أبو ابراهيم: خمسون عاماً في حياكة الشوادر جعلتني أعشق ماكينتي الانجليزية

الأنباط -يجلس السبعيني أبو ابراهيم خلف ماكينة الخياطة الإنجليزية وقد رسمت الأيام على جبينه ثنايا الكد، وعلامات الشقاء وهو يحيك أغطية الشاحنات " الشوادر"، ليغطي بها احتياجات السائقين، كمهنة زاوج فيها، بين توارث التراث وحاجة السوق.
ويقول أبو ابراهيم، إنه بدأ عمله في سبعينيات القرن الماضي، بمدينة الفحيص حين ادخر مبلغا من المال، من عمله في القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، لشراء ماكينة الشوادر واستئجار مخزن صغير ليبدأ رحلة عمله فيها، يحيك الشوادر، لشاحنات نقل الإسمنت ومكوناته من المواد الأولية .
وبتنهيده عميقة يتحدث أبو ابراهيم عن الصعوبات التي تعترض مهنته منها قلة الإقبال على منتجه هذه الأيام نظراً للتطور الحاصل اليوم، والذي وفر هذه السلعة على أسس تجارية، وبأقل الكلف، وتوفر المغاسل للسيارات وبأسعار بسيطة أغناهم عن استخدام الشوادر، ما أدى لتراجع الطلب على هذا المنتج التقليدي من الشوادر والأغطية المستخدمة للشاحنات والسيارات .
ويعزي أبو ابراهيم تراجع استخدام الشوادر في الوقت الحالي إلى توقف مصنع اسمنت الفحيص عن العمل، وندرة مرور الشاحنات العاملة في هذا المجال، ما أدى لتراجع الطلب على هذا المنتج، فعمد للعمل في حياكة كراسي الحدائق المنزلية والمراجيح، كبديل من أجل كسب لقمة العيش . وعن سبب اختياره للمهنة، أشار إلى أن الفحيص كانت أرضا خصبة لترويج هذه التجارة وممارسة هذه الحرفة، معتبرا إياها أنها كانت البلدة الوحيدة آنذاك التي يوجد فيها مصنع للإسمنت وتدخلها مئات الشاحنات التي تنقل انتاج المصنع من الأسمنت والمواد الأولية المستخدمة في صناعته، وهي ملزمة رسميا ووفق شروط السلامة المرورية والصحة المهنية، لتغطية هذه المواد خوفا من تطايرها والتسبب بالضرر للناس وحفاظا على البيئة. وبين أبو إبراهيم، أن اختياره الفحيص مركزا لعمله يعود لطبيعة المدينة الفلاحية واشتهارها بإنتاج الفواكه، كالتين والدراق والعنب؛ وبالتالي كثرة استخدام "البكبات" لنقل تلك المنتجات من الفحيص إلى عمان والسلط، ما يتطلب استخدام الشوادر لتغطيتها، إلى جانب استخدامها لتغطية السيارات الخاصة وحمايتها من أشعة الشمس، وهي العادة التي تلاشت وانقرضت لدى معظم الناس.
وفي روحية العلاقة وقدمها بينه وبين ماكينته الإنجليزية، يشير أبو ابراهيم إلى قصة عشق وتوحّد مع هذه الآلة الصاخبة، والتي تشكل سر رزقه وعيشه الكريم المستور، حين آوته من الخوف على الرزق، وأمنته من الجوع، معتبرا أن مكسبه وغناه في المهنة كان بتعليم أبنائه وبناته، الذين تخرجوا من الجامعات بمختلف التخصصات، فمنهم الطبيب والمهندس والمحاسب والآخر ما زال على مقاعد الدراسة.
--(بترا)