بهدوء

عمر كلاب

 يمكن القول بأن الدكتور عمر الرزاز استكمل تشكيل حكومته التي مارست اعمالها منذ منتصف حزيران الماضي بالتعديل الاخير الذي حمل ذائقة الرئيس بكل تفاصيله , رغم خروج اثنين من المحسوبين على الرزاز مباشرة واعني جمانة غنيمات ومحمد ابو رمان , فالوزيرة القادمة من رحم المهنة دفعت ثمن انحيازها الى مفهوم الفريق , رغم ارتداد هذا المفهوم سلبا عليها من حيث المقارنة بين سلوك غنيمات الصحفية واداء غنيمات الوزيرة وطبعا الفروقات كبيرة وكثيرة لكن غنيمات حافظت على التزامها بالفريق واحتملت الثمن .

على العكس من جمانة غنيمات المنضبطة باداء الفريق , كان محمد ابو رمان يغرد منفردا , رغم الكثير من النصائح بالالتزام بالفريق , الا ان الوزير القادم من الحاضنة الاسلاموية الممزوجة بكثير من الليبرالية والعلاقات المتشعبة مع مراكز الدراسات والسفارات حاول التأسيس لنفسه اكثر من التأسيس لعمله الحكومي , فباتت كلفته على الحكومة وعلى الرزاز نفسه عالية جدا , فتم التخلص منه لصالح اسماء اكثر انضباطا واكثر وعيا بالمشاريع السياسية المطلوبة لملفي الثقافة والشباب , فالوزير الجديد للثقافة مثقف عضوي والخشية ان تطغى اكاديميته الصارمة على منهج الوزراة وسلوكها الذي يحتاج الى المرونة , لكنه وزير صلب ولا يخضع للاشتراطات او الشروط غير الثقافية .

وزير الشباب الجديد خدمته الجغرافيا السياسية اكثر من كفاءته الحكومية , فهو ينتمي الى بقعة عزيزة عانت كثيرا من التهميش وبات غضبها اكثر من عتبها , وكان لزاما ان يتم الالتفات الى قاطع بني حميدة الذي شكّل مؤخرا صداعا مزمنا في رأس السلطة والدكتور مشتبك مع منطقته بحكم الدراسات والاستطلاعات وبحكم وجود عمل ريادي لاشقائه , واذا ما اعتبرته حاضنته الجغرافية ممثلا لها فإن نتائج توزيره ستكون ايجابية وإن كان وجوده في وزارة السياة اكثر انتاجية وقبولا على المستوى الذهني من وجوده في وزارة الشباب .

خروج جمانة المصحوب بالظلم لها , لن يكون مؤذيا لواقع الاعلام الرسمي والخاص بحكم ان القادم الى الموقع يمتلك الكثير من الخبرة والتجربة الناجحة في ادارة ملف الاعلام ابان كان مستشارا ومسؤولا عن الملف الاعلامي في المقر السامي , فالوزير والسفير امجد العضايلة من محترفي العمل الاعلامي ومن القادرين بكفاءة على الاضافة للموقع , فهو العابر لمهام الموقع من بوابة الديوان العامر ويستند الى تجربة في العمل الرسمي , على عكس جمانة القادمة من رحم الاشتباك الصحفي الخالي من اي تجربة في العمل الرسمي ولربما يكون هذا البّعد هو الذي اوقعها في الافخاخ الكثيرة التي تم نصبها لها .

لا توجد خشية على العضايلة ولا توجد ريبة منه , فهو يعرف دهاليز العمل الاعلامي ويعرف اكثر حجم التشابكات والتداخلات بين مؤسسات صنع القرار ويمكنه رغم غيابه النسبي اعادة التوازن بين مثلث العمل الاعلامي المحكوم بالامني والسياسي والديوان , فالظروف لم تتغير كثيرا وإن غاب في الآونة الاخيرة مفهوم اعلام الدولة لصالح اعلام اللحظة , ليس لخلل في الفهم عند جمانة غنيمات ولكن بحكم تورط الحالة الصحفية وتحديدا الورقية بقيادات لا تعرف لعبة الاعلام وتفاصيلها ولا تدرك ضرورة التوازن بين مثلث العمل الاعلامي وبين المواطن اولا , ولانها تسعى الى تأهيل نفسها اكثر من سعيها لاعادة تأهيل الصحافة الورقية المطعونة من الحكومات ومن منافسة الاعلام الجديد .

واقع التعديل الحكومي في مثلث الثقافة والشباب والاعلام ناجح حتى اللحظة , بانتظار ما سيقوم به الوزراء الجدد على المواقع الحكومية وليس على الواقع العملي لوزاراتهم , لكنه مثلث قادر على النجاح وعلى احداث الفرق .

omarkallab@yahoo.com