حسابات وأملاك ذوي أسرى الداخل.. هدف "إسرائيل" للقرصنة والانتقام

الانباط - وكالات

تفاجأ جمال بيادسة شقيق الأسير إبراهيم عبد الرازق بيادسة من بلدة باقة الغربية بالداخل الفلسطيني المحتل بأنه لم تعد له صلاحية استخدام حسابه البنكي، وأن "إسرائيل" احتجزت أمواله التي أودعها فيه، وحينما أراد معرفة السبب قيل له، "لأنه شقيق أسير يتلقى أموال من السلطة الفلسطينية".

لم يكن القرار الذي أصدره وزير جيش الاحتلال "نفتالي بينيت" الأربعاء الماضي القاضي بمصادرة أموال الأسرى بسجون الاحتلال، من بينهم أربعين من الداخل المحتل، يستهدف أموال الأسرى لأنهم لا يملكون أموالًا في البنوك أصلًا، لذا فاتجه الاحتلال للقرصنة على رواتب عائلاتهم. القرار الذي وقعه بينيت يقضي بوضع اليد على مئات الآلاف من الشواقل الخاصة بأربعين أسيرًا من الداخل، نشر منهم أسماء ثمانية.

ديابسة المعتقل منذ 2006 والمحكوم 46 مؤبدًا بتهمة قتل جندي إسرائيلي، لا يمتلك أموالًا في حسابه البنكي، وكانت وجهة "إسرائيل" لحساب شقيقه جمال، لأنه من يزوره ويتواصل معه ويوصل له "الكانتينا" وكل مستلزماته.

يقول ديابسة الخمسيني "حجزوا على حسابي، حيث توجهت صباحًا للبنك وإذا بإدارته تبلغني أنه محتجز ولا يمكنني أن أتصرف به لا أن أودع أو أسحب".وأضاف "هذه كارثة، عليّ التزامات لتجار أتعامل معهم، وكل ما في البنك 22 ألف "شيقل"، وبلغني أن قرار الوزير يقضي بتغريمي 77 ألف و600 "شيقل".

وفور تلقيه خبر الاحتجاز بدأ بيادسة بالتوجه لمحامين لرفع دعوى ضد القرار الصادر عن بينيت، على أمل أن يتم فك الحجز على أمواله التي وصفها "كلها تجميع ومفترض أن تكون شيكات مستحقة لتجار، ومنها مجموع مدخرات إدّخرتها لكي أستكمل عليها وأؤدي فريضة الحج".

وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها "إسرائيل" بالعمل المباشر ضد مخصصات أسرى الداخل الشهرية التي يتلقونها من السلطة. ويخص القرار لراتب الذي يتلقاه الأسرى من السلطة كما يسري أيضًا على المستفيدين من الراتب كالعائلة، حيث يفصل القرار تفاصيل أبناء العائلات المستهدفين، وهذا ما يفسّر قرصنة "إسرائيل" على حساب شقيق بيادسة.

والد الأسير إبراهيم محمد إبراهيم بكري من قضاء عكا الذي شمله القرار وتم نشر اسمه ضمن قائمة المستهدفين، قال "شاهدنا الخبر على الإعلام، وحينما ذهبنا إلى البنك قالوا إن حسابك البنكي محتجز لأنك والد أسير متهم بتلقي أموال من السلطة". واستهزأ بالقرار "حجزوا على الحساب وهو فارغ، فأنا لا أملك أي أموال، وأيضًا ابني".

ويقضي الأسير بكري حكمًا بالسجن لمدة 9 مؤبدات، وتتهمه "إسرائيل" بمساعدة منفذ عملية صفد في اب 2002 التي أودت بقتل فيها 9 إسرائيليين.

يقول والده: "حكموا على أبنائنا وظلموهم واليوم جاءوا ليقرصنوا على حساباتنا، ورغم أنها فارغة إلا أنني وبسبب الحجز لا أستطيع أن أدفع كهرباء ولا ماء ولا أي شيء من المسئوليات والفواتير الملزم بها، والتي أقوم بدفعها من خلال الحساب".

ومما يُثير مخاوف ذوي الأسرى أن القرار يقضي بالحجز على أملاك ذويهم بحال لم يتم إيجاد أموال في حساباتهم، وهو ما يُنذر بوضع اليد على ممتلكات ذوي أسرى.

لكن والد الأسير بكري يقول: "ليس لديّ أملاك، الملك لله وسأزور ابني لأبلّغه بهذا القرار المجحف الظالم المعيب". وقال "هذا وزير مجرم وقراره معيب، لكنه لن ينل منا شيئًا، ومعنوياتنا ستبقى عالية لأننا نستمدها من معنويات ابني".

"بينت" وصف الأسرى المشمولين بالقرار بأنهم "ملطخة أيديهم بالدماء"، وبعدما أرفق قائمة تضم الأسرى المعنيين بالقرار، تبين بأن بعضهم مفرج عنه سابقا والآخر محكوم بالسجن المؤبد وبعضهم لسنوات طويلة، وعدد منهم من حملة "الهوية الزرقاء".

وقال مسئول ملف أسرى الداخل أيمن الحاج يحيى: "إن 32 من بين 40 هم من أسرى الداخل استهدفهم القرار، لم تُنشر أسمائهم بعد، لكن القرار دخل حيّز التنفيذ على الذين تم نشر أسمائهم". واعتبر القرار بأنه "يأتي ضمن سياق حملة انتخابية لا أكثر". وأضاف "هذا الوزير يُريد من القرار أن ينافس أكثر على الصوت اليميني ويبحث عن كل شيء يضمن له الأصوات، وبالطبع ملف الأسرى من بين هذه الضمانات".

يحيى قال بأن تناوب المسئولين والمرشحين لانتخابات الكنيست على القرصنة وشن الحملات ضد الأسرى في سياق الدعايات الانتخابية، لم يكن إلا لضعف الشارع الفلسطيني، قائلًا: "لو أنه قوي ولو أن هناك ردة فعل قوية ما تجرأ هؤلاء على اتخاذ قرارات ضد الأسرى". ويبلغ عدد أسرى الداخل 80. وأشار أن الاحتلال حجز فعليًا على حسابات عدد من ذوي الأسرى، وهناك سعي لمعرفة ما إذا كان هناك قرار بالحجز على أملاك العائلات. وتابع "الصورة ضبابية حتى اللحظة بشأن تفاصيل الاحتجاز خاصة وأننا نتحدث عن 32 أسير اً شملهم القرار لم يتم نشر أسمائهم، ومن المقرر أن تتضح خلال الأسبوع الجاري".

ومن المقرر أن يتوجه الأسرى وبالتنسيق مع مركز "عدالة" لحقوق الأقلية العربية لرفع دعوى ضد قرار وزير أمن الاحتلال لدى محكمة العدل العليا، رغم عدم ثقتهم بقرارات القضاء الإسرائيلي، لذا قال والد الأسير بكري "بالطبع سنتوجه للمحكمة رغم أنني لا أتأمل شيئًا من قضائهم".