تصوير التنمر ونشره.. شراكة في الاعتداء والعقوبة

الأنباط -هبة العسعس - رغم منع قانون وزارة التربية والتعليم لحمل الهواتف النقالة داخل المدارس، إلا أن تفلتا واضحا من قبل بعض الطلبة، يوثق ما نشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات وصور، لحالات تنمر واعتداء تقع داخل أسوار المدارس.
ويغص "الشارع الالكتروني" بالعديد من فيديوهات تحوي الخير والشر ما يغوي المتلقي بالتكرار والتقليد والمحاكاة، وتخزينها بالذاكرة، واستدعائها كخبرة منحرفة عند أي فرصة أو لحظة مشابهة.
أسباب كثيرة وراء حب تصوير أشكال التنمر في المدارس- والذي يعد فيه المصور شريكا في الاعتداء، أبرزها البحث عن الفضائحية، والتباهي بالاستقواء على الآخرين، وفقا لاكاديميين، هذا التباهي نابع من قلة الوعي والأخلاق، والجهل بالنواحي القانونية.
"تشاجر ابني مع زميل له في الصف" قالت أم محمد من محافظة الكرك، وتابعت:" بعدها بيومين تفاجأنا بأحد أقاربنا يخبرنا عن وجود مقطع فيديو يصور ابني أثناء المشاجرة".
وأشارت الى أن المشكلة ازدادت تعقيدا عندما علم ابنها عن نشر المشاجرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلم يحتمل هذه الإساءة مجددا، خاصة أنه من أوائل المدرسة ووالده مدرس فيها.
وقالت إنهم تقدموا بشكوى للجهات الأمنية، على من قام بتصوير ابنهم ونشر المقطع على مواقع التواصل، وبدأ أهله بمحاولات الصلح لإسقاط الشكوى، معتذرين لنا عما بدر من سوء فعل ابنهم.
الخبيرة التربوية انتصار أبو شريعة قالت أحد أهم أسباب زيادة نسبة التنمر في مجتمعنا العربي والأردني هو الاستخدام الخاطئ للوسائل التكنولوجية في الآونة الأخيرة، فمع انفتاح المجتمعات نحو العولمة، أصبح من الصعب إقصاء أبنائنا عن هذه الحالة التي يعيشها العالم أجمع.
وأضافت " نحن ضد الاستخدام السيء للهواتف الذكية، ومسؤولون عن توعية الطلبة بكيفية استخدامها بشكل صحيح، لضمان عدم تعرضهم لمشاكل نفسية واجتماعية وأخلاقية.
واشارت الى وجود منصات تعليمية وتربوية لتوعية الطلبة بهدف تطوير شخصياتهم وتوسيع مداركهم من خلال تفعيل التعلم عن بعد عبر وسائل التكنولوجيا المختلفة، وعدم الاقتصار على وسائل التعليم القديمة والتقليدية التي تعتمد على التلقين.
وأعربت أبو شريعة عن أسفها أن الطلاب لم يصلوا لهذه الغاية بعد، فمعظم استخدامهم للهواتف الذكية يكون لممارسة عادات خاطئة، والانشغال بألعاب ذات أبعاد نفسية خطيرة تزيد من العنف المجتمعي.
"ومن أخطر هذه الاستخدامات هي تصوير أحد الزملاء وهو في حالة ضعف أمام من تنمروا عليه، ونشر هذه الفيديوهات أو الصور على صفحات التواصل الاجتماعي ومشاركتها مع الأصدقاء للاستهزاء به، أو تصويره بهدف تهديده وابتزازه، واستغلال ذلك الدليل ليقدم تنازلات تخضع لرغباتهم مستقبلا، ولهذا مردود نفسي شديد على المتنمر عليه.
وقالت ان هذه المشكلة من أصعب المشاكل التي واجهتها أثناء عملها، موضحة أن الهواتف الذكية سلاح ذو حدين، والعديد من الطلبة يستخدم الحد الجارح منه لإيذاء الآخرين وتصويرهم في حالات غير مقبولة اجتماعيا.
وبينت ان الابناء قد يلحون على ذويهم لامتلاك هاتف ذكي والتباهي به أمام الزملاء لحماية انفسهم ربما من ممارسة التنمر عليهم، أو ربما للتباهي أمام الزملاء الذين يعايرونه بأنه ما زال طفلا بنظر أهله، فيسعى لامتلاك الهاتف النقال ليظهر أمامهم بمظهر الإنسان القوي والمستقل.
وشددت على أهمية تكرار حملات التوعية لليافعين عن الجرائم الالكترونية وضررها وضرر الهواتف النقالة، وطرق الاستخدام السوي لها، مشيرا الى دور المعلم الفاعل، خاصة ان اساليب الزجر والردع لم تعد نافعة.
يتبع .... يبتع --(بترا)