوى الوجوه التي تسكن الرابع ورائحة العطر الذي يفوح منها وماركات البدل وربطات العنق التي يتزينون بها.

وكأن المشهد آنذاك عبارة عن مسرحية كتب سيناريوهاتها رأس المال، وأخرجها اليسار الليبرالي، وتلقت الدعم من مستودعات المال الاسمنتية، وشارك بأدائها فنانون قننوا بشعارات استهدفت العبث بمشاعر الكبت والاضطهاد لدى الجماهير ما جعلتهم يصفقون بحرارة لـمخرجات الجامعات الغربية .

نجد ان مؤشرات الفقر في ارتفاع خاصة في الاطراف والمناطق النائية، ومعدلات البطالة ارتفعت نسبتها بين الشباب الاردني لمستويات لم تشهدها الاردن من قبل، ومنظومة الاستثمار لم تتقدم خطوة واحدة، لا بل تراجعت عدة خطوات في معظم مؤشراتها، والتشجيع اصبح تربيع، حيث المشجعون متربعين في مكاتب معطره يتابعون اخبار الكلاسيكو.

ومن هناك نرى سوق العمل الذي يشهد اختلالات كبيرة وتكدس هائل للعمالة الوافدة والمخالفة لقانوني العمل والاقامة لم يتغير عليه شيء، بل زاد تغول الوافدة على فرص العمل المخصصة للأردنيين دون رقابة وضبط، وفلسفة تشغيل الاردنيين اصبحت مجرد ارقام، والتدريب والتأهيل اصبح في غياهب الجب، ومن هناك حدث ولا حرج حول التعيينات والتنفيعات في المؤسسات الحكومية الذي زاد انتشاره في الاوساط بمختلف القطاعات، وحتى "المتسول الخفي" الذي اعتقدنا أن لديه مصل لإنهاء الترهل الاداري اصيب بـ فيروس الكورونا" وتم عزله واختفى عن الساحة.

اما القطاع السياحي الذي وليّ امره لـ غير المتخصص به، ما رأينا منه سوى سبات عميق صحوته كانت بروباجندات اعلامية يتفنن من خلالها بمنهجية تسيس الرقم الاحصائي بغير ما هو موجود على الواقع، وعشرات الملايين تصرف هنا وهناك بذريعة الترويج للأردن سياحيا في الخارج لم نرى اي مردود او تغذية راجعة لها في بيانات هيئة تنشيط السياحة.

وبالدخول لقطاع الطاقة، نجد انه اصبح قطاع مشكل للرأي العام بعد ان كان نكره بين القطاعات لا نسمع له حس ولا خبر خاصة بالتزامن مع مخططات ما عرف بـ صفقة القرن"، فهناك اتفاقية الغاز الغامضة الملامح، تلاها الارتفاع المفاجىء في فواتير الكهرباء والذي ما زالت اسبابة غير معروفة بسبب الجدل البيزنطي الذي نراه عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام.

اما المنظومة الاعلامية، والتي زادت عشوائيتها وفوضوية مخرجاتها في عهد حكومة الرزاز عن ما كانت عليه في حكومة الملقي، ناهيكم عن الحريات التي قننت وأصبح الخوف يسكن قلب وعقل كل صحفي واعلامي خشية من ان يخرج عن الاطار الذي رسمه قانون الجرائم الالكترونية وغيره من القوانين المكممة للافواه او خرق السقوف او تهديد من هنا وهناك، هذه المنظومة التي لم تجد رجلا حكيما يعيد لها هيبتها ووزنها، المنظومة التي ازهقت حقوقها عنوة لصالح متنفعين من اصحاب النخب، صحف تغتال وتقتل ويؤكل حقها التي استحقتة امام الجميع في غياب للعدالة، وصحفيون يمنعون واخرون يقننون، ودخلاء مسيطرون وأهل العلم مقصيّون، وحكومة الرزاز تقف موقف المراقب والمتابع دون تحريك ساكن.

اما قصة قطاع النقل، فما زال الطريق الصحراوي معلق في بيت مهجور بـ طلاق بائن بينونه كبرى لا هو حاصل على قرار الطلاق ولا معاد لزوجه، وفي الجانب الاخر الباص السريع الذي ما زلنا ومنذ سنوات طويلة ننتظر بفارغ الصبر دعوتنا لـ حفل زواجه الذي نشك بأنه سيبقى عازب للأبد.

الملفت بالأمر، ان من الامور التي شهدت تغيير واضح في عهد الرزاز، تمثلت في غياب رجالات الصالونات السياسية عن المشهد الداخلي والخارجي، وقلة قليلة منهم من يخرجون علينا من خلال ندوات او تصريحات صحفية حول ما آلت اوضاع البلاد مؤخرا، فهناك المحافظين الذين قرروا العيش في مزارعهم والعناية بالاشجار والنباتات ومراقبة خلايا النحل، وكأنهم ليسوا شركاء فيما وصلنا اليه من أزمات على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ايضا من اللافت ظاهرة ازدياد عدد النشطاء عبر شبكات منصات شبكات التواصل الاجتماعي، واطلاقهم لمبادرات ذات طابع انساني واجتماعي، وكأنهم موجهين من قبل اجنحة خاصة لتحميل مسؤولية الفقراء ومن يتعرضون للإضطهاد والمنسيين من المواطنين على كاهل الشعب نفسه، عوضا عن تولي الحكومة لهذه المهمة، وكأن هناك سيناريو لمشهد هدفة نزع المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة والدولة في رعاية المضطهدين والفقراء والبسطاء بذريعة المسؤولية الاجتماعية والانسانية.

ومما يتضح ان الساحة الاردنية لم تشهد التغيير المنشود من قبل حكومة الدكتور عمر الرزاز، وهذا يقودنا الى استحقاق ووجوب تقديم اعتذار على طبق من ذهب لـ دولة الدكتور هاني الملقي على ما فعلنا بـ حكومته، وما أوهمنا وخدعنا انفسنا به على اننا صناع التغيير وما كنا الا صناع تغيير وجوه لا تغيير نهج.

وما تزال تساؤلات المواطنين تخرج يوميا من حيث مناطقهم متوجهة الى العاصمة عمان، تشكل غيوم فوق سماء الرابع تمطر يوميا على أمل ان تنبت امطارها زرعا.