ناشطة في "خالدية المفرق" تكرّس حياتها للفقراء
الأنباط - تكرّس الناشطة هويدا علي بدران منذ عقدين، حالة استثنائية في العمل
الانساني في منطقة الخالدية بالمفرق، حيث قادت حملات لبناء منازل للفقراء
وترميم عدد منها، في منطقة تقول الاحصائيات الرسمية ان نسبة الفقر فيها
تتجاوز 19 بالمائة.
اخذت "هويدا" على نفسها عهدا بأن ترسم البسمة على وجوه الفقراء والمحتاجين من سكان منطقتها، وأن تساهم في إعداد شباب يؤمنون بخدمة المجتمع ويعينون المحتاجين الذين كانوا يوما ما مكانهم، انطلاقا من إيمانها بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية، وعلى قدر وعيه واستعداده للمشاركة الاجتماعية، سيكون أساسا في تنمية المجتمعات، بحسب تعبيرها.
وعن مبادرة بناء المنازل: تقول هويدا "إن حاجة الناس للشعور بالأمان كانت سببا في الإقدام على هذا المشروع"، موضحة أن المأوى الذي يلجأ إليه الناس هو بذرة الشعور بالاطمئنان "ولن تتخيلوا حجم السعادة التي غمرت من بُنِيَ له غرفتان، بعد ان عاش عمرا في خيمة، وكيف فاقت سعادته من يمتلك قصرا".
أم محمود إحدى المستفيدات من مبادرة بناء وترميم المنازل في منطقة الخالدية، تقول لـ (بترا): "قضيت عشرين عاما أسكن في خيمة انا وزوجي وأولادي نعاني قسوة برد الشتاء، ومياه الأمطار التي كانت تدهمها محولة أرضها إلى طين، ولكم أن تتخيلوا حجم معاناتنا من حرارة الصيف الشديدة، وخوفنا على أطفالنا من لدغات الأفاعي وعقارب الصحراء، فلا شيء أصعب من الشعور بعدم الأمان إلى أن مَنّ الله علينا بمنزل كان أشبه بالمستحيل طالما انتظرناه لولا أن السيدة هويدا ساعدتنا في بنائه بتبرع من أهل الخير".
عامل النظافة علي وجد نفسه بين ليلة وضحاها في خيمة بعدما كشفت إحدى لجان البلدية في منطقة الخالدية على بيته الآيل للسقوط في أي لحظة، يقول، "اسودت الدنيا بوجهي بعدما تم إخراجي من بيتي"، متسائلا أين أذهب بأطفالي؟ ليرد علي أحد الموظفين "دبر حالك.. وبقيت فعلا بالشارع إلى أن ساعدني أحد الاصدقاء بإحضار خيمة لي، وعشت فيها وعائلتي فترة من الزمن، إلى أن التقيت بالسيدة هويدا، التي استأجرت لي منزلا، دون مطالبتي بالإيجار لأنني لا أقدر على دفعه، ومكثت فيه مع زوجتي وأولادي الى أن أدخلت الفرحة على قلوبنا بمنزل آخر كانت بدأت وبمساعدة الخيرين من أهل بلدنا ببنائه، وكانت تتابع أعمال البناء أولا بأول، وتذهب بنفسها لتختار المواد الأولية من تمديدات وبلاط".
هويدا أكملت دراستها الجامعية وهي بصدد مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الدراسات الاجتماعية، "فليس هناك أجمل من جني العلم وتعليمه"، كما تقول، مؤكدة أن الصعوبات التي واجهتها، لم تثنها عن الاستمرار بالعمل التطوعي، وقامت بعقد عدة برامج توعوية، لأنها كانت تسعى لرفع الروح المعنوية لمن حولها، كان آخرها برنامج المقبلين على الزواج، وبهذا الإيمان واصلت هويدا مسيرة تعليم الناس وقضاء حاجات المحتاجين بالتحفيز على عمل الخير، "فالمجتمع الأردني مجتمع خيّر، فإذا غرست به هذه المعلومات فإنه يُقدم ولا يتوانى"، بحسبها.
وتضيف، "كفالة الأيتام كانت إحدى مبادراتي، من خلال تقديم المعونات والطرود للأسر المحتاجة، بجهد فردي، انطلاقا من مبدأ خدمة المجتمع والبحث عن مكامن الخير لدى الناس، فانا أطوف بنفسي على البيوت وأتأكد من مدى صدق الحالة والحاجة للمعونات، دخلها ونفقاتها، وأقيّم مدى حاجة الأسرة، وما إذا كانت بحاجة لمعونات أسبوعية أو شهرية، بوما إذا كانت بحاجة لأدوية وعلاجات".
ولفتت إلى أنها كانت تزرع فيمن حولها أن عمل الخير ومساعدة الفقراء سهل وليس أمرا معقدا، فإذا كان لديك أربعة أبناء، فما المانع من اعتبارهم خمسة، بكفالة فقير أو يتيم، لإدخال الفرح والسرور عليه من خلال المساهمة بكسوة العيد أو إفطار برمضان أو كسوة المدارس.
رئيس لجنة زكاة الخالدية خالد الصبيحات قال إن العمل التطوعي ساهم بإنعاش المنطقة، وله بصمات واضحة في مساعدة الناس، خصوصا وأن هذه المنطقة تعد من جيوب الفقر، ويبلغ عدد سكانها نحو سبعين ألفا مع اللاجئين السوريين، ومنهم من هم بحاجة للخيرين ممن يؤمنون بأن السعادة تكمن في خدمة المجتمع .
وبحسب دائرة الاحصاءات العامة فإن نسبة الفقر في محافظة المفرق وصلت الى 2ر19 بالمئة بحسب بيانات عام 2010 ، فيما بلغ عدد سكان المحافظة نحو 600 الف نسمة حتى نهاية عام 2018.
أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأردنية الدكتورة رانيا جبر تقول، إن للمرأة الأردنية دورا فاعلا في العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، منذ امتداد الدولة الأردنية، إذ ساهمت وشاركت في تأسيس الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى في التنمية والتعليم وواقع النهوض بالمرأة ورفعة المجتمعات.
وأضافت، إن المرأة الأردنية تحديدا كان لها دور في تأسيس الجمعيات الخيرية، منبثقا من محبتها ورغبتها في العمل التطوعي، من خلال عدة أدوار، كتقديم مساهمات ومساعدات وإعانات للضعفاء والمعاقين والمحتاجين، أو تفعيل الدور التنموي الذي تركز فيه على زيادة الوعي والثقافة وبعض القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية، إضافة الى المشاركة في المشاريع والبرامج التنموية التي ترتبط بالصحة والتعليم والمشاريع الانتاجية، التي تعود بالنفع والفائدة على المرأة نفسها وعلى المجتمع.
ولفتت جبر إلى أنها من خلال خبرتها الشخصية في العمل التطوعي لمدة تزيد على 22 عاما، وجدت ان النساء أكثر فاعلية وتمسكا بالعمل التطوعي والتزامنا به، لأنها تعتبره رسالة تؤمن بها، مشيرة إلى أن ذلك ينعكس على الجانب النفسي للمرأة، ويطور من ذاتها واحترامها لشخصيتها، ويمكنها اجتماعيا.
وأكدت أن المرأة المتطوعة تصبح نموذجا للنساء القياديات بالمجتمع بنجاحها والأثر الذي تتركه، لافتة الى أن المرأة الأردنية المشاركة بالأعمال التطوعية، قامت بسد ثغرة في هذا المجال.
--(بترا)
اخذت "هويدا" على نفسها عهدا بأن ترسم البسمة على وجوه الفقراء والمحتاجين من سكان منطقتها، وأن تساهم في إعداد شباب يؤمنون بخدمة المجتمع ويعينون المحتاجين الذين كانوا يوما ما مكانهم، انطلاقا من إيمانها بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية، وعلى قدر وعيه واستعداده للمشاركة الاجتماعية، سيكون أساسا في تنمية المجتمعات، بحسب تعبيرها.
وعن مبادرة بناء المنازل: تقول هويدا "إن حاجة الناس للشعور بالأمان كانت سببا في الإقدام على هذا المشروع"، موضحة أن المأوى الذي يلجأ إليه الناس هو بذرة الشعور بالاطمئنان "ولن تتخيلوا حجم السعادة التي غمرت من بُنِيَ له غرفتان، بعد ان عاش عمرا في خيمة، وكيف فاقت سعادته من يمتلك قصرا".
أم محمود إحدى المستفيدات من مبادرة بناء وترميم المنازل في منطقة الخالدية، تقول لـ (بترا): "قضيت عشرين عاما أسكن في خيمة انا وزوجي وأولادي نعاني قسوة برد الشتاء، ومياه الأمطار التي كانت تدهمها محولة أرضها إلى طين، ولكم أن تتخيلوا حجم معاناتنا من حرارة الصيف الشديدة، وخوفنا على أطفالنا من لدغات الأفاعي وعقارب الصحراء، فلا شيء أصعب من الشعور بعدم الأمان إلى أن مَنّ الله علينا بمنزل كان أشبه بالمستحيل طالما انتظرناه لولا أن السيدة هويدا ساعدتنا في بنائه بتبرع من أهل الخير".
عامل النظافة علي وجد نفسه بين ليلة وضحاها في خيمة بعدما كشفت إحدى لجان البلدية في منطقة الخالدية على بيته الآيل للسقوط في أي لحظة، يقول، "اسودت الدنيا بوجهي بعدما تم إخراجي من بيتي"، متسائلا أين أذهب بأطفالي؟ ليرد علي أحد الموظفين "دبر حالك.. وبقيت فعلا بالشارع إلى أن ساعدني أحد الاصدقاء بإحضار خيمة لي، وعشت فيها وعائلتي فترة من الزمن، إلى أن التقيت بالسيدة هويدا، التي استأجرت لي منزلا، دون مطالبتي بالإيجار لأنني لا أقدر على دفعه، ومكثت فيه مع زوجتي وأولادي الى أن أدخلت الفرحة على قلوبنا بمنزل آخر كانت بدأت وبمساعدة الخيرين من أهل بلدنا ببنائه، وكانت تتابع أعمال البناء أولا بأول، وتذهب بنفسها لتختار المواد الأولية من تمديدات وبلاط".
هويدا أكملت دراستها الجامعية وهي بصدد مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الدراسات الاجتماعية، "فليس هناك أجمل من جني العلم وتعليمه"، كما تقول، مؤكدة أن الصعوبات التي واجهتها، لم تثنها عن الاستمرار بالعمل التطوعي، وقامت بعقد عدة برامج توعوية، لأنها كانت تسعى لرفع الروح المعنوية لمن حولها، كان آخرها برنامج المقبلين على الزواج، وبهذا الإيمان واصلت هويدا مسيرة تعليم الناس وقضاء حاجات المحتاجين بالتحفيز على عمل الخير، "فالمجتمع الأردني مجتمع خيّر، فإذا غرست به هذه المعلومات فإنه يُقدم ولا يتوانى"، بحسبها.
وتضيف، "كفالة الأيتام كانت إحدى مبادراتي، من خلال تقديم المعونات والطرود للأسر المحتاجة، بجهد فردي، انطلاقا من مبدأ خدمة المجتمع والبحث عن مكامن الخير لدى الناس، فانا أطوف بنفسي على البيوت وأتأكد من مدى صدق الحالة والحاجة للمعونات، دخلها ونفقاتها، وأقيّم مدى حاجة الأسرة، وما إذا كانت بحاجة لمعونات أسبوعية أو شهرية، بوما إذا كانت بحاجة لأدوية وعلاجات".
ولفتت إلى أنها كانت تزرع فيمن حولها أن عمل الخير ومساعدة الفقراء سهل وليس أمرا معقدا، فإذا كان لديك أربعة أبناء، فما المانع من اعتبارهم خمسة، بكفالة فقير أو يتيم، لإدخال الفرح والسرور عليه من خلال المساهمة بكسوة العيد أو إفطار برمضان أو كسوة المدارس.
رئيس لجنة زكاة الخالدية خالد الصبيحات قال إن العمل التطوعي ساهم بإنعاش المنطقة، وله بصمات واضحة في مساعدة الناس، خصوصا وأن هذه المنطقة تعد من جيوب الفقر، ويبلغ عدد سكانها نحو سبعين ألفا مع اللاجئين السوريين، ومنهم من هم بحاجة للخيرين ممن يؤمنون بأن السعادة تكمن في خدمة المجتمع .
وبحسب دائرة الاحصاءات العامة فإن نسبة الفقر في محافظة المفرق وصلت الى 2ر19 بالمئة بحسب بيانات عام 2010 ، فيما بلغ عدد سكان المحافظة نحو 600 الف نسمة حتى نهاية عام 2018.
أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأردنية الدكتورة رانيا جبر تقول، إن للمرأة الأردنية دورا فاعلا في العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، منذ امتداد الدولة الأردنية، إذ ساهمت وشاركت في تأسيس الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى في التنمية والتعليم وواقع النهوض بالمرأة ورفعة المجتمعات.
وأضافت، إن المرأة الأردنية تحديدا كان لها دور في تأسيس الجمعيات الخيرية، منبثقا من محبتها ورغبتها في العمل التطوعي، من خلال عدة أدوار، كتقديم مساهمات ومساعدات وإعانات للضعفاء والمعاقين والمحتاجين، أو تفعيل الدور التنموي الذي تركز فيه على زيادة الوعي والثقافة وبعض القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية، إضافة الى المشاركة في المشاريع والبرامج التنموية التي ترتبط بالصحة والتعليم والمشاريع الانتاجية، التي تعود بالنفع والفائدة على المرأة نفسها وعلى المجتمع.
ولفتت جبر إلى أنها من خلال خبرتها الشخصية في العمل التطوعي لمدة تزيد على 22 عاما، وجدت ان النساء أكثر فاعلية وتمسكا بالعمل التطوعي والتزامنا به، لأنها تعتبره رسالة تؤمن بها، مشيرة إلى أن ذلك ينعكس على الجانب النفسي للمرأة، ويطور من ذاتها واحترامها لشخصيتها، ويمكنها اجتماعيا.
وأكدت أن المرأة المتطوعة تصبح نموذجا للنساء القياديات بالمجتمع بنجاحها والأثر الذي تتركه، لافتة الى أن المرأة الأردنية المشاركة بالأعمال التطوعية، قامت بسد ثغرة في هذا المجال.
--(بترا)