نحو عقد اجتماعي جديد
كان عجز احزاب المعارضة قبل الوسطية او احزاب الموافقة على قراءة اللحظة الشعبية والبناء الجديد للانسان الاردني الذي نما بعيدا عن ملاحظة الاحزاب وعين طبقة السلطة الحاكمة سببا في استفحال حالة التهميش والتوهان التي تعانيهما الحالة الوطنية , بعد ان زاغت العيون عن النهب الذي تعرض له الشعب من الطبقة الحاكمة ، فكان الاحساس العميق بالعدالة الغائبة هو ابرز مفاعيل الدعم الذي جرى التعبير عنه بالتأييد العارم لشعار " نجوع معا او نشبع معا " الذي اطلقته نقابة المعلمين في اضرابها الاخير .
بوصفه شعا ر جامع وجد صداه .
نقابة المعلمين وخطابها في استنهاض العدالة الغائبة ، جعل منها معبرا عن قطاعات شعبية واسعة ، دعمتها وراهنت على نجاحها في الصمود وتحقيق جزء من العدالة المنشودة على امل التقاط نقابات اخرى وتكوينات نقابية ثانية هذا النجاح والبناء عليه في تحقيق مطالب مشروعة قادمة ، ربما جرى هذا كله بوازع غرائزي ناجم عن الاحساس الكبير بالظلم والتهميش وليس بالضرورة بفعل الاحزاب والساسة حتى الذين دعموا النقابة وساروا خلفها ، فالنقابة والمعلم كانا يعبران فعلا عن مصالح قطاعات شعبية واسعة سواء بالقضية المطلبية برفع الرواتب لمواجهة الفقر والتراجع المعاشي الهائل او في مطلب التساوي في الغنم والغرم ، بعد ان استفردت طبقة الحكم بالغنم عبر علاقة زبائنية ارهقت الشارع الشعبي معتدية على امانيه واماله .
هل ما سبق يشير الى اصطفاف طبقي وتحالفات اجتماعية ومهنية جديدة في المعادلة السياسية ، بدل المعادلات السابقة التي كانت في اغلبها تستند الى معادلات اقليمية او عشائرية او مناطقية وطبعا زبائنية ، ربما يكون الجواب القطعي عجولا ، لكن كل الاشارات تقود الى ذلك بعد ان كشفت السلطة بقسوة وفجاجة عن تعديل العلاقة من طرف واحد ولصالح طرف واحد ، هو السلطة وزبائنها ، فالتحول نحو دولة الانتاج بدل دولة الريع كما قالت حكومة النهضة يستلزم عقد اجتماعي جديد قائم على توزيع الاعباء بعدالة ضمن مفهوم الامن الاجتماعي والتكافل وليس الإتكاء على طرف وبقاء طرف ينعم بالرفاه ، فدولة الانتاج تحمي الامان والضمان وليس الرفاه كما هو الحاصل الآن في سلوك السلطة وزبائنها .
الدولة كائن حيّ ، يتعلم من تجاربه ويراكم عليها ولا يقطع مع الماضي بل يتقاطع معه ، وللتذكير فإن الدولة وعند انتقالها من مرحلة الاحكام العرفية الى مرحلة الانفراج السياسي لجأت الى اعادة انتاج عقد اجتماعي جديد حمل اسم الميثاق الوطني ، وهذا كان عبقرية من الدولة ورأسها في ذلك الوقت ، فكيف يمكن لعاقل ان يبدأ انتقالا هائلا من الريع - رغم تحفظي على المصطلح - الى الانتاج دون عقد اجتماعي جديد يكون كاشفا للرغبات الحقيقية للتعديلات الدستورية سنوات ٢٠١١- ٢٠١٤ ، وضامنا بالتشارك للوصول الى حكومة برلمانية بحيث تتغير قواعد الاشتباك بين الدولة والمواطن على اساس انه دافع ضرائب وشريك حقيقي في القرار .
الدولة هي ما تفعله ، وهذا ابسط تعريف للدولة ولوظائفها الخمس الاساسية ، واذا ارادت الدولة ولا اقول السلطة ان تتفاعل مع الجديد الوطني الذي ينمو بغرائزية وبرية ، والنبات البري هو الاذكى رائحة والاشهى طعما ، عليها ان تسارع الى الميثاق الجديد فقد كشف المجتمع عن تعلبيراته الحقيقية ولم يتبق مجال للتباطؤ او التثاقل ولا نملك رفاه الوقت ، فما كشفته احداث الشهر المنصرم تحتاج الى وقفات ووقفات .
omarkallab@yahoo.com