يعمق "جرح" الانقسام بين السلطة و"حماس"

الأنباط -

-وكالات

أثار الشروع في إنشاء مستشفى ميداني أمريكي، على أرض قطاع غزة، مؤخراً، جدلاً واسعاً في الساحة السياسية الفلسطينية حول دوافعه، ما بين رفض وتشكيك وتخوفاتٍ من جهة، وتبرير وتطميناتٍ من جهة أخرى.

في 27 تشرين ثاني الماضي، نشرت مؤسسة "صداقات" الأمريكية غير الحكومية، المُشرفة على إنشاء المستشفى الميداني صوراً ومقاطع من أعمال تأسيسه، شمالي قطاع غزة. وأثارت الصور تشكيكاً وتساؤلات شعبية وفصائلية، حول طبيعة عمل المستشفى والخدمات التي سيقدمها، وسط تخوفات من اختراقات أمنية، أو أثمان سياسية تُدفع مقابله، في ظل الحديث عن علاقات وطيدة تربط الجمعية الأمريكية بجهاتٍ إسرائيلية.

تقول الجمعية على موقعها، إنها تستعد للعمل بمركز صحي بغزة من شأنه أن يوفّر العلاج الطبي والمساعدات الإنسانية لسكان القطاع. وتضيف: "يتم وضع البنية التحتية في الوقت الذي ينسق فيه فريقنا المتقدم مع الطاقم الطبي".

صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، تقول إن المستشفى سيقدّم العلاج (لسكان غزة) الذي كان يتطلب الحصول عليه في الماضي السفر خارج القطاع، إما إلى مصر أو الضفة الغربية أو "إسرائيل".

بدورها، اعلنت حركة حماس أعلنت في 25 أيلول، أن "الموافقة على إنشاء المستشفى الدولي شمال القطاع جاءت لخدمة شعبنا، وليس لها أي أثمان سياسية أو أمنية".

ويقام المستشفى في موقع مجاور لمعبر بيت حانون أقصى شمال القطاع وعلى بعد 300 متراً منه، وهو مستشفى ميداني مُتنقل، قوامه من الخيام. وخلال الأسابيع الماضية، جرى إدخال أجزاء من معدات المستشفى وتجهيزاته على دفعاتٍ. كما وصل القطاع وفود فنية تتبع للجمعية للإشراف على إنشائه وتجهيزه.

وزارة الصحة الفلسطينية (رام الله)، أعلنت عن رفضها إقامة المستشفى وقالت وزيرة الصحة ميْ كيلة، "وجود المستشفى بغزة مشبوه، وله أهداف سياسية وليس علاجية". وتابعت: "إذا كانت أميركا تريد مساعدة سكان غزة عليها أن تدعم الأونروا وتدعم الخدمات الصحية، وليس قطع المال عنها". وأضافت "علامة استفهام حول هذا المستشفى الذي يتماشى مع صفقة القرن".

والاثنين، حذّر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، من تداعيات إقامة المستشفى الأمريكي، داعياً سكان غزة لعدم التعاطي معها. فيما دعا رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون إلى ضرورة التراجع عن إقامة المستشفى الأمريكي.

عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح” عزام الأحمد، ذهب الى ابعد من ذلك قائلا، إن "إقامة المستشفى يأتي ضمن المخطط الصهيو- أمريكي لعزل القطاع وإقامة دويلة فيه، وضمن مخطط الاحتلال لتوفير كل عوامل البقاء لسلطة الأمر الواقع بغزة".

ورداً على تصريحات السلطة و"فتح"، قالت "حماس" أن "المستشفى الدولي هو إحدى ثمار تفاهمات كسر الحصار التي تمت بين الفصائل والاحتلال بوساطة مصرية وأممية".معتبرة أن "السلطة تريد الإبقاء على حالة الحصار لإخضاع سكان غزة، وإخراج المقاومة من المشهد السياسي".

حركة الجهاد الإسلامي، قررت عدم إعطاء موقف واضح ويقول القيادي في الحركة، خضر حبيب: "حتى الآن لا يوجد معلومات واضحة، لذا قررنا عدم الحديث عن الموضوع لحين اتّضاح الأمور بشكل أكبر".موضحة ان الحركة ستكون ضد "كل ما يمثّل خطراً على الأمن والشعب في غزة". وحول ما أشيع عن اعتبار المستشفى قاعدة أمريكية، اعتبرت أن هذا يأتي في إطار "المناكفات السياسية بين فتح وحماس".

الجبهة الشعبية، نفت وجود علم مسبق لديها بإقامة المستشفى الميداني. وتؤكد القيادية فيها، مريم أبو دقة، أن الجبهة حذرت من وجود المستشفى ورفضته حينما ناقشت "حماسط مع الفصائل فكرة إقامته. وتفيد "توقيت إقامة المستشفى والذي يتزامن مع ما يتردد من صفقة القرن ومكان إقامته، أمران مثيران للشكوك والشبهات".وتعتبر وجوده بمثابة "المحطة الاستخباراتية لإسرائيل وواشنطن".

وحول التخوفات الأمنية من إقامة المستشفى، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم، أن "المستشفى شأنه كشأن سائر المؤسسات والمنشآت الموجودة داخل غزة، ويخضع للتأمين من قبل الأجهزة الأمنية لدينا".

وفي ظل الجدل الدائر حول إقامة المستشفى، يُنتظر إتمام تجهيزاته تمهيداً لبدء تشغيله، وهو ما يتكفل بالإجابة على الشكوك والتساؤلات.