بعد 8 سنوات.. شعار "الربيع العربي" يعود لساحات لبنان والعراق والجزائر

الأنباط -

- وكالات

بعد 8 سنوات، عاد النداء الذي تعالى عام 2011 وتردد في شوارع القاهرة وتونس وغيرها من العواصم العربية، وخرج عبر حناجر ملايين المحبطين، "الشعب يريد إسقاط النظام". عاد هذه المرة في الخرطوم وبيروت وبغداد والجزائر التي شهدت وتشهد بعضها موجات احتجاجات مكثفة، تماما كما كان عليه الحال قبل سنوات.

ويقول توماس كليس، من مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، "ربما نستطيع القول إن هناك موجة ثانية من الاحتجاجات".

ويرى أن المواطنين أصبحوا لا يركزون على مطالب خاصة بالحرية والكرامة، بل على مشاكل ذات بعد اجتماعي اقتصادي، يركزون على ارتفاع الأسعار وعدم توفر الوظائف وفساد النخبة، "حيث أصبحت أنظمة الصحة والتعليم في الحضيض".ويقول إن الدولة لم تعد تقوم بواجباتها المتعلقة برعاية مصالح الشعب، "وأصبحت تعني بالنسبة للكثيرين في العالم العربي بمثابة جهاز أمني"، مضيفاً: "ولكن الناس يريدون أكثر من مجرد الأمن".

ونشر صندوق النقد الدولي أواخر أيلول الماضي كشف حساب وخيما للوضع في العالم العربي. وقال الصندوق في تقريره إن النموذج الاقتصادي لمعظم الدول في المنطقة العربية موجه للداخل فقط ويؤدي لبطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، الذين يمثلون نسبة كبيرة من السكان هناك.

يقول كاليس إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كانت تعاني قبل 2010 من أحد أعلى معدلات البطالة، حيث كان أكثر من ربع الشباب بلا وظيفة. يضاف إلى ذلك استشراء الفساد.

ويتفق محللون على أن المشاكل التي تعاني منها المنطقة اليوم هي نفسها التي كانت تعاني منها قبل سنوات، كما أن الكثير من الدول تعاني من الديون السيادية، إضافة إلى القيود الصارمة التي يشترطها صندوق النقد الدولي أو الاتحاد الأوروبي، والتي تزيد من تأجيج المشاكل.

يقول كاليس إن الدول التي شهدت مؤخراً أو ما زالت تشهد احتجاجات ظلت هادئة نسبيا عام 2011، وتعوض ما فاتها الآن.

ففي السودان، بدأت موجة الاحتجاجات باحتجاجات عارمة، عندما تدفق الآلاف إلى الشوارع بدءاً من كانون أول 2018، محتجين على ارتفاع أسعار البنزين والخبز. وسرعان ما أصبحت المظاهرات ضد الرئيس عمر البشير، والذي ظل في الحكم لنحو 30 عاما. ثم أُسقط البشير في نيسان الماضي على أيدي الجيش.

وفي أعقاب مذبحة ارتكبت بحق المتظاهرين اتفق الجيش مع المعارضة المدنية على تشكيل حكومة انتقالية مشتركة. ويسود الآن تفاؤل حذر في السودان.

اما في الجزائر، ففي شباط الماضي احتج مئات الآلاف عندما أعلن الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة، الطاعن في السن، عزمه الترشح لولاية خامسة. وفي أعقاب موجات احتجاج تخلى الجيش عن بوتفليقة، واستقال عن عمر ناهز 82 عاما.

ورغم إلقاء القبض على العديد من وزراء بوتفليقة القدامى وداعميه استمر المواطنون في التظاهر، مطالبين بانتخابات حقيقية وحرة وعدم استمرار كواليس الحكم السابقة في الخلفية. وتؤكد السلطة القائمة أنه سيتم إجراء انتخابات رئاسية في 12 كانون أول القادم، رغم المعارضة الشعبية. وأعلن عن قبول ملفات خمسة مترشحين لتلك الانتخابات.

وبالنسبة الى لبنان، كان الإعلان عن رسوم جديدة للاتصالات التي تتم باستخدام "واتس آب"، وخدمات أخرى، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أدى ذلك إلى مظاهرات عارمة تسببت في إغلاق طرق رئيسية، وأقام المحتجون خياماً تسببت في شل الحركة داخل العاصمة بيروت. ويعاني لبنان من إحدى أعلى معدلات الاستدانة على مستوى العالم. وواجه عملاء البنوك مشاكل عند ماكينات الصرف الآلي، وعانى السكان من انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه يومي.

وحاولت النخبة السياسية السيطرة على الاحتجاجات بإعلان الحكومة تبني حزمة إجراءات اقتصادية، إلا أنها لم تحظ بقبول الشارع الذي يصر على التخلص من النخبة السياسية برمتها. وقدم رئيس الحكومة سعد الحريري، استقالته. ولكن لا يزال من غير الواضح كيف ستسير الأمور.

وفي العراق، تصاعد العنف إلى أقصى درجة، وقتل نحو 260 متظاهرا منذ مطلع تشرين أول، وأصيب الالاف. ويحتج الناس على الفساد وسوء إدارة موارد البلاد الغنية بالنفط. ويحتجون، وخاصة في المناطق الجنوبية، ليس فقط للمطالبة بمزيد من الوظائف، بل ضد انقطاع التيار الكهربائي وتردي جودة المياه.

ورغم أن بوادر حلحلةٍ للأزمة ظهرت بإعلان الكتلتين النيابيتين الأبرز استعدادهما للتعاون لتحقيق مصالح الشعب، وهو ما فُهم منه أنهما متفقان على سحب الثقة عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإن هذا لم يتحقق. وأعلن الرئيس برهم صالح لاحقا أن عبد المهدي أبدى موافقته على تقديم استقالته وسيوافق على إجراء انتخابات مبكرة واعتماد قانون انتخابات جديد. ورغم كل هذا، لا تزال الأمور تراوح مكانها.