الاذاعات المحلية وحرية التعبير !!!

نايل هاشم المجالي

تعد الاذاعات المحلية من اكثر وسائل الاتصال سهولة وكحلقة وصل بين المواطن والمسؤولين في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية ومختلف القطاعات لتوصيل صوته ومشكلاته وملاحظاته .

حيث ان التواصل مع المسؤولين من خلال هذه الاذاعات لا يكلف المواطن كثيراً ، فاتصال تلفوني او رسالة نصية كافية لتوصيل مشكلة المواطن للمسؤول ، ليقوم المعني في هذه الاذاعة المحلية بالتواصل مع المسؤولين لايجاد حل لمشكلته حيث ان الاعلام قادر على التأثير باسلوب او بآخر على المسؤول .

وكلنا يعلم ان هناك الاخلاقيات التطبيقية للاعلام والتي تتعلق بالمباديء والمعايير الاخلاقية الخاصة بالاعلام واصول التواصل والحوار الهادف البناء وعدم التلاعب بالخبر او المشكلة لاحراج المسؤول فمن الممكن ان يكون التلاعب مقصوداً او من غير قصد او ان المواطن الذي يطرح مشكلته يهدف الى الاساءة لشخص او مسؤول معين .

اي ان هناك من يوجه مواطنين لطرح العديد من المشاكل على مسؤول ما بهدف الاساءة اليه وفي اكثر من محطة اذاعية ، اي ان الاذاعات المحلية اصبحت مستهدفة وتستخدم للاساءة للمسؤولين ، او لاغتيال شخصية ما او الشكوى على منتج او محل معين بتزوير الفواتير او المعاملة وغيره .

وهذا يحدث في كثير من الاذاعات المحلية دون رقيب او حسيب على ذلك من الجهات المسؤولة كذلك فان كثير من الاذاعات المحلية اصبحت تنتهج اسلوب التسول من باب المساعدة لكثير من المواطنين الذين اصبحوا يمتهنون اسلوب الشحدة ، معللين ذلك بصعوبة ظروفهم المعيشية لدفع الفواتير للكهرباء والماء عنهم دون التحقق من صحة معلوماتهم ، خاصة ان هناك مديريات تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بامكانها التحقق الكترونياً من الحالة الاجتماعية لكل مواطن ومدى استحقاقه للدعم المالي وهل هو صادق ام كذاب ، كما وان كثيراً من المواطنين ورغم تدخل المذيع يتهجم باسلوب غير لائق على المسؤول ويتهمه بالتقصير او التحزب وعدم العدالة .

كما وان هناك الاعلام الترفيهي لكثير من برامج هذه الاذاعات والتي يتناول المواضيع باسلوب المسخرة والفكاهي والتقليل من الشأن ، لتصبح كثير من المحطات الاذاعية منفلته الحرية دون رقابة مسؤوله ، ولا احد يعترض في ظل الديمقراطية للدولة في حرية التعبير لكن ان لا تتجاوز الاخلاقيات والمباديء الصحفية والاعلامية او ان لا تكون هناك ضوابط اعلامية .

حتى ان هناك بعض الاعلاميين في هذه المحطات الاعلامية يتعامل مع المسؤول وكأنه موظف لديه يحاسبة ويريد ان يحاكمه ويقلل من شأنه بطريقة يريد فيها ان يفرض نفسه باسلوب فوقي ، ويتبجح في المجالس على انه يستطيع ان يحرق اي مسؤول وتصغيره وجعله يستجيب المطالبه الشخصية وهكذا ، اي اصبح هذا النوع من الاعلام لبعض الاذاعات اعلام غير منضبط بالتعامل مع المسؤول حتى انه لا يقبل التعامل مع مدير الاعلام بالوزارة الا مع كبار المسؤولين فيها ، وهذا الاسلوب كما يعلم الجميع هو مصدر دخل للاذاعة سواء من المكالمات او حجم الاعلانات ، كون لها جمهور عريض من المستمعين اي انها تجارة مربحة على حساب المسؤولين الذي كثير منهم يرضخ للامر الواقع ، علماً بان اخلاقيات الاعلام تهتم بالتذوق الحسي لحرية التعبير واسلوب الحوار فهناك راصد ومرصود .

فالصحافة اياً كان نوعها هي احد الاوصياء الاساسيين في المجتمعات الديمقراطية مع شفافية الطبيعة المتباينه لاهدافها ، حتى لا تكون هناك مشكلة اخلاقية في الطرح والاساءة بقصد او بدون قصد .

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك قانون او بلاغ رسمي يجبر المسؤول على الرد على كافة الاستفسارات لهذه المحطات الاذاعية والتي تجاوز عددها كثيراً ، وهل لديه الوقت الكافي ليتفرغ لذلك ويحاور المذيع والمواطن لوقت طويل ، ولماذا لا يقوم المواطن بالاتصال مع نفس المعنيين بالوزارة لعرض مشكلتهم اياً كان نوعها وليس كما يفعل باسلوب الشكوى والتهجم على تلك المؤسسات من خلال تلك الاذاعات ولماذا لا يتم عمل خط ساخن من قبل الحكومة في ديوان المظالم ، يتقبل شكاوي المواطنين وليقوم بصفة رسمية باستكمال المعلومة رسمياً وقانونياً وتحويلها للوزارة المعنية ، حتى ولو كان هناك اذاعة مفتوحة تابعة لديوان المظالم تستقبل تلك الشكاوي وتتحقق من اصحابها ومدى صدقهم .

المطلوب عملية ضبط وتنظيم وتنسيق وتحديد مرجعية رسمية ، لاستقبال شكاوي المواطنين ومتابعتها بعد التحقق من صحتها واستكمال الاوراق الخاصة بها .

حيث ان لهذه الجهة الرسمية الحق بالتساؤل والاستفسار من جهات رسمية اخرى عن طبيعة وصحة الشكوى ، وهذا ليس من باب قطع الارزاق لاي دخل لمحطات الاذاعة الخاصة بل لغايات تنظيمية وضبط الامور من الفلتان الاعلامي الغير منضبط .

حيث اننا اصبحنا نتحدث عن اخلاقيات مهنية لاعلام اختباري جديد تتداخل فيه الحزمة المهنية مع الهواية الصناعة مع التجربة والضوابط مع الانفلات والمهنة مع التسلية والصحافي المهني ، مع المواطن لاستقبال المكالمات والشكاوى او طرح الافكار والاراء والتعليق عليها في ظل وجود مجتمع المعلومات او مجتمع الاعلام .

فعلينا في بيئة كهذه ان نطبق الاخلاقيات المهنية من اجل التمييز بين ما هو جيد وما هو سيء ، وبين ما هو مقبول او غير مقبول وان يكون الصحفي الاعلامي على قدرة من الكفاءة والادراك لما هو مقبول او غير مقبول ، مدركاً الخطأ من الصواب في السلوك المهني .

Nayelmajali11@hotmail.com