ظرف استثنائي.. هل تعي الحكومة والنواب؟
بلال العبويني
من دون شك، تمر البلاد بظروف استثنائية تكاد تكون غير مسبوقة ما يتطلب عملا جادا من كافة أركان الدولة وعلى الأخص التنفيدية والتشريعية.
في مقالة سابقة قلنا جرت العادة أن تكون الدورة الأخيرة من عمر مجلس النواب استعراضية من قبل بعض النواب الذين يخطبون فيها ودّ القواعد الانتخابية على أمل العودة مرة أخرى للفوز بمقعد نيابي.
مثل هؤلاء يتجردون من أدنى حس وطني، ولا يستحقون أن يكونوا ممثلين عن الشعب لأنهم لا يقدرون حساسية وخطورة اللحظة التاريخية التي نمر بها، ولا يعون معنى قول الملك في خطبة العرش أن الدورة العادية الرابعة والأخيرة لمجلس الأمة هي دورة استثنائية، بما تعانيه البلاد من ظرف استثنائي.
التحديات المتلاحقة، تفرض على القواعد الانتخابية أن تكون عند مستوى التحدي بعدم الإلتفات للمرشحين من أصحاب المصالح الشخصية الضيقة عبر نبذ إعادة انتخابهم وفقا للمعايير المختلة على أساس القرابة والصداقة والمصالح الصغيرة أو مدفوعة الثمن.
لأن وعي الناخب بذلك يجعله شريكا لإنتاج مجالس قادرة على المساهمة في إيجاد حلول عملية ومنطقية قابلة للتطبيق للخروج من أزماتنا المتلاحقة، وإلا فإنه سيكون شريكا في الخراب، إن جاز التعبير.
في المقابل، ثمة سؤال مطروح اليوم مفاده، هل الحكومة قادرة على إخراج البلاد مما تعانيه من أزمات؟.
مطلوب من الحكومة خلال الفترة المتبقية من عمرها، أن تكون جادة وقادرة على تنفيذ ما وجهه إليها الملك في خطبة العرش وقبلها، وما قطعته على نفسها من وعود بإطلاق حزم قابلة للتطبيق وليست مجرد أحلام يقظة يستحيل تطبيقها واقعيا.
قبل أيام أعلنت الحكومة عن حزمة إصلاحات وأنها ستطلق قريبا حزما أخرى، لكن السؤال هل سيكون بمقدورها الموءمة بين المحافظة على الإيرادات وزيادة النمو لخلق فرص عمل جديدة وتسهيل عملية الاستثمار وبين رفع رواتب العاملين في أجهزة الدولة المختلفة وتخفيض نسبة العبئ الضربي والرسوم الجمركية وما إلى ذلك من إجراءات؟.
في الواقع، ثمة شكوك حيال ذلك، وتحديدا بعد المفاجأة التي شكلها التعديل الوزاري الأخير والذي لم يحدث فرقا جوهريا على صعيد الفريق الاقتصادي الذي اتسم إنجازه بالضعف خلال الفترة الماضية، ما يعني أن الثقة بالحكومة سترواح مؤشراتها الحالية على الأقل إن لم تنحدر أكثر.
نعلم أن التحديات كبيرة ومتشابكة، غير أن ما هو متوقع من أداء لدى بعض النواب في الدورة الأخيرة من عمر المجلس، وما هو عليه حال الفريق الوزاري لا يبعث على الطمأنينة.
ثمة مؤشر وحيد يبعث على الأمل في التعديل الوزاري ويتمثل في حقيبة الإعلام التي تسلمها الخبير أمجد العضايلة الذي تتلمذ في مدرسة الديوان الملكي سنوات طوال وراكم عليها خبرات دبلوماسية.
وهو ما يجعله، رغم قصر مدة توليه الحقيبة باعتبار أن الحكومة سترحل بعد ستة أشهر مع مجلس النواب، ما لم يتم تمديد عمرها، ما يجعله قادرا على تجويد الأداء الإعلامي الرسمي وحسن التواصل مع الإعلام بشكل عام عبر نقل الموقف الحكومي بشفافية ووضوح يساعد فيه الحكومة على العمل بهدوء إن كانت جادة وقادرة على الإنجاز.
نقول ذلك ونحن على يقين بصعوبة المهمة انطلاقا من ضغط الوقت المتبقي وانطلاقا من عظم ما نعانيه من أزمات متشعبة وما تعانيه الحكومة من انحدار في مستوى الرضى نتيجة ضعف الإنجاز الملموس من قبل الناس.