أشواق حجي.. الحرب مازالت قائمة

بلال العبويني

أشواق حجي، هي فتاة عراقية من الطائفة اليزيدية، تعرضت في سن الرابعة عشرة من عمرها للسبي والاغتصاب على يد عناصر تنظيم داعش الإرهابي.

حالها في ذلك كحال الآلاف من النساء اللاتي أعادهن التنظيم الإرهاب إلى العصور البائدة عندما كانت "السبايا" تُغتصب وتُباع وتُشترى في أسواق النخاسة باسم الدين.

أشواق، قُدّر لها بعد خمسة أعوام من تعرضها للسبي والاغتصاب لقاء مغتصبها الشاذ الذي يقبع اليوم خلف قضبان السجون العراقية، فلم يكن لها من همّ إلا سؤاله "لماذا فعلت بي هكذا؟، لماذا قتلت أحلامي؟ ألم أكن في عمر بناتك وأخواتك وأبنائك؟.

الحوار الذي ظهر في مقطع فيديو انتشر على وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين كان مؤثرا حدّ الألم والبكاء، وهوالبكاء الذي لم ينقطع عند أشواق التي لم تستطع تحمل لقاء مغتصبها فسقطت مغشيا عليها.

قبل دخولها في حالة إغماء، طالبت أشواق مُغتصبها أن يرفع رأسه ويجيبها على أسئلتها، لكنه ظل ذليلا مُطأطئا رأسه دون أن يستطيع تحريك رقبته، فبدت أشواق شريفة عفيفة مرفوعة الرأس رغم ما لحق بها من ألم وأذى نفسي وجسدي، فيما ظل الشاذ الداعشي ذليلا وكأنه اغتصب في كرامته إن كان للكرامة مكانا عنده وعند من هم مثله.

تلك قصة أشواق ، وهي تختصر قصص معاناة عايشنها نساء كثر في العراق وسوريا على يد التنظيم الإرهابي.

غير أن المهم في إعادة طرح القصة اليوم، تكمن في الحاجة الدائمة لاستمرار الحديث عن الفكر الإرهابي التكفيري وممارسات أتباعه الشاذة والتي لا تستند إلى أي قيمة سماوية أو دنيوية.

هذا الفكر الذي مازال موجودا ويتحرك بين ظهرانينا، سواء أكان تحت عنوان داعش أو غيره من العناوين، فما داعش إلا وجها واحدا من وجوهه القبيحة التي لا يكاد أن يحترق واحدا حتى يظهر آخر ليعيث في الأرض فسادا وتكفيرا وإرهابا وشذوذا.

داعش، وإن انحسرت قدرته ونفوذه في سوريا والعراق وإن قُتل زعيمه البغدادي، إلا أن خطره ما زال حاضرا في الفكر التكفيري الذي يعشعش في عقول أتباع الفكر الإرهابي والذين يشكل الكثير منهم اليوم خلايا نائمة لا تلبث أن تخرج من جحورها إذا ما سنحت لها الفرصة لذلك.

المعركة مع داعش لا يجب أن تنتهي، لأن داعش مجرد تفصيل صغير في عنوان الإرهاب الأكبر، وهي المعركة التي يجب العمل دائما على خوضها بأدوات مختلفة ليست الأمنية والعسكرية الوحيدة أو الأهم فيها.

بل إن المعركة مع الفكر تحتاج إلى فكر مضاد يكون قادرا على تحصين الناشئة من أن تصلهم مثل تلك الأفكار الشاذة أو أن يصلهم أي من الشواذ ليغسل أدمغتهم بوعد بائس بالفوز بالجنة والمال والجواري وربما الغلمان أيضا.

هل قلنا الغلمان؟، نعم بالتأكيد فثمة الكثير من القصص التي وثقت تعرض أطفال للاغتصاب والسبي، ووثقت جرائم يقشعر لها الأبدان ولا تستقيم مع الفطرة البشرية التي فطر عليها الإنسان.

فالفكر الداعشي التكفيري شاذ عن الفكر الإسلامي السمح المعتدل الذي أعلى من قيمة وكرامة وإنسانية الإنسان.

بالتالي لا عجب بأن نصف فكر داعش التكفيري بالشاذ ولا عجب من أن يتبعه الشاذون والمنحرفون لإشباع رغباتهم الشاذة والمنحرفة باسم الدين، والدين منهم براء.