2019..عام من عدم الاستقرار بـ"إسرائيل".. والثابت الوحيد الحسم مع الفلسطينيين

الانباط - وكالات

بالنسبة لـ"إسرائيل"، كان 2019 هو عام الاستقرار والانتخابات التي لم تنته، فبينما بدأ العام بالتحضير بالانتخابات الأولى في نيسان، أختتم أيضا بالتحضير للانتخابات الثالثة المقرر إجراءها في 2020، بعد فشل الأولى والثانية في إفراز حكومة توافق.

هذا الحال من الفوضى في كل نواحي الحياة في "إسرائيل"، لم يكن كذلك فيما يتعلق بالعلاقة مع الفلسطينيين، فكانت رؤية الحكومة الإسرائيلية أكثر ثباتا في تكريس السيطرة على الأرض، وكان هذا الملف عامل مهم في جلب مزيدا من الأصوات في الانتخابات وباتت كل الأحزاب تتسابق لتسجيل نقاط إضافية لصالحها.

وأكثر من ذلك، كانت خطوات تصعيدية على الأرض فكان قرار ضم منطقة الأغوار ومناطق "ج" والتي تشكل أكثر من 60% من مناطق الضفة، وحسم السيادة على القدس، والإعلان الصريح بنيتها ضم منطقة الحرم الإبراهيمي في الخليل.

هذه الإجراءات كانت صارخة في 2019، ولكن هناك إجراءات تجري على الأرض أيضا دون الإعلان الرسمي عنها كعودة "الإدارة المدنية" للعمل على تسيير حياة الفلسطينيين كالسابق، ومظاهر هذه العودة بدأت تظهر في السنوات الثلاثة الأخيرة، ولكنها تجلت في 2019. فكل يوم يخاطب منسق العام في الضفة الفلسطينيين من خلال الفيس بوك ووسائل التواصل للإعلان عن مواعيد استصدار التصاريح، أو الإغلاقات على الضفة، أو إيه تسهيلات ممنوحة لهم، التفافا على دور السلطة. وشهد توسيع لمكاتب الإدارة المدنية واستقدام موظفين جدد فيها، وأصبحت صلاحياتها متوارية خلف موظفي أجهزة السلطة التي كان تعامل الفلسطينيين مباشرة معهم دون العودة للإدارة المدنية.

حول ذلك يقول الكاتب والمتابع للشؤون الإسرائيلية عادل شديد، إن الإدارة المدنية خلال السنوات الفائتة أعادت نشاطها على حساب دور السلطة، ولكن ليست كما كانت قبل أوسلو، فالأدوار التي تشكل عبئا على "إسرائيل" بقيت بيد السلطة. وأشار لمؤشرات تدلل على ذلك، فمنذ فترة بدء العمل على نقل جزء من الصلاحيات للبلديات كدفع الضرائب التي أصبحت تدفع للبلدية وليس لوزارة المالية برام الله. وأشار إلى خطوات "إسرائيلية" لتعزيز دور هذه الإدارة في 2019، كتحسين الحواجز التي استحدثت بعد الانتفاضة الثانية وتحويلها لمعابر، وتخصيص العمل عليها وكأنها معابر دولية تفصل مناطق سيادية عن بعضها.

الواضح إن هناك قرار سياسي إسرائيلي باتجاه محاولة تحويل الوضع القائم للحل النهائي، وحسم هذه القضية بإبقاء الفلسطينيين على مناطق السلطة A من خلال الممارسة الفعلية، وليس من خلال المفاوضات. هذا ما أكدته المديرة العامة لمركز "مدار"، هنيدة غانم، والتي قالت:" كل هذه الخطوات تجري بحذر وتفكير عميق لاستغلال الظروف الدولية والإقليمية الملائمة، وصولا للهدف الاستراتيجي وهو إلغاء وصف الأراضي المحتلة وتحويلها لمناطق متنازع عليها". وقالت 2019 كان تتويجا للسياسية الإسرائيلية التي بدأت عام 2009 مع صعود بنيامين نتانياهو وهي السعي المتواصل لتغير الواقع بفرض مزيد من الاستيطان والسيطرة على الأرض.

في 2019، كان الإعلان الصريح الذي لم يخالفه أحد سياسيا بنية "إسرائيل" ضم المستوطنات في الضفة فكان القرار بضم مناطق الأغوار بالكامل وكل المناطق المصنفة C، وحسم السيادة على القدس، تقول غانم:" عام كامل وإسرائيل موجودة في فترة الانتخابات، وكثير من القضايا جمدت حتى بعد الانتخابات، ولكن التي تحسم الوضع الفلسطيني ومصير الفلسطينيين مستمرة وبسياسية وميزانيات ثابته".

وهذا الوضع أيضا، كما تقول غانم، جعل اليمين المتطرف هو الوحيد القادر على تقديم فكر سياسي، والتي تتلخص بحسم الأمر على أرض الواقع.

الباحث في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، مسارات، رازي نابلسي، يوافق ما ذهبت له غانم، بتجميد العلاقات السياسية مع الفلسطينيين عام 2019، ويقول بأنه شكل جديد للعلاقة مع الفلسطينيين تبلور لدى الإسرائيليين. فخلال العام الفائت كانت السياسية الإسرائيلية واضحة باتجاه "الحسم" مع الجانب الفلسطيني، وكان بتحديد العلاقة مع القيادة الفلسطينية بصورة جديدة، يتم خلالها تحويلها من قيادة حركة وطنية إلى قيادة سلطة حكم ذاتي.

وبحسب نابلسي هذا يعني قطع العلاقات بين الجانبين بكل ما يتعلق بالقضايا السياسية كالاستيطان والسيادة والدولة والحدود...الخ، ولكن استمرارها في مجال تسيير الحياة اليومية للفلسطينيين من النواحي الأمنية "التنسيق الأمني" والعلاقات المتعلقة بترتيب الحكم الذاتي. وأكد هذه الإدارة تعني إدارة الضفة يما بضمن أمن الاحتلال، إلى جانب حملها مسؤولية الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال اقتصاديا وإداريا. وهذا يعني أن ما تسوق له السلطة بنيتها فك الارتباط مع "إسرائيل"، غير ممكن، لأن ذلك يعني فك ارتباطها مع الحالة القائمة عليها في الضفة.

وتوقع مزيدا من خطوات الحسم خلال قائلاً: "في 2020 سنلاحظ تعميق لشكل العلاقة الجديدة بخطوات إٍسرائيلية لحسم أكبر على الأرض، إلى جانب حسم سياسي، وتكريس لدور السلطة على أنها مجرد هيئة حكم ذاتي إداري ثقافي اقتصادي، وليست ممثلة لشعب يسعى لتحرر وطني".