انفلونزا الخنازير.. عندما تقتفي أثر داعش
بلال العبوني
خلال العقد الماضي، كان الرعب يتملك العالم من انتشار الفايروسات المميتة، مثل انفلونزا الطيور والخنازير وجنون البقر، وغيرها.
فلم يكن فايروسا يصيب دولة حتى تهرع بقية الدول إلى حظر استيراد اللحوم منها وحظر السفر إليها، فإجراءات السلامة في المطارات كانت عالية تخوفا من أن يُنقل الفايروس عبر أحد المسافرين إلى الدول الأخرى.
الأخبار كانت تشير إلى أن كل من يُصاب بالفايروس مصيره قد يصل إلى الموت، بل إن الأخبار كانت تتحدث عن عدم قدرة العلماء إلى التوصل للقاحات مضادة؛ وأن ما قد يكون لقاحا علاجيا فإنه مرتفع التكلفة ولا تقوى عليه كثير من دول العالم.
اليوم، لم يعد الفايروس، وتحديدا الخنازير (H1N1) يثير الرعب، بل بات المختصون يقولون إنه موسمي كأي فايروس آخر، بل إن تصريحات وزارة الصحة لدينا عن ارتفاع عدد المصابين بالفايروس في المملكة تُعلن بارتياح ودون أدنى قلق يشغل بال المسؤولين.
والسؤال هنا، متى أصبح الفايروس غير مقلق؟ وكيف انتهى به المطاف إلى هذه النتيجة المُطمئِنة؟ بل لماذا كان المرض يثير الرعب سابقا إلى الدرجة التي تعلن فيها الدول الطوارئ عند الاشتباه بإصابة حالة واحدة بالفايروس؟.
في السابق، كان ثمة حديث متناثر عن أن الأمر خاضع لمؤامرات تقف وراءها شركات أدوية عالمية، استطاعت تطوير الفايروس لتحدث حالة من الرعب، تمكنها من طرح لقاح علاجي لبيعه في العالم بأسعار مرتفعة باعتبار أنه الخلاص من الموت المحتوم.
كان ثمة نفي متناثر حيال هذه التهم في ذلك الوقت، بل إن الأدق كان الكثيرون في العالم الثالث تحديدا، مضطرين للنفي باعتبار أنهم لا يملكون حيلة لمواجهته.
اليوم، الفايروس لم يعد يشكل رعبا، ما أعاد شبهات المؤامرة إلى حيث ابتدأت من أن شركات أدوية عالمية تقف وراءها.
هل يستمع أحد اليوم لأنباء تتحدث عن جنون البقر أو عن انفلونزا الطيور؟ بالتأكيد لا أحد يستمع إليها، وهو ما قد يدعم نظرية المؤامرة التي ستظل قائمة إلى أن يخرج علينا عالم بالخبر اليقين ويخبرنا عن حقيقة تلك الفايروسات وسيرة حياتها منذ بدأت مرعبة إلى حيث انتهت لتصبح موسمية لا تشكل خطرا على حياة الإنسان.
في الواقع، هذه الفايروسات حالها كحال الجماعات الإرهابية التي شهدنا إجرامها والتي لا يُعرف لها أصلا، مثل داعش التي يستحيل العثور اليوم على جحافل عناصرها بعد هزيمة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.
والسؤال كيف ظهرت داعش؟ وكيف انتهت؟ سيظل مفتوحا؛ ورغم ذاك سيظل جميعنا متيقنا أن تنظيما إرهابيا جديدا سيكون حاضرا في المشهد بمسمى جديد متى أراد الممول له أن يظهر ليشكل حالة رعب تفتك بالأبرياء.
لذا، فإن المستقبل سيحمل لنا لا محالة فايروسا مرعبا يشكل هلعا متى أراد الممول له ذلك أيضا، لنظل نحن في العالم الثالث على وجه التحديد المستهدفين بما نمتاز به من تخلف علمي وعدم اليقين الفكري، وضعف الإيمان بالحقائق الواضحة وضوح الشمس، واستسلامنا للخرافة والخزعبلات.