الأردن أكبر من كل المؤامرات
حسين الجغبير
عواصف عديدة تعاملت معها المملكة مؤخراً، مثلت لها تحدياً كبيراً في ظل متغيرات استهدفت أولويات المنطقة بالنسبة لأميركا في عهد الرئيس ترامب ولدول عربية أخرى، حيث لم تعد القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع بالمنطقة. وهو أمر يرفضه الأردن جملةً وتفصيلاً.
محاولات العبث الأميركية متواصلة بالقضية التي تعتبرها المملكة مصيرية لا يمكن أن تحيد عنها مهما قست الظروف عليها، ونتحدث هنا عن قرارات اتخذت ضمن ما يعرف في "صفقة القرن"، في الوقت الذي تزيد دولة الاحتلال من نهجها المتطرف تجاه عمان عبر تسخير ماكينتها الإعلامية للتأثير على الأردن وكان آخرها ما نشرته صحيفة "هآرتس" الأسبوع الماضي.
وفي زحمة كل تلك المتغيرات، ما يزال الأردن لاعباً أساسياً لا يمكن الاستغناء عن أهميته لذا نجد تلك الدول التي تحاول إضعاف دوره مضطرة إلى التعامل معه والرجوع إليه كونها تدرك جيداً أن المعطيات على أرض الواقع تختلف كلياً عن التصريحات العبثية وسياسة التهويش، فدولة الاحتلال بالرغم كل ما تقوم به من محاولات استفزازية اضطرت في أكثر من قصة للاستسلام للموقف الاردني من أبرزها قضية الباقورة والغمر أو المعتقلين اللبدي ومرعي.
وعلى الجانب الأميركي، نجد واشنطن تواصل التزاماتها المالية تجاه المملكة، رغم اختلاف وجهات النظر مع عمان في عدد من الملفات، حيث حصلت المملكة قبل أسابيع على مساعدات بقيمة 750 مليون دينار، فيما كشف تقرير صادر عن مركز أبحاث الكونغرس الأميركي مؤخرا أن الأردن الذي يعد ثالث أكبر دولة متلقية للمساعدات الأمريكية سيحصل على 1.275 مليار دولار العام المقبل 2020
(910.8 مليون دولار مساعدات اقتصادية، وحوالي 350 مليون دولار مساعدات عسكرية).
على كل مواطن أردني أن يتعامل بجدية مع معادلة إدراك العالم الخارجي لأهمية المملكة رغم الضغوطات التي تمارس عليه، وذلك يكون من خلال عدم الإلتفات إلى الأجندات الداخلية والخارجية التي تسعى إلى تشويه صورة المجتمع المحلي أولاً، وتقاتل من أجل أن تهز منظومته عبر بث سموم تحتاج إلى وعي في التعاطي معها.
الصمود السياسي الأردني في وجه عمليات الضغط في أعلى مستويات النجاح، والمقاومة متواصلة، فيما يواصل كل من يحاول زيادة العبء الاقتصادي والسياسي على المملكة التلاعب بكل أدواته، لكنه حتى هذه اللحظة يصطدم بجدار عازل لا يقوى على التغلغل من خلاله. ماذا يعني ذلك؟
بالتأكيد يعني أن صمودنا يأتي من الوقوف خلف القيادة الهاشمية، ولعب دور أساسي في عملية الصد، وعدم الإنجرار لكل من يحاول العبث عبر استغلال الانفتاح العالمي من خلال الفضاء الإلكتروني، ممن يسعون لغرس نبتة نتنة في حقلٍ من الورود.
الأردن أكبر من مقال كتب في صحيفة رسمية للاحتلال الصهيوني، وأكبر من محاولات قادة هذا الاحتلال ترحيل أزماته السياسية الداخلية إلى الدول الأخرى، والاردن أكبر من أن تحاول كل دول العالم تجنب أهميته والابتعاد عنه لمسافات هم يدركون أن الاستمرار في السير فيها لن يعود بالخير على المنطقة بأكملها.