انسحاب ثم عودة... سر التخبط الأمريكي في سورية

الانباط - وكالات

"تخبط وتضارب أمريكي في التوجهات السياسية الخارجية".. هكذا وصف مراقبون القرار الأخير الذي وافق عليه الرئيس دونالد ترامب، بشأن توسيع المهمة العسكرية الأمريكية "لحماية حقول النفط شرقي سوريا".

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية زعمت عن خططها الرامية إلى تعزيز وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا، لـ"منع إرهابيي تنظيم "داعش" من الوصول إلى حقول النفط".

يأتي القرار بعد إعلان ترامب انسحاب قوات بلاده من الشمال السوري، وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر قال سابقا إنه من المتوقع انتقال كل القوات التي تنسحب من شمال سوريا، وعددها نحو ألف جندي إلى غربي العراق.

الإجراءات الأمريكية الأخيرة، أثارت عدة تساؤلات هامة مفادها: "ما سر التخبط الأمريكي في سوريا، ولماذا تريد العودة عسكريًا مرة أخرى؟".

ووافق ترامب الأربعاء على توسيع المهمة العسكرية الأمريكية لـ"حماية حقول النفط في شرق سوريا"، وقالت مصادر، "إن مثل هذه الخطوة من جانب الزعيم الأمريكي تثير "أسئلة قانونية صعبة" حول ما إذا كان الجيش الأمريكي سيكون بوسعه ضرب القوات السورية أو الروسية أو غيرها في حالة وجود تهديد لحقول النفط؟".

وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر،أعلن أن القوات الأمريكية ستقوم بـ"حماية" الحقول النفطية شرقي سوريا، و"سترد بحزم" على أي محاولات لسيطرة الجهات الأخرى عليها.

وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن حوالي 900 من عسكريي الولايات المتحدة قد يظلون موجودين في سوريا. وتسيطر القوات الأمريكية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا،

وقال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي والعضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، إن "التأرجح الأمريكي حول قرار الانسحاب من سوريا من عدمه يطرح إشكالية كبيرة فيما يتعلق بصناعة قرار السياسة الخارجية في الولايات المتحدة".

وأضاف أن "صراع ترامب وما أطلق عليه هو الدولة العميقة يشير إلى تضارب في التوجهات تجاه السياسة الخارجية، وهو ما ظهر واضحًا فيما يتعلق بالملف السوري". وتابع: "ليست المرة الأولى، بل الثالثة أو الرابعة التي يتحدث فيها ترامب عن الانسحاب الكامل، ويفشل في تحقيق مبتغاه".

ومضى قائلًا: "بات ما يطلق عليه trumpism أوtrump doctrine واضحًا، حيث رغبته في سحب أي تواجد أو انخراط عسكري في مناطق الأزمات والاستعاضة عنه بالضغط الاقتصادي، ولكن قوى الدولة العميقة، متمثلة بتحالف قوى مؤيدة "لإسرائيل"، وذات منظور كلاسيكي للتنافس الاستراتيجي الدولي، وأصحاب مبدأ الدبلوماسية عبر الحرب، يريدون جميعهم استمرار الوجود العسكري الأمريكي في سوريا".

واستطرد: "تارةً تحت ذريعة عدم تمكين الروس والإيرانيين من ملء الفراغ، وأخرى لمنع الدولة السورية من الوصول إلى مقدراتها، وتخصيصها لقوات سوريا الديمقراطية لإحياء مشروعها الانعزالي/ التقسيمي الذي شهد انتكاسةً بعد إخلاء الأمريكيين لمواقعهم. واوضح: "هذا يعني عمليًا أننا أمام إدارة مارقة هي إدارة ترامب توجد على رأس دولة مارقة هي الولايات المتحدة".

بدوره، قال المحلل السياسي غسان يوسف إن "إبقاء الولايات المتحدة لقوات لها في حقول النفط السورية، يؤكد أنها لم تكن يوما تريد مساعدة الشعب السوري، وكل ما تريده هو السيطرة على النفط السوري".

وأضاف "عندما يقول ترامب إنه يحب النفط وقمت بتأمينه، ولندع الأتراك والأكراد يتقاتلون مع بعضهم البعض، ولندع كل من يتواجد على الأرض السورية يتقاتلون، ونحن نأخذ النفط، وهذا يكفي، في حقيقة الأمر فترامب تحدث بشفافية عن نهب الشعوب".

وتابع: "هذه خطط كل رؤساء الولايات المتحدة، وكل ذلك تحت شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن كلام ترامب سيزيد من لحمة الشعب السوري، وخاصة بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية للتصدي لمن يريد نهب ثروات البلاد".

وقال الدكتور صبحي غندور مدير مركز الحوار العربي الأمريكي، إن "البنتاغون يعارض الانسحاب الأمريكي من سوريا، وما كان يحدث كان قرار من ترامب، وليس قرار الحكومة الأمريكية".

وأكد أن "المعارضة لقرارات ترامب داخل الولايات المتحدة ستجبره على عدم تنفيذ قراراه بسحب القوات الأمريكية".

وأشار إلى أن "الأمور لن تسير كما يشتهي ترامب على مستوى كامل داخل سوريا، سيكون هناك ضوابط أمريكية، وستتدخل واشنطن من جديد لوقف العملية، وربما يؤثر ذلك على المصير السياسي لترامب نفسه".