قطاع النقل.. تحديات التطوير



الأردنيون بكافة مستوياتهم يعانون من تردي قطاع النقل وأثره على الطرق التي تعاني من ازدحامات مستعصية، وهو ما يجعل من القرارات المرتجفة والمترددة سببا في تأزيم واقع القطاع الذي من دون شك لا تجدي معه عمليات الجراحة الصغرى.

أول مؤشرات تفكيك أزمة النقل العام وازدحامات الطرق يكون في اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة بعمق لإجراء عمليات جراحة كبرى تساهم في استئصال جزء كبير من المرض.

يوم أمس، أضرب سائقو الحافلات في غالبية المحافظات، احتجاجا على تخفيض العمر التشغيلي للحافلات إلى 15 عاما، وفي الأثناء استمعنا إلى مطالب بالتراجع عن قرار دمج شركات النقل.

ربما يحتاج قرار تخفيض العمر التشغيلي للحافلات إلى مزيد من الدراسة باتجاه حفظ أرزاق المشغلين من أن تتعرض للخسائر، كأن يُمنحوا مزيدا من التسهيلات على أسعار الحافلات الجديدة أو غير ذلك من الدعم التي يجب أن يحصلوا عليه باعتبارهم يستثمرون في خدمة هي في الأصل واجب على الدولة توفيرها لمواطنيها على الوجه الأمثل.

بيد أن تحديث أسطول النقل الداخلي والخارجي هو مطلب واجب تنفيذه لاعتبارات كثيرة منها أن العمل المتواصل لمدة 15 عاما على واسطة نقل من شأنه أن يستهلكها بما يجعلها عرضة للتعطل الدائم والخسائر الناتجة عن ذلك، وأن يجعلها أقل أمانا على مستخدميها بحكم العمر، وأن يجعلها سببا في تلويث البيئة، وعدم قدرتها على توفير الراحة التي يجب أن يشعر بها مستخدمها إذا ما أردنا اقناعه بترك مركبته الخاصة لصالح استخدام النقل العام.

بيد أن المطالبة بالتراجع عن قرار دمج الشركات، بدا غريبا، ذلك أن الدمج يعد مطلبا مهما وواجبا لما له من أثر يساهم في تطوير تقديم خدمة النقل العام وفي تنظيم القطاع، بل إن قرار الدمج يجب أن يطال أيضا قطاع التكسي "السرفيس والأصفر"، لنتخلص من التشغيل الفردي والفوضى التي يسببها على الطرقات من ازدحامات مرورية وتلويث للبيئة وهدر للوقود.

من المؤكد أن أي قرار من هذا النوع قد يلقى اعتراضا من المشغلين لما ينطوي عليه من فقدان جزء يسير من الامتيازات، بيد أن تطوير قطاع النقل وحلأزمة الازدحامات المرورية المستعصية يتطلب قرارات جريئة؛ لكنها يجب أن تكون مدروسة ويجب أن يقابلها امتيازات أو ما يشجع المشغلين الفرادى على الاندماج في شركات وعلى تحديث وسائط النقل الخاصة بهم.

قطاع النقل لا يسرّ أحدا وحالة الطرق تتسبب بأمراض مستعصية وخسائر فادحة وتلوث مؤرق، وهو ما يجب الالتفات إليه سريعا دون إبطاء أو تردد، لأن بعض الاعتراضات التي قد نستمع إليها تنظر إلى مصالحها الآنية الخاصة والضيقة دون الالتفات إلى المصلحة الجمعية للدولة والناس.

لذلك التراجع عن مواصلة عملية التطوير والتحديث تحت ضغط بعض المعترضين يعد ضعفا، وهو ما لا يجب أن يكون لأن ذلك يعني استمرار تردي حالة واحد من أهم قطاعات الدولة وهو القطاع الذي يؤثر سلبا أو إيجابا في باقي القطاعات الأخرى وهو أهم مؤشر على مدى تطور مستوى التنمية في البلد، فقطاع النقل والطرق يحتاج إلى أكثر من هذه القرارت والتي سبق وأن كتبنا بها مرارا، وهي التي يجب أن يتشارك على تنفيذها عدد من المؤسسات والوزارات، وليس النقل فقط.